فاتح عبد السلام
تلقيت عدداً من الاسئلة اليوم بشأن احتمالية اندلاع حرب جديدة في المنطقة بعد استهداف عصب الاقتصاد السعودي في قصف منشأتين للنفط ، أخرجت نصف انتاج وتصدير السعودية خارج الخدمة .
الحدث ليس عابراً ، والضربة شديدة تتوافر على تحد غير مسبوق ، والسعودية تعلم انّ المتمردين الحوثيين الذين يخوضون حرباً ضدها في اليمن أعجز من أن يقوموا بتنفيذ ضربات دقيقة في قلب اقتصاد المملكة ، لاسيما انّ حوادث تفجير ناقلات النفط وإعطابها وخطفها في مضيق هرمز
لا تزال ماثلة للعيان بالرغم من خفوت الضوء حولها.
اللاعب بورقة هرمز يبدو أقل تصعيداً من اللاعب بورقة أرامكو ، واذا كان اللاعبان جهة واحدة فإنّ اللعبة انتقلت الى أخطر مراحلها، وهي الحافة التي تلامس حافة الحرب . ولكن السؤال يبقى صعب الاجابة ، هل تقع حرب جديدة أو لا تقع ؟
الحقيقة الاولى تكنولوجية، وهي تحديد مكان انطلاق الطائرات المسيّرة ، وهي مهمة لا تعجز عنها الرادارات المتقدمة ولا وسائل الرصد الفضائي والجوي للامريكان أو للسعوديين انفسهم في حال مراجعة سجلات مسار الهجوم الذي عجزوا عن صده لأسباب تثير الاستغراب ، بعد الحيطة والحذر المسبقين من امكانية وقوع هجوم من هذا النوع ،لاسيما انّ هجوماً سابقاً قبل بضعة شهور أثار لغطاً كبيراً، وكان كافياً ليكون درساً انذارياً ، لكنه لم يكن .
الحقيقة الثانية هي انّ السعودية التي تبدي أعلى درجات ضبط النفس ، وتركت التلميحات والتصريحات لجهات غير رسمية ، لن تترك هذه الضربات تمر من دون رد ، لأنّ الذي نفذها وجعل السعودية تفقد نصف قدرتها الانتاجية والتصديرية للنفط سيتشجع ويغامر بهجمات جديدة قد تحوّل السعودية الى بلد غير نفطي لأيام أو أسابيع . لا أحد يستخف بهذا الكلام ، الذي لايمكن لي أن أشرح خلفياته ومصادره في سطور، وربما كان الوقت غير مناسب للحديث العلني عن ذلك قبل أن تخرج الرياض بموقف رسمي حول ماحدث ، يتوافر على كشف اوراق صعبة ولها ثمن مستحق لابدّ من تأديته . لكن يبقى تقدير الموقف بيد الرياض التي تعرف اكثر من سواها خطورة ما تعرضت له ، وهدف المهاجمين هذه المرّة .
السعودية أمام خيارات صعبة لكن ليس لها إلا التعاطي معها كلها ، لأنها بداية حرب الوجود ، التي قد لايكون عنوانها المدفع والصاروخ.