: آخر تحديث

سلطان القاسمي.. ودعوة للاعتذار

65
77
61
مواضيع ذات صلة

 فاروق جويدة  

 

لم تتوقف جهود صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على دوره في رعاية الثقافة العربية في أكثر من بلد وأكثر من مكان، ولكنه يقوم الآن بدور كبير في حوار خلاق مع ثقافات العالم المختلفة.. آخر جولات الدكتور زيارته الأخيرة لإسبانيا وتكريمه بالدكتوراه الفخرية من جامعة مدريد المستقلة «أتونوما مدريد».

في حفل تكريمه بالجامعة، قال الدكتور: «أود أن أعبر عن سعادتي بوجودي في جامعة مدريد المستقلة، ويسرني الالتقاء بهذا الجمع الكبير من الأكاديميين، والباحثين المميزين، والضيوف المرموقين من الجامعات، والهيئات، والمؤسسات الحكومية، والخاصة، كما نتشرف بهذا التكريم الذي سنعتز به مدى الحياة».

كانت مفاجأة هذه الزيارة أن الدكتور القاسمي في كلمته طلب الاعتذار من إسبانيا للمسلمين والعرب، عن كل ما حدث في الماضي، لكي يصبح الطريق ممهداً لكتابة تاريخ جديد من العلاقات بين الجانبين، يقوم على تجاوز الماضي، ويؤسس لأجواء المحبة الصادقة، ويرسم ملامح مستقبل مشترك للنهوض بالإنسانية على أسس من التسامح.

وقال الشيخ القاسمي: «لم يعد التعرف إلى الآخر أو تعريف الآخر بنا، أمراً صعباً، كنت أعتقد أنني بمسعاي، هذا ركض خلف سراب، ولكني وجدت الآخر كذلك ينشد ودّاً ويأمل التعرف إلينا».

وربما كانت المرة الأولى التي يطلب فيها مسؤول عربي اعتذاراً من إسبانيا عن الظروف التي تعرض لها المسلمون والعرب، رغم أن بلادهم شهدت ثورة حضارية في كل المجالات على أيدي المسلمين، إن الاعتذار لن يعيد للعرب ما خسروه ولكنها شهادة للتاريخ خصوصاً أن الإسبان اعتذروا في وقت سابق عما لحق باليهود، وكان ينبغي أن يكون هناك اعتذار مماثل للعرب والمسلمين.

إن قصة المسلمين والعرب ودورهما الحضاري في أوربا مئات السنين ما زالت له شواهده العلمية والأدبية والإنسانية، فقد تركوا تراثاً إنسانياً متعدد الألوان ولا يزال تاريخ أوربا شاهداً على ذلك كله في الطب والرياضة والفيزياء والعلوم والكيمياء والشعر والأدب والموسيقى.

إن الشيخ سلطان القاسمي وهو يطلب الاعتذار كان يعبر عن رغبة قديمة لدى ملايين المسلمين، الذين خرجوا في صورة مأساوية لا يزال التاريخ يرصدها، فالشعوب أحياناً تكون في حاجة إلى تطهير تاريخها ومواقفها من أجل حاضر أكثر إنسانية ومستقبل يرعى مصالح الجميع.

إنني أتابع بتقدير شديد ما يقوم به سموه من أدوار في خدمة الثقافة العربية، وتمويل الكثير من المشروعات الثقافية في أكثر من عاصمة، ولا شك أن هذا التواصل مع ثقافات العالم يعكس روحاً وموقفاً يقدر ثقافات الآخرين.

إن الوجه الحضاري والثقافي الذي تقدمه إمارة الشارقة يعكس فكراً جديداً في المراكز الثقافية في كل العواصم العربية وترعى بصدق ثقافة هذه الأمة وهي أغلى ما تملك.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد