: آخر تحديث

جيل الألفية

66
72
58
مواضيع ذات صلة

 انتصار البناء

يمكننا وصف الطفلة السويدية، والناشطة البيئية (غريتا تونبرغ) بأنها صارت تمثل ظاهرة حقوقية قد تؤسس لثقافة جديدة وأنشطة رائدة ذات علاقة بطبيعة الأجيال القادمة. فالطفلة تتميز بثقافة متميزة وطلاقة ملفتة وهي شجاعة جدا بالنسبة لعمرها (16) عاما. وأقوى مصادر القوة الذاتية التي تمتلكها غريتا هو قدرتها الفريدة على التأثير في الآخرين سواء على مستوى أقرانها أم قيادات العالم السياسية والثقافية، مما جعل الكثيرين يعتبرونها واحدة من أبرز قيادات الجيل الجيل القادم.

غريتا هي واحدة من أبناء (جيل الألفية)، وهذا الجيل يؤطر بمواليد ما بين عامي (1990 إلى 2010م)، إذ بحلول العام (2020م) سيشكل هذا الجيل نصف القوى المؤثرة في الكرة الأرضية، حيث سيكونون هم الطلبة في جميع المراحل الدراسية، وسيمثلون نصف القوة العاملة في مختلف مجالات العمل، وهذا يعني أن الأعوام القادمة سوف تسم الكرة الأرضية بسمات هذا الجيل التي هي سمات عصر الألفية ذاتها.

هذا العصر يتميز بالسرعة الفائقة في الإيقاع، ونمط التغير الدائم، والضبابية في الولاءات الأسرية والوطنية في مقابل نمو الروح الفردية والاتجاه نحو المواطنة العالمية وتبني الثقافات الجديدة، كما يتميز هذا العصر بالاتفتاح الكامل لكل الحدود والقدرة الفائقة على امتلاك المعرفة وتطبيقها وإعادة إنتاجها دون اللجوء إلى الوسائط التقليدية كالمدرسة أو الأسرة.

والتحدي الخطير الذي يواجه جيل الألفية هو أزمة «الأرض»، من حيث تآكل بنية الكوكب بفعل أزمة المناخ التي نخرت فيه طويلا، وقرب نضوب الموارد الطبيعية بفعل الاستهلاك المسرف من البشرية لها في المائة عام الماضية، مما يعني أن الأجيال القادمة ستعاني صحيا وماديا وقد تكون مهددة بفناء الطابع الحضاري لمستقبلها، ولذلك كان أحد شعارات غريتا (إنكم تسرقون مستقبلي)، بالتالي فإن أهم مسؤوليات جيل الألفية ستكون الحفاظ على الكوكب وموارده للأجيال القادمة.

وإذا كان الغرب مدركا لهذا التحول في سمات الأجيال ومسؤولياتها، فتقبّل بذلك نشاطات (المراهقة) غريتا، وتفاعل معها بالإضرابات المتعددة للمدارس، ودعم حملاتها الاحتجاجية ورحلاتها التوعوية، فإن الأمر يبدو بعيدا عن ذلك جدا في عالمنا العربي، مما سيزيد الهوة الحضارية بيننا وبين الغرب.

كيف نعد أبناءنا للانخراط مع جيل الألفية بسماته وطموحاته الجديدة؟، هل نكتفي بتركهم يبنون قناعاتهم بوسائل التواصل الاجتماعي؟، هل نحن قادرون على بناء نظم تعليمية وثقافية تمكنهم من اكتساب الوعي الحضاري المطلوب منهم كي يكونوا جزءا من المستقبل؟، وهل ندرك أولوياتنا لمرحلة جيل يختلف كليا عما نعيش عليه الآن؟.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد