: آخر تحديث

تجديد البحث برسم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل

45
60
57
مواضيع ذات صلة

تجديد البحث برسم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل: بومبيو وافق بري على دور الأمم المتحدة وقبرص تتوسط

 وليد شقير  

أخذ موضوع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، لمعالجة ادعائها ملكية 860 كيلومترا مربعا من المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر، يشهد تحريكا للمساعي من أجل التوصل إلى حل لهذا النزاع، بعد أن تجمدت الجهود الأميركية في هذا الخصوص منذ شهر شباط 2018 ،إثر رفض الجانب اللبناني الاقتراحات التي طرحها مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد والقاضية بالأخذ بخط هوف الذي يعطي لبنان زهاء 60 في المئة من المساحة المتنازع عليه ويبقي القسم الباقي معلقا من دون أن تستغله إسرائيل بالحفر فيه لاستخراج الغاز والنفط، إلى حين التفاوض عليه. والمنطقة المتنازع عليها هي جزء من البلوك 8 والبلوك 9 (الذي جرى تلزيم استكشاف النفط والغاز فيه السنة الماضية) من المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان في البحر.


وقالت مصادر متعددة متابعة لهذا الملف الحساس إن إعادة تحريك الاتصالات بدأ في شكل حثيث منذ زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى بيروت في 22 آذار (مارس) الماضي. وذكرت المصادر ل"الحياة" أن هذا الموضوع هو الأول الذي أثاره بومبيو مع رئيس البرلمان نبيه بري حين زاره، فور السلام عليه، حيث بادره بالقول: "ماذا سنفعل بمسألة الحدود البحرية مع إسرائيل؟

وفي ذلك الاجتماع تحدث بري أكثر من نصف ساعة شارحا مراحل المفاوضات السابقة، وانتهى إلى القول لبومبيو إن "آخر العقبات أمام معالجة الأمر كان حين جاء موفدكم"، وأشار بيده إلى ساترفيلد، "باقتراحات لا تأخذ في الاعتبار مصالح لبنان"، مكررا ما طرحه عليه آنذاك (يشمل الفصل بين البحث في الحدود البرية وترسيم الحدود البحرية، اللتين يربط بري بينهما. وكان ساترفيلد كما نقلت عنه مصادر بري في حينها أبلغ المسؤولين اللبنانيين بالصيغة التي اقترحها قائلا "اقبلها أو اتركها" (take it or leave it ). وأبلغ بري بومبيو أن اقتراحات ساترفيلد لا تأخذ في الاعتبار ما جرى التوصل إليه من اتفاق مع الموفد الذي تلا فريدريك هوف، آموس هولستين، الذي كانت مقاربته أقرب إلى ما اقترحه بري حول دور الأمم المتحدة في ما يخص الربط بين ترسيم الحدود البرية والحدود البحرية، لأن الاتفاق على الأولى يسهّل تحديد خط الحدود البحرية. وقالت مصادر معنية بمحادثات بري مع بومبيو، أن الأخير قال إنه لم يكن يعلم بذلك، فيما كان الديبلوماسيون الأميركيون يرددون في الأشهر الأخيرة أنه لم يحصل أي توافق على الربط بين ترسيم الحدود البرية والبحرية. وفي الوقت نفسه كان بري يتكل على استنجاد لبنان بالأمم المتحدة كي تلعب دورا في ترسيم الحدود أسوة بالدور الذي لعبته في رسم الخط الأزرق للانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000 ، والذي ساهمت في تصحيحه في الكثير من المواقع. وقالت المصادر أن اجتماع بري مع بومبيو انتهى إلى تفهم الأخير لمطلب رئيس البرلمان أن تتولى الأمم المتحدة بالاشتراك مع اللجنة العسكرية الثلاثية الإسرائيلية اللبنانية الدولية (يونيفيل) التي تعقد اجتماعاتها في الناقورة (في إطار البحث في الخروقات للقرار الدولي الرقم 1701 ) معالجة الخلاف وبمواكبة أميركية.

توحيد الموقف اللبناني

إلا أن الموقف الدولي بقي في الأشهر الأخيرة مترددا إزاء الدور الذي يمكن للأمم المتحدة أن تلعبه، خصوصا أن القاعدة التي تتبعها المنظمة الدولية في حالات كهذه هي أن تقبل الدولتان المعنيتان بالحدود وساطتها أو رؤيتها لكيفية تحديد الحدود، في وقت كان الجانب الإسرائيلي يماطل في القبول بهذا الدور بحجة أن واشنطن تتولى الوساطة. كما أن هناك عاملا آخر ساهم في تردد الأمم المتحدة هو غياب الموقف اللبناني الموحد في هذا الشأن. وتشير مصادر معنية بالوساطة الدولية ل"الحياة" إلى أن مواقف الرؤساء الثلاثة في هذا المجال متباينة، بين من يدعو إلى الأخذ بالحل الموقت وفق خط هوف، وبين أن يجري تثبيت الحدود البرية ليجري الترسيم في البحر على أساسها، هذا فضلا عن موقف وزير الخارجية جبران باسيل الذي له قراءته المختلفة عن قراءة بير و"حزب الله". وتقول مصادر أجنبية إنه فضلا عن أن إسرائيل تتحجج بغياب موقف لبناني موحد حيال الاقتراحات الأميركية، فإنها تارة تقول إنها مستعدة للسير بوساطة الأمم المتحدة عبر الاجتماعات الثلاثية التي ترعاها قوات "يونيفيل" في الجنوب بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي وأخرى ترى المانع في غياب الموقف اللبناني الموحد، فإن النتيجة هي أن كل ذلك يمنع حصول تقدم في العملية. إلا أن الجهات الدولية المعنية بالموضوع قالت ل"الحياة" إن الرؤساء الثلاثة أكدوا أنهم يعملون على توحيد الموقف اللبناني.

ومع ذلك فأن استعجال الوزير الأميركي ضرورة حل النزاع، تزامن مع تحركات على مستويات عدة، منها إبداء وزير الخارجية القبرصي نيكوس كريستودوليديس خلال زيارته​ إلى بيروت آخر الشهر الماضي، استعداده للقيام بوساطة في هذا المجال، خصوصا أن إسرائيل تستند في ادعاء ملكيتها الجزء الذي يعود إلى لبنان في البحر، إلى خريطة ترسيم بحري تحدد الحدود بينها وبين المنطقة الاقتصادية الخالصة العائدة للجانب القبرصي، والتي يعتبر لبنان أن فيها تحوير لحقوقه. وكان الوزير القبرصي قال بعد لقائه باسيل إن بلاده لن تشارك في أي عمل يخرق السيادة اللبنانية.

وأوضحت مصادر مطلعة أن الجانبين القبرصي واليوناني سيلعبان دورا مع إسرائيل في التوسط لتصحيح الحدود البحرية مع لبنان، باعتبار أن الدول الثلاث ترتبط باتفاقية على مد أنبوب مستقبلا من إسرائيل إلى قبرص، فاليونان فأوروبا، لنقل الغاز المنتج من الحقول الإسرائيلية والقبرصية على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، إليها. وبالتالي فإن الدولتين الأوروبيتين معنيتان بمعالجة النزاع اللبناني الإسرائيلي، نظرا إلى تأثير ذلك على مستقبل سوق الطاقة في المنطقة.

وفي وقت يرصد متابعون للمسألة عقد اجتماع ثلاثي لبناني قبرصي يوناني مطلع الشهر المقبل لمعرفة ما إذا كانت هناك اتصالات قبرصية إسرائيلية جرت حول الموضوع، فإن أوساطا دولية تنظر إلى هذا الأمر من زاوية انتظار ما يمكن للدول التي اهتمت بلعب دور أن تحرزهمن تقدم قبل أن تنخرط الأمم المتحدة في جولة جديدة من الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي في هذا الصدد.

ويدور الخلاف وفق قول العارفين بموقف بري ل"الحياة"، على نقطتين على الحدود البرية هما B1 التي تقع عند شاطئ الناقورة، وB2 التي تليها شرقا، من النقاط ال13 التي عملت قوات الأمم المتحدة على تصحيحها في المرحلة الأخيرة، حيث يعتبر لبنان أن إسرائيل قضمت فيهما مساحة من الأراضي اللبنانية، ما يؤثر على رسم الخط الذي ينطلق من اليابسة نحو البحر، في احتساب الحدود البحرية. وترددت معلومات غير رسمية في حينها أن الجانب الإسرائيلي أقر بقضم جزء من الأراضي التي قام بقضمها في هاتين النقطتين ، مدعيا أن أسباباً أمنية وراء ذلك، واقترح أن يحصل لبنان في المقابل على مساحة أخرى من أراضي فلسطين المحتلة، (تبلغ 35 ألف متر مربع) مقابلها وتفوق المساحة التي استولى عليها الاحتلال الإسرائيلي. إلا أن لبنان رفض فيحينها هذا العرض، نظرا إلى أنها أراض فلسطينية من جهة، ,لأن التخلي عما قضمته إسرائيل على الساحل يحدث خللا في رسم الخط الذي ينطلق من اليابسة لرسم الحدود البحرية.

وتجدد البحث بوساطة الأمم المتحدة أمس خلال استقبال الرئيس بري، قبل الظهر قائد قوات "يونيفيل" في الجنوب، الجنرال ستيفانو ديل كول، حيث "جرى عرض للأوضاع في الجنوب لا سيما الخروقات الاسرائيلية المستمرة، وتركز الحديث حول الخط الازرق والحدود البحرية".

وأفاد مكتب بري الإعلامي أنه أكد "استعداد لبنان لتثبيت الحدود البحرية اللبنانية والمنطقة الاقتصادية الخاصة عبر الآلية التي اعتمدت في ترسيم الخط الازرق باشراف الامم المتحدة. واعرب الجنرال ديل كول عن إمكانية اعتماد الآلية ذاتها في ترسيم الحدود البحرية ما يعزز ترسيخ الأمن والاستقرار".

 

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.