: آخر تحديث

 خطوات خليجية في الاتجاه الصحيح  

62
58
53
مواضيع ذات صلة

   محمد العسومي

 بعد فتح الأسواق المالية الخليجية «البورصات» جميعها تقريباً أمام الاستثمارات الأجنبية في سنوات العقد الحالي وبصورة تدريجية مدروسة، مما نقل معظمها إلى مستوى الأسواق الناشئة وجذب إليها استثمارات خارجية كبيرة، وإلى بدء بعض دول مجلس التعاون في معالجة مسائل أخرى لا تقل أهمية عن استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، وما يرافقها من تكنولوجيا متطورة وخبرات إدارية وفنية عالية.

في العام الجاري اتخذت كل من الإمارات والسعودية خطوة مهمة ترمي إلى توفير بيئة مستقرة للمستثمرين الأجانب، وذلك من خلال الإقامة الدائمة أو المميزة، والتي تتيح للمستثمرين وأفراد عائلاتهم التمتع بإقامة مستقرة، وذلك ضمن ضوابط تم تحديدها بقرارات صدرت في هذا الشأن.

لقد عانت دول المجلس ولعقود طويلة ولا زالت من ضخامة التحويلات المالية للخارج، والتي بلغت عام 2017 120 مليار دولار وفق صندوق النقد الدولي، كما أنها رغم مرونة أنظمتها الاستثمارية، يمكنها عمل المزيد لاستقطاب رؤوس أموال أجنبية إضافية، وذلك من خلال تخفيض بعض القيود على انتقال واستقرار المستثمرين لزيادة القدرة التنافسية للأسواق الخليجية بتوفير فرص أكثر ملاءمة من الأسواق العالمية الأخري.
والحال، فإنه وفي فترة زمنية قصيرة جداً منذ صدور قرار مجلس الوزراء بمنح الإقامة طويلة الأمد للمستثمرين سيتم منح 6800 آلاف مستثمر الإقامة الدائمة، كدفعة أولى، حيث تبلغ إجمالي استثماراتهم 100 مليار درهم، ما سيؤدي إلى استقطاب استثمارات كبيرة أخرى، ويساهم في إنعاش الأوضاع الاقتصادية، وبالأخص في القطاعات غير النفطية، والتي تلعب دوراً تنموياً مهماً للغاية، حيث حدد نظام الإقامة الدائمة بخمس إلى عشر سنوات لتشمل المستثمرين ورواد الأعمال وأصحاب المواهب التخصصية دون الحاجة لكفيل، وبنسبة تملك تبلغ 100%.أما في المملكة العربية السعودية، من المتوقع أن تكون «الإقامة المميزة» امتداداً لنظام البطاقة الخضراء الذي أعلن عنه عام 2016، حيث جاء ضمن ضوابط هذا التوجه الجديد أن الهدف منه استقطاب رؤوس الأموال والكفاءات المميزة وذوي الملاءة المالية العالية، بالإضافة إلى أنه يكافح اقتصاد الظل والتستر التجاري المرتفع وفق وزير التجارة السعودي، حيث يتوقع أن يستفيد من هذا النظام ثلاثة ملايين شخص سيدرون أكثر من 10 مليارات دولار.
من ذلك نجد أن هذين النظامين لم يركزا فقط على استقطاب رؤوس الأموال، وإنما أخذا بعين الاعتبار طبيعة الاقتصادات الحديثة التي تعتمد على التقنيات والذكاء الاصطناعي والمعرفة، حيث شمل كل نظام منح هذه الامتيازات أيضا إلى أصحاب الكفاءات والمهنيين والمتخصصين في مختلف المجالات والذين تسعى مختلف العالم لاستقطابهم بسبب مساهمتهم الكبيرة في الاختراعات والإبداع المؤثرين جداً في التنمية والتقدم.

وفي مسألة مهمة أخرى، سيعزز هذا التوجه تنافسية السوقين الإماراتي والسعودي إقليمياً وعالميًا، وهو يأتي ضمن رؤية البلدين وتنسيقهما المشترك للمستقبل، وسيؤدي ذلك إلى زيادة معدل نمو القطاعات الاقتصادية غير النفطية ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي سرعة تنوع الاقتصادات الخليجية، سيحفز القطاع الخاص المحلي، ويساهم في تأهيل كفاءات وطنية ستستفيد دون شك من وجود كفاءات عالمية مستقرة في دول المجلس.
ونظراً لهذه الإيجابيات والتوجهات التي تستجيب للتغيرات الاقتصادية الدولية، فإنه لا بد من التغلب على هواجس البعض الخاصة بالعوامل الاجتماعية وبفرص العمل، والتي على العكس من ذلك ستزداد بزيادة الاستثمارات، علماً بأنه لا توجد ظواهر إيجابية أو سلبية بصورة مطلقة، فالتوجهات الإيجابية والمهمة بالإمكان معالجة بعض العوامل التي قد تكون مصاحبة لها أثناء التطبيق العملي - هذه مسألة طبيعية تماماً - لذلك يتوقع أن نرى المزيد من هذه التسهيلات والتوجهات في الدول الخليجية الأخرى، مما سيجد له انعكاسات إيجابية على الأوضاع الاقتصادية العامة في هذه البلدان، وبما يساهم في زيادة قدراتها التنافسية وتنوعها الاقتصادي.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد