: آخر تحديث

رحالة

57
49
54
مواضيع ذات صلة

"رحالة" عنوان رواية أولغا توكارتشوك البولندية الحائزة على جائزة نوبل والتي حازت على بوكر عن هذه الرواية في نفس السنة.

رحالة رواية عجيبة، ليست كأي رواية قرأتها من قبل. كأن الراوية تمسك بصندوق عجائب وتخرج لنا في كل مرة حكاية، حكاية بشكل ما متعلقة بالسفر، تفتنك كل الحكايات، لأنها غريبة، مليئة بالأحاسيس والأسئلة، كل الحكايات دنيا مصغرة، كي تصبح الرواية في النهاية العالم الكبير.

أنا المفتونة بالسفر كان لابد أن يفتنني هذا الكتاب، أردد دائماً أنني أحب المطارات، ما عادت تقلقني ساعات الانتظار الطويلة، وأنا أقرأ حكايات أولغا تخيلت أنها ستذكر حكايتي، وتمنيت أن تحكيها، أردت أن أسمع حكايتي من وجهة نظرها، وبطريقتها. تتأملني وأنا ساهمة في أحد المطارات بدون أن أشعر كما تقول هي، أنها تشعر بأنها غير مرئية، تلاحق الناس بنظراتها، تراقبهم ولا يشعرون. وتكتبني.

في الرواية تقول هذه الجملة التي أؤمن بها، لكن أولغا دائماً تملك طريقة أفضل لقول ما نريد أن نقول "أدركت أن الشيء المتحرك، رغم كل المخاطر، يظل دائماً أفضل من الشيء المستكين، أن التغير يظل دائماً أنبل من الديمومة، أن الساكن سيتفكك ويتحلل، يتحول إلى تراب، بينما المتحرك قادر على البقاء إلى أبد الآبدين".

في حوار معها حول روايتها تذكر كيف أن الرحلة الأولى في حياتها حين كانت طفلة وذهبت إلى النهر الذي يبعد كيلومترين عن البيت بمفردها، كان السفر الأول، الانتقال الأول، المغامرة الأولى، التي شعرت معها أنها تكتشف العالم، وتشعر فيه بالأمان والثقة في ذات الوقت.

الرواية بالإضافة إلى الحكايات المختلفة لأناس على سفر، مليئة أيضاً بالنظريات، بالمعلومات، بعلم نفس السفر، إن كان هناك ما يصح أن نسميه علم نفس السفر، هي التي تعتبر علم النفس أرضاً زلقة وأن النفس موضوع دراسة بالغ الهشاشة.

الراوي في الرواية هو الكاتبة نفسها، نشعر بذلك معظم الوقت، راوٍ له خبرة في الحياة ونظرة عميقة متفهمة يحاول أن ينقلها لنا مع الحكايات التي يرويها، لكن الكاتبة تعترف أن الراوية تمثلها في معظم الأحيان، لكن أحياناً كانت تترك لها الخيار في قول شيء مختلف، حرية الكتابة، أو جنونها، هذا ما يجعل الكتاب يعشقون الكتابة، هذا ما تقوله أولغا وأبصم عليه بالعشرة.

بولندي يضيع زوجته أثناء رحلتهم في كرواتيا، بروفيسور يلقي محاضرات عن تاريخ أثينا في رحلات كروز، أم روسية تتعب من ملازمة وتطبيب ابنها سنوات طويلة تقرر الهرب من حياتها، طبيب ألماني مهووس بحفظ الأعضاء يسافر ليقدم ورقة عن سائل حفظ الأعضاء.. هذه شريحة من الحكايات، صندوق العجائب. افتحوا صندوق أولغا. وتوغلوا معها في حيوات الناس.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد