: آخر تحديث

دافوس.. المناخ واتساع عدم المساواة  

61
68
53
مواضيع ذات صلة

  هيثر لونج

لم يحضر المرشحان «الديمقراطيان» الرئاسيان بيرني ساندرز وإليزابيث وارين الاجتماع السنوي لأصحاب المليارات ونخب العالم في مدينة دافوس السويسرية، لكن كثيرين من المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي يشعرون بالقلق من دعوة السيناتورين إلى فرض ضرائب على الأغنياء وتفكيك الشركات الكبيرة وإبرام صفقة خضراء جديدة. صحيح أن هناك رغبة لدى نخب العالم في التغيير، لكن ليس إلى الحد الذي يريده المرشحان «الديمقراطيان»، وهيمن على المنتدى الاقتصادي هذا العام مناقشات عن كيفية معالجة تغير المناخ والتفاوت الكبير في الدخول. وقادة الشركات الكبيرة يحرصون على إظهار أنهم يقومون بشيء حيال أكبر مشكلات العالم، دون الحاجة إلى تغيرات سياسية شاملة، كتلك التي يقترحها «ساندرز» و«وارين».
ويرى «كولين ماير» أستاذ دراسات الإدارة في جامعة أوكسفورد، الذي كان ضمن الحضور في دافوس «النشاط الاقتصادي قلق حقاً من احتمال وصول إدارة شديدة اليسارية إلى السلطة تفرض وسائل مختلفة للغاية للعمل». وهناك اعتقاد شائع بأن الشعبوية والدفاع عن المناخ قضايا تظل مهمة بصرف النظر عمن سيفوز بالرئاسة الأميركية خريف العام الجاري. وكتب جريج فاليير المفكر الاستراتيجي البارز في السياسة الأميركية في شركة «ايه. جي. إف. انفستمنت» لإدارة الأصول في بيان إلى العملاء، ملخصاً التغير في المزاج: «الشباب تحولوا بشدة إلى اليسار».
وإلى جانب الرئيس دونالد ترامب، كانت الناشطة السويدية جريتا تونبيرج البالغة من العمر 17 عاماً من بين أكثر الأشخاص لفتاً للانتباه في المنتدى الاقتصادي لهذا العام. والعام الماضي، سافرت تونبيرج إلى دافوس بالقطار لتخبر زعماء العالم أن تغير المناخ خطأهم. والعام الماضي أيضاً، ترددت أصداء رسالتها حول العالم، حين ترك الطلاب المراهقون فصول الدراسة، وشاركوا في مسيرات تؤيد اتخاذ إجراءات أكبر لمعالجة تغير المناخ. وطلب هؤلاء الطلاب من آبائهم تغيير الواقع. وذكرت «ريتشل كيت» عميدة كلية فليتشر في جامعة تافتس الأميركية ومبعوث البنك الدولي الخاص السابق لتغير المناخ، أن الرؤساء التنفيذيين للشركات لديهم أبناء وأحفاد، وأنها سمعت قصصاً كثيرة عن سؤال الأبناء للمديرين التنفيذيين عما سيفعلونه تجاه تغير المناخ.
وينصت المديرون التنفيذيون، فيما يبدو، لهؤلاء الشباب الذين يؤيد كثيرون منهم السياسيين التقدميين. وكتب «لاري فينك»، رئيس شركة «بلاكروك»، وهي الأكبر في العالم لإدارة الأموال، رسالة قُرئت على نطاق واسع، حث فيها زملاءه من القيادات الاقتصادية على النظر إلى تغير المناخ باعتباره مخاطرة مالية. وأشار إلى أن شركته ستأخذ مخاطر المناخ في الاعتبار عند اتخاذ قرارات في الأنشطة الاقتصادية التي تستثمر فيها، وأشار بشكل خاص إلى احتجاجات المناخ في سبتمبر الماضي، التي قادها الشباب، باعتبارها دليلاً على أن القضية لن تختفي. وكتب فينك الذي حضر منتدى دافوس يقول: «الوعي يتغير بسرعة، وأعتقد أننا على حافة إعادة هيكلة محورية للتمويل».
ويشيع بين القيادات الاقتصادية شعور بأن تغير المناخ لا يمكن إنكاره الآن. فقد اختتم العام الماضي أكثر عقود العالم حرارة في السنوات التي تم تسجيلها، والحوادث المتطرفة مثل حرائق الغابات في أستراليا أصبحت أكثر تواتراً. وللمرة الأولى، تصدر «الفشل في الاستجابة لمشكلة المناخ» قائمة المخاوف بين الزعماء الدوليين في مسح المخاطر في المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي يشمل أكثر من 1000 من أصحاب الأعمال البارزين والشخصيات السياسية. والقضايا البيئية تتفوق في الاهتمام بها على الهجمات الرقمية والأمراض وعدم المساواة والقضايا الجيوسياسية.
والمصطلح الأعلى طنيناً في دافوس هذا العام، هو «رأسمالية حملة الأسهم» ويقصد به أن الشركات تتحمل مسؤولية تجاه البيئة والمجتمع أكثر من مجرد تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح. وهناك انتقادات، منذ فترة طويلة، بأن النخب يأتون إلى دافوس بقائمة نقاط نقاشية، لكنهم لا يغيرون في الواقع ممارساتهم. لكن كيت، عميدة كلية فليتشر، عبرت عن تفاؤل نسبي فيما يتعلق بالتصدي لتغير المناخ. فحتى شركات الطاقة والأسمنت والشحن الكبيرة تتسابق على إظهار أنها أكثر نظافة من غيرها. وتعلم هذه الشركات أنه من المرجح أن تستهدفهم لوائح جديدة، وأن المستثمرين لن يضخوا أموالهم لديهم ما لم يتطوروا. ويتزايد زعماء الأنشطة الاقتصادية إدراكاً بأنه لن يكون هناك مفر ذات يوم عن دفع ثمن ما لانبعاثات الكربون، ربما في صورة ضريبة كربون. والبعض يحاول الاستعداد لهذا الواقع الآن ويساعد في صياغة السياسات.
ويرى كثيرون في دافوس أن عدم المساواة تمثل قضية أصعب على نحو من الأنحاء. فهناك أكثر من 100 ملياردير في قائمة الحضور الرسمية في المنتدى. والعام الماضي، حيث سئل أصحاب المليارات هؤلاء عن كيفية معالجة تفاوت الدخول، ذكر الجميع تقريباً أن الحل يتمثل في تعزيز المهارات من خلال تحسين التعليم والتدريب. لكن لا يريد إلا قلة هنا الحديث عن دفع المزيد من الضرائب لتمويل هذه البرامج. ومع تركيز مرشحين مثل ساندرز ووارين الضوء على أصحاب المليارات ومع نزول محتجين إلى الشوارع في سويسرا يرفعون لافتات تندد بالأغنياء، أصبح هناك إدراك أن العطاء للمؤسسات والجمعيات الخيرية لم يعد كافياً.

*صحفية أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

 

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد