: آخر تحديث

هل فقد الدولار مكانته وأهمية الارتباط به؟

59
52
49
مواضيع ذات صلة

صدر تقرير (غولدمان ساش) منذ أسبوع والذي يحذر فيه من أن يفقد الدولار مكانته كأكبر احتياطي نقدي في العالم يشكل 62 % من مجموع الاحتياطيات، بسبب السياسة النقدية الأميركية التي أدت لارتفاع أصول الفيدرالي الأميركي بحوالي 2.8 ترليون دولار (بنك أوف أمريكا يتوقع أن يصل أكثر من 4 ترليونات) والتي ممكن أن ترفع معدلات التضخم على حساب قيمة الدولار وارتفاع الديون للاقتصاد الأميركي، وهذا يفتح تساؤلاً حول سلامة بقاء سعر صرف دول كثيرة مع الدولار ومن ضمنها المملكة.

بالنظر للتاريخ منذ العام 2000 حتى الآن فقد كان وزن الدولار كاحتياطي للعملات يترواح ما بين 70 % - 60 % مروراً بكل الأزمات الاقتصادية التي حدث خلال تلك الفترة، وشهدت أضخم فترة لارتفاع أصول الفدرالي الأميركي بعد الأزمة المالية عام 2008 حين ارتفعت أصوله من 750 ملياراً إلى 4 ترليونات دولار دون أن يتأثر وزنه كاحتياطي للعملات، وهي أضخم زيادة حدثت حيث تضاعفت أصوله خمس مرات قياساً بارتفاع أصوله هذا العام بنسبة 70 % (من 4 ترليونات إلى 6.9).

لو ننظر لأصول البنوك المركزية العالمية يبقى الفدرالي الأميركي قياسًا بالناتج المحلي الأقل في نهاية 2019، مثلًا اليابان حجم الأصول للناتج المحلي تبلغ 100 % والاتحاد الأوروبي 40 % وبريطانيا 22 % بينما الولايات المتحدة 20 % والآن بعد الزيادة 34 %.

هذا كل يعود بفضل سرعة نمو الاقتصاد الأميركي قياسًا بهذه الاقتصاديات حسب بيانات IMF، انخفض وزن اليورو كاحتياطي من 30 % إلى 20 % وبقى الوزن الدولاري كما هو وذلك بفضل هذا النمو الاقتصادي ووزن التجارة الأميركية البالغة 15 % من التجارة العالمية وانعكست ضخامة المؤسسات الأميركية من بنوك وشركات حول العالم بأن تجعل مجموع التجارة الدولارية 45 % من التجارة العالمية.

لذلك نهجت الدول النامية الصناعية أن تحافظ على تذبذب محدود بين سعر صرف عملتها والدولار مثل الصين كان تذبذب سعر الصرف بحدود 5 % منذ العام 2010 وكذلك (الون) الكوري بحدود 4 % و(الين) التايواني 3 % (المصدر بلومبرغ)، والسبب أن هذه الدول تدرك أن أغلب المدخلات الصناعية من استثمارات ومواد خام مسعرة بالدولار، وكذلك أغلب الأسواق الاستهلاكية كذلك، صحيح أن تقليص سعر العملة المحلية يشجع الصادرات لكن بشكل هامشي وللصناعات البسيطة، لذلك نجد دولة مثل الصين رحلت الكثير من الصناعات البسيطة إلى فيتنام وإندونيسيا بعد ارتفاع دخل العامل الصيني وقدرته ورفعت إنفاقها في تعزيز القيمة المضافة في البحث والتطوير، وتعد هذه الثلاث دول من أعلى الدول من حيث الإنفاق للناتج المحلي (كوريا 4.8 %، الصين 2.2 %، تايوان 3.2 % حسب البنك الدولي) وتوجهت لصناعة السيارات والسفن والأجهزة الذكية.

حتى التخوف من ضغوط تضخمية حول الدولار حوله تساؤلات، مثلاً الإنفاق الكمي في اليابان فشل في صنع تضخم يتجاوز 1 %، عموماً على المدى القريب صحيح يوجد احتمال كبير لارتفاع التضخم مع ارتفاع الادخار نتيجة الحظر خلال الربع الثاني والذي يقدر بحوالي 25 % لمتوسط الدخل للفرد في الولايات المتحدة (تقديرات UBS) والتي ممكن أن تصنع طلباً مرتفعاً يؤثر على الأسعار في ظل بطالة عالية حاليًا لكن على المدى المتوسط والطويل ممكن أن يعود التضخم لمستويات منخفضة، وفي السنوات التي تلت الأزمة المالية برغم الإنفاق الكمي الضخم في الولايات المتحدة خلال العقد الأخير كان حجم التضخم محدوداً بحدود 1.5 % سنويًا.

لكن ماذا عن المملكة وارتباطها بالدولار، أولًا لو ننظر للواردات فإن الواردات المباشرة من الولايات المتحدة والدول المرتبطة بالدولار وذات الارتباط غير المباشر فإن النسبة تصل إلى 60 % والصادرات من بترولية ومشتقاتها وبتركيميائية ومعادن جميعها مصدرة بالدولار تتجاوز 90 % (هيئة الإحصاءات العامة)، ثانياً حجم سعر الريال الحقيقي حسب القياس الحقيقي REER تراوح ما بين 120 % إلى 90 % ما بين عامي 2000 و2019 حسب بنك التسويات، وهو تذبذب نسبي، ثالثاً مؤسسة النقد لا يبدو أنها تخسر في مواجهة المضاربات على الريال، لأن من يراهن في المشتقات المالية على نزول سعر الريال يخسر، بل هي كانت فرصة لبعض المؤسسات السعودية للكسب على حساب تشاؤم صناديق التحوط العالمية مثل Pershing Square الذي تأثر سالباً من رهانه السلبي على الريال عام 2015.

المصدر الأساسي الذي ممكن أن يؤثر هو استمرار عجز الموازنة، ولكن لسنوات ممكن تكون طويلة يمكن خلالها أن تنوع المملكة اقتصادها ومواردها وسط الثقة بعملتها لتعزيز الاستقرار النقدي واستقرار الأسعار حسب تقرير (موديز) (التقرير قبل فرض ضريبة VAT) ولو نعود للتاريخ فقد نفذت احتياطيات المملكة منذ العام 86 واستمر الارتباط الذي شجع نمو القطاع الخاص في التسعينات الميلادية وسط الثقة باستقرار أسعار الصرف، لكن طباعة الريال ستؤدي لخروج رؤس الأموال وضغط على الاحتياطيات وارتفاع تكلفة الاستدانة وانخفاض قيمة الأصول للشركات والأفراد والأسوأ هو ثقة المستثمرين.

انظروا للدول البترولية التي فكت ارتباطها مثل (روسيا ونيجيريا وكازاخستان) كيف انخفضت أسعار عملاتهم ما بين 80 % إلى 40 %، وعموماً أغلب الدول التي فكت ارتباطها كانت مرغمة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد