: آخر تحديث

الجيزة والعريش

75
79
65
مواضيع ذات صلة

 محمد صلاح 

ما أن تقع عملية إرهابية في مصر، حتى يسرع المصريون ويوجهوا أصابع الاتهام إلى قطر باعتبارها داعماً للإرهاب، وإلى ««الإخوان»»، استناداً إلى أن تاريخ الجماعة ارتبط دائماً بالدماء والعنف وتصفية الحسابات، وإلى تركيا لاحتضانها رموز الإرهابيين الفارين من الملاحقات القضائية وسماحها باستخدام أراضيها مراكز قنوات تلفزيونية تحرض علناً جهاراً نهاراً، وطوال الليل أيضاً، على القتل وترويع الآمنين في مصر!!. تدّعي تلك الجهات أنها تنفق الأموال وتجيّش الإعلام وتحشد «الذباب» الإلكتروني من أجل مصلحة المصريين، لكن ذلك لا ينطلي على الشعب المصري الذي منذ أطاح بحكم «الإخوان» لبلده يتعرض لمنصات وفبركات وأكاذيب وادعاءات تستهدف إسقاط دولتهم.


من الواضح أن بقايا الإرهابيين في مصر يسعون بشدة إلى العودة إلى واجهة الأحداث مرة أخرى، ولا يمكن الفصل بين المحاولة الفاشلة لتفجير مكمن أمني في جوار مسجد الاستقامة في محافظة الجيزة يوم الجمعة الماضي، والهجوم على مكمن للجيش أول من أمس قرب مدينة العريش في شمال سيناء، رغم بعد المسافة بين الجيزة والعريش، من الواضح أن وتيرة العمليات الإرهابية انخفضت بشكل كبير على مدى الشهور الماضية ما عكس نجاحاً مبهراً للحملة التي بدأها الجيش، بالتعاون مع الشرطة لتصفية الإرهابيين في سيناء ومطاردة فلولهم في باقي المحافظات، لكن الإرهاب الذي تحول إلى ظاهرة عالمية لم يعد ممكناً القضاء عليه بشكل تام إلا بتعاون أمني واستخباراتي دولي على مستوى عالٍ وتنسيق بين دول عانت آثاره المدمرة وفضح دول أخرى لا زالت تدعمه بعيداً عن الأضواء، تحت ستار حماية الحريات وحقوق

الإنسان.

في الجيزة كانت العملية الإرهابية تقليدية بإخفاء عبوات ناسفة قرب المكمن الأمني وتفجيرها عن بعد، لكنّ يقظة المواطنين وخبراتهم وتعاونهم مع الشرطة أفضت إلى كشف القنبلة وإحباط المخطط، وفي العريش كرر الإرهابيون محاولات فشلوا فيها من قبل بالهجوم على مكمن للجيش لقتل من فيه واحتلاله ولو لدقائق، لرفع علم تنظيم «داعش» فوقه، وتصوير المشهد وإظهاره عبر قنوات تدعم الإرهاب وتُبث من الدوحة واسطنبول ولندن، للإيحاء بأن الإرهابيين مازالوا يحتفظون بقدراتهم وقوتهم وسطوتهم في شبه

الجزيرة المصرية.

الفشل الذي يلاحق الإرهابيين في مصر لا يمكن فصله عن نجاحات حققها المصريون في التعاطي مع أفعال «الإخوان» وسلوك الدول والجهات المتحالفة مع تلك الجماعة، فالحياة تسير في مصر بشكل طبيعي والمصريون طووا صفحة «الإخوان» واعتبروها مجرد ماضٍ ويتعاطون مع آثار حكم «الإخوان» وتداعيات الربيع العربي كمنغصات حياة لا يمكن أن توقف سعيهم إلى تطوير الاقتصاد وتحقيق التنمية، وإنجاز مشروعات كبرى ستنقل بلدهم بعد سنوات قليلة إلى مصاف الدول الراسخة المستقرة.

يبدو أن المصريين توقعوا على خلفية التعديلات الدستورية التي يبحثها البرلمان الآن، أن تتزامن الحملة التي تشنها المنصات الإعلامية القطرية واللجان الإلكترونية الإخوانية، والقنوات التركية ضد تلك التعديلات، مع موجة جديدة من العمليات الإرهابية فتحصنوا وانتبهوا وجهزّوا أنفسهم وتحملوا تداعيات عمليتي الجيزة والعريش، واستعدوا لإفشال أي عمليات إرهابية أخرى، تماماً كما أحبطوا المحاولات القطرية على مدى سنوات لإثارة الفوضى وتبييض وجوه «الإخوان» وباقي الجماعات الإرهابية الأخرى وتحريض المواطنين ضد الحكم وإشاعة مناخ الإحباط وبث الطاقة السلبية، وضحكوا كثيراً على ردود فعل «الإخوان» والمتحالفين معهم، كلما جرى القبض على إرهابيين أو تصفيتهم في مواجهات مع الجيش والشرطة أو إعدامهم تنفيذاً لأحكام قضائية.

أخيراً فإن حفل الشماتة الذي نصبه الإعلام القطري بعد عمليتي الجيزة والعريش ووصلات الأفراح في القنوات التركية ومواويل الطرب في صفحات «الإخوان» ومواقعهم الإلكترونية، ما هي إلا تعبير عن مدى الحزن لدى هؤلاء الذين سعوا إلى إسقاط الدولة المصرية دون جدوى، فتزداد أفراحهم مع كل حادثة إرهابية في مصر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد