: آخر تحديث

الطريق إلى مستقبل مستدام للنفط

72
77
73
مواضيع ذات صلة

نعمت أبو الصوف 

هناك شبه إجماع على أن البيانات العلمية المتعلقة بتغير المناخ حقيقية. نعم هناك بعض التحفظات عليها من البعض، لكن البيانات التي يتوصل إليها علماء المناخ يوما بعد يوم تؤدي إلى النتيجة نفسها: هناك تغير مناخي. يعزى السبب الرئيس لهذه الظاهرة إلى انبعاث أكاسيد الكربون في الغلاف الجوي العلوي ما تسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري.
السؤال هنا: كيف يمكننا تقليل انبعاثات أكاسيد الكربون، دون الإضرار بشكل كبير بأسلوب حياتنا أو عرقلة التنمية في الاقتصادات الناشئة؟ هذه هي المعضلة التي تواجهنا. يتوسع النمو السكاني ومن المتوقع أن يصل إلى تسعة مليارات بحلول عام 2035. من المتوقع أن

يصل استهلاك الطاقة الأولية إلى نحو 17 مليار طن نفط مكافئ Ton Oil equivalent بحلول هذا الوقت. هذا النمو سيكون مدفوعا بالنمو الاقتصادي في دول، وبالدرجة الأولى الصين والهند. المصادر الرئيسة لتلبية هذا الطلب على الطاقة الأولية هي: النفط، الغاز، الفحم، الطاقة المائية، الطاقة النووية والطاقة المتجددة. في هذا الجانب، توضح توقعات "أوبك" وشركة بريتيش بتروليوم وغيرها لعام 2040 أنه على الرغم من الجهود الجارية، إلا أن نحو 80 في المائة من الطاقة الأولية ستظل تنتج عن طريق الوقود الأحفوري.
إن البحث عن بدائل للهيدروكربونات والفحم كوسيلة أساسية للطاقة ينطوي على عديد من التحديات، لكن بشكل عام يمكن تقليصها إلى التكلفة وتقبل المستهلك. الطاقة النووية هي أبسط طريقة لتوليد الكهرباء دون انبعاث أكاسيد الكربون. ومع ذلك، فهي مكلفة ويخشى السكان من احتمال انبعاثات الإشعاع. إلى أن يجد العالم طريقة لإنتاج الطاقة النووية دون التعرض لخطر الإشعاع أو انتشار البلوتونيوم المستخدم في صناعة الأسلحة، من غير المرجح أن يكون هناك ارتفاع كبير في محطات الطاقة النووية.
وتعاني المصادر المحتملة الأخرى الخالية من الكربون مثل الألواح الشمسية ومولدات الرياح المشكلة نفسها، حيث لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كامل وتنتج كهرباء بشكل متقطع. لذلك، يجب دعمها بواسطة محطات الوقود الأحفوري. الأشكال الأخرى من إنتاج الطاقة الأولية هي الطاقة المائية، التي تتقطع وتعتمد على هطول الأمطار، وطاقة المد والجزر، وهو أمر ممكن لكنه غير اقتصادي في الوقت الحالي. ستساعد تقنية البطارية (خزن الطاقة) على سد الفجوة للأوقات التي لا تكون هناك رياح أو شمس. لكن بالقدر نفسه، تحتاج هذه التكنولوجيا إلى مزيد من التطوير وخفض التكاليف قبل أن تصبح قابلة للتنفيذ على نطاق واسع لإحداث اختراق.

ثم نأتي إلى أنواع الوقود المتجددة. هذه هي واحدة من أكثر الطرق المثيرة للجدل لتقليل انبعاثات أكاسيد الكربون في الغلاف الجوي. ليس من السهل تبرير الاستيلاء على الأراضي الزراعية لزراعة المحاصيل التي نحرقها في قطاع النقل. علاوة على ذلك، فإن أسعار الزيوت النباتية الأساسية أعلى بكثير من الوقود الهيدروكربوني؛ يبلغ سعر زيت النخيل نحو 1.25 مرة أعلى من سعر خام برنت وزيت بذور اللفت نحو 1.8 مرة أعلى من سعر خام برنت. أخيرا بدأ المشرعون في إدراك ذلك، على سبيل المثال يسعى الاتحاد الأوروبي من خلال بعض المبادرات مثل EU RED II إلى تحفيز الوقود الحيوي المتقدم الذي لا ينافس المحاصيل الزراعية. والنتيجة غير المقصودة للدفع باتجاه الوقود الحيوي هي أنه في بعض أنحاء العالم، يتم قطع الغابات المطرية لإفساح المجال أمام مزارع قصب السكر والنخيل لإنتاج الوقود الحيوي. هذه الغابات المطرية هي أفضل فرصة لدينا لتخفيف التغير في الغلاف الجوي، حيث تمتص هذه الأشجار أكاسيد الكربون.
بالنظر إلى المليارات التي يتم إنفاقها في الدعم على قطاع الطاقة المتجددة، لا يبدو أن العالم يولي الاهتمام الكافي لاحتجاز وتخزين الكربون CCS. في المقام الأول يأتي الكربون -في شكل هيدروكربون وفحم- من تحت الأرض، فلماذا لا نعيده إلى هناك؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فلنزرع الأشجار على الأرض الزراعية المستخدمة لمصادر الطاقة المتجددة بدلا من ذلك.

منذ فترة طويلة كان هناك كلام كثير في قطاع الطاقة عن احتجاز الكربون وتخزينه. الفائدة من ورائه، باختصار، أنه إذا كان من الممكن منع إطلاق ثاني أوكسيد الكربون CO2 إلى الجو، عندها يمكن حرق الوقود الأحفوري دون أي ضرر. من خلال احتجاز غاز ثاني أوكسيد الكربون ونقله إلى موقع مناسب ثم تخزينه تحت الأرض أو استخدامه، يمكن لمشاريع CCS أن تمكن الصناعة من التخفيف من الأضرار البيئية.
نتيجة لذلك، من المتوقع أن تلعب تكنولوجيا احتجاز وتخزين الكربون دورا مهما في الاستجابة لتغير المناخ العالمي. في هذا الجانب، خلصت وكالة الطاقة الدولية أخيرا إلى أنه من أجل تحقيق أهداف اتفاقية باريس المناخية، يجب أن تسهم مشاريع احتجاز وتخزين الكربون بنسبة 32 في المائة من الجهد الإضافي للانتقال من سيناريو 2 درجة مئوية إلى أقل من درجتين مئويتين.
في هذا الصدد أيضا، قدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC أنه دون احتجاز وتخزين الكربون، فإن تكلفة محاولة تحقيق أهداف تغير المناخ العالمية ستزيد بنسبة تقارب 140 في المائة. وفقا لوكالة الطاقة الدولية من المحتمل أن نحتاج إلى 3400

مشروع لاحتجاز وتخزين الكربون على مستوى العالم بحلول عام 2050 -وهي خطوة كبيرة صعودا من 21 مشروعا كبيرا تعمل أو قيد الإنشاء في الوقت الحاضر. ومع ذلك، يتم تطوير عدد قليل من المشاريع ومعدل التقدم لا يزال بطيئا.
البحث والتطوير مستمران في هذا الجانب، لكن ليسا بالمستوى المطلوب لتحقيق اختراق كبير. إذا تمكنا من توجيه فقط بعض الدعم من الطاقات المتجددة إلى هذا القطاع وتحسين التكنولوجيا، فقد نحقق تحولا كبيرا في انبعاثات أكاسيد الكربون والانتقال أسرع إلى سيناريو أقل من درجتين مئويتين. لذلك على الدول المنتجة للنفط والغاز أن تولي اهتماما أكبر بهذا الجانب من أجل مستقبل مستدام لمواردها الطبيعية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد