: آخر تحديث

مملكة البحرين الأبية  

80
77
61
مواضيع ذات صلة

   شاهر النهاري

 دانة خليجية أصيلة، تحتوي على قدر عظيم من الوعي بالذات، والأصالة العربية، والسياسة المعتدلة، وجدوى وجود التنوع الشعبي المتضامن، وعدم التباهي، والوقوف مع الحق، وعدم الخروج عن الصف، رغبة في قيمة منفردة..

تمكنت مملكة البحرين من فرض مكانتها على خارطة العالم الخليجي والعربي، وفي الشأن الإسلامي والدولي، نتيجة تلاحمها وتجانسها مع شقيقتها الكبرى السعودية، ومد جسور الحب والثقة والتعاون الإنساني والثقافي والدبلوماسي والاقتصادي والحماية المشتركة بينهما متوازية مع جسر الملك فهد، الذي قال فيه غازي القصيبي:

درب من العشق لا درب من الحجر

هذا الذي طار بالواحات للجزر

ساق الخيام إلى الشطآن فانزلقت

عبر المياه شراع أبيض الخَفَر

نسيتُ أين أنا إن الرياض هنا

مع المنامةِ مشغولانِ بالسمَرِ

خليجُ إن حبالَ الله تربطُنَا

فهلْ يقربُنا خيطٌ مِنَ البَشَرِ؟

دانة خليجية أصيلة، تحتوي على قدر عظيم من الوعي بالذات، وجدوى وجود التنوع الشعبي المتضامن، وعدم التباهي، والوقوف مع الحق، وعدم الخروج عن الصف، رغبة في قيمة منفردة.

وقد أبدع عرابها جلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة في زرع التوازن في دستورها وكياناتها ونظراتها وعمق جذورها، وأصالة بعدها العربي التاريخي، فكانت سياسته معتدلة، محتشمة، وقورة تطلب الخير لأهل وطنه، وتعز الذات عن مغبات الشر وأهله.

وقد تبينت مواقف العزة والقوة، ومعرفة الذات في عدة مواقف حدثت بالداخل البحريني المسالم مؤخراً، فرأينا مواقفها القوية الجلية ضد أعمال التخريب التي اجتاحتها أثناء ما سمي بالربيع العربي، حين أشعلت أيادي إيران نار الفتنة الطائفية غير المنطقية فيها، فالشعب البحريني يظل واحداً مهماً اختلفت مذاهبه.

وقد رأى العالم كيف دخلت حكومة قطر لأضيق الزوايا حينها، وكيف تخابرت مع المعارضين، وجعلت الأمر يبدو وكأنه نهاية للمملكة.

وموقف قطر لم يكن مستغرباً، بعد فشلها الذريع في الاستيلاء على الأراضي البحرينية حيث حكمت محكمة العدل في لاهاي، بأن قطر مدعية بحق ليس لها.

نعم لقد تدخلت قطر بكل شرورها، بغرض خلخلة كيان مملكة الخليج البحرينية، ولكن اليقين، والرزانة، والثقة، والعمل الجاد على مختلف المستويات الدبلوماسية والعسكرية مكنت البحرين من إثبات مملكة عزها، وأن أهلها جزء لا يتجزأ من أهل السعودية والخليج، وأنهم أعوانها الحقيقيون متى ما لاحت الشرور وحاولت تدنيس مياه البحرين.

كما أظهرت مملكة البحرين في أزمة مقاطعة قطر الصدق والإخاء والمواقف الأصيلة الشفافة، ووحدة مصير شعب البحرين مع أهلهم في الخليج، ومصر، فوقفت معهم صفاً واحداً ضد من يرغب في تفتيت بلدانهم، وجعلها مرتعاً لشرور إيران، ولشراذم المنظمات الإرهابية والخارجة على القانون الدولي القاطنة في الدوحة.

وقد ارتفع صوت وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة جلياً خلال الأزمة، وفي مواقف عدة سيذكرها التاريخ، فكان نقياً علياً، وكان منطقه يكفي لرسم زوايا السياسة البحرينية المقبلة.

وقد لمس العالم من كلماته ومواقفه حيال اتهام قطر للسعودية بتسييس الحج، ومطالبة المنظمات العالمية بتدويل الحج، كيف يكون الأخ، وكيف يكون العربي المسلم الشهم.

وقد دعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب البحريني علي العرادي، حكومةَ بلاده إلى مقاضاة حكومة قطر لتورطها الصريح والمباشر في دعم الجماعات المتطرفة في البحرين، كما طالب بتشكيل لجنة مركزية للنظر في شكاوى المتضررين جراء الدعم القطري للتطرف، إضافة إلى تشكيل فريق قانوني لرفع دعاوى ضد الدوحة لتدخلها في الشؤون الداخلية ومخالفتها لقواعد حسن الجوار والمواثيق القانونية الإقليمية والدولية.

ولم يكن كلامه محض افتراء ولا تزوير، فالحقائق تتكشف تباعاً، والأدلة صريحة موثقة حول تورط قطر في أعمال الإرهاب، التي شهدتها البحرين، وراح ضحيتها العشرات بمن فيهم شهداء الواجب، فضلاً عن الآلاف من المصابين، وتضرر الأعمال التجارية في البلاد بشكل كبير أثناء الأزمة، مما يستوجب المطالبة بتعويضات من الحكومة القطرية نتيجة ما قامت به من دعم للجماعات الراديكالية، والإلزام بالحق الجنائي والمساءلة القانونية بما في ذلك طلب تدخل الإنتربول لضمان مثول المتهمين أمام القضاء.

مملكة البحرين يمكن أن تجامل، وأن تغض الطرف لمصلحة الخليج والعروبة، ولكنها لا يمكن أن تضام بعد اليوم بجسور محبتها لكينونتها الخليجية العربية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد