: آخر تحديث

هل تيار الإسلام السياسي مقاوم؟   

64
69
63
مواضيع ذات صلة

انتصار البناء  

 في خضم المطالبات بإصلاح النظام السياسي، وإعادة بناء مفهوم الدولة وشكلها وهويتها، في كل من العراق ولبنان، تطرح قضية استثناء تيار (المقاومة) من أي تعديل أو حتى نقاش، بل إن عناصر من حزب الله وحركة أمل في لبنان وميليشيات متعددة من العراق اعتدت على بعض المتظاهرين وتهجمت على الحراك الجماهيري ووصفته بالتدخل الخارجي والفتنة، ما يستدعي فعلاً إعادة قراءة مفهوم المقاومة وتتبع سيرورتها وحراكها في تلك الدول وفي الواقع السياسي العربي، واستشراف مستقبلها في ظل اتجاه الأحداث في المنطقة وتغير وعي الشعوب وأولوياتها.

في البدء ليس ثمة خلاف على القضية الفلسطينية، ولا على حماية الأوطان من أي اعتداء خارجي، ولكن حمل السلاح وإعلان الحرب والسلم هو من المهام الجوهرية للدولة، ووجود الميليشيات والعناصر المسلحة الأخرى، التي تخوض حروباً منفصلة هو أخطر علامات اضمحلال الدولة وتفككها.

القضية الثانية هي: احتكار تيار الإسلام السياسي لمفهوم المقاومة كامتداد لمفهوم (الجهاد)، علماً بأن جميع الحركات التحررية في الوطن العربي ضد الاستعمار، وجميع حركات المقاومة الفلسطينية بدءاً من ثلاثينات القرن الماضي لم تكن ترفع شعاراً دينياً وكانت شعاراتها وطنية وتقدمية شارك فيها المسلمون والمسيحيون من جميع الطوائف.. فكيف تمكنت أحزاب الإسلام السياسي من اختطاف فكرة المقاومة واحتكارها؟

بتشريح بسيط للتكوين الفكري وللبناء الهرمي لحركة حماس وحزب الله والحشد الشعبي، فإنها أجنحة عسكرية لأحزاب أيديولوجية تعتنق ولاءات عابرة للأوطان، ويتربع على رأس الهيكل الهرمي (مرشد أممي) يدين له أعضاء الفروع بالولاء والطاعة، والبرنامج السياسي والاقتصادي لرأس الهرم لا تقتصر أولوياته على مصالح الدول المتعددة، بل على المصلحة العليا للتنظيم نفسه، فالحسابات الاستراتيجية للمرشد في مقر رئاسته ستختلف عن الحسابات التفصيلية للمواطن في فلسطين ولبنان والعراق، وبالتالي، فإن حسابات المرشد (التنظيمية) ليست حسابات وطنية، ما يستدعي إعادة دراسة فلسفة المقاومة في كل دولة واتجاه مصالحها الحقيقية، وتحديد المستفيدين الحقيقيين منها.

إن تورط حركات المقاومة في صراعات سياسية فاقم الانقسامات داخل دولها، مثل: انقسام فتح وحماس، واستقلالية حزب الله والحشد الشعبي، وهذا لن يدعم أي فكرة تحررية أو دفاعية، لأن هذه الحركات عبّرت مراراً أنها تقاوم العدو وظهرها (الوطني) غير آمن، ما استدعى تورطها في اشتباكات داخلية مع عدة جهات.

أما اليوم وتيار المقاومة يقاوم مطالب الشعوب العربية بالإصلاح السياسي والاقتصادي، ويستثني نفسه من التغيير، فإنه يضع على المحك مصير التصورات المثالية لفكرة المقاومة في وجدان الشعوب العربية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد