: آخر تحديث

أمريكا .. الاستقلال في مجال الطاقة ليس وشيكا     

64
85
57
مواضيع ذات صلة

 FINANCIAL TIMES

  إد كروكس  

إنه شعور شائع في مثل هذا الوقت من العام: انتظار شيء في حالة من الترقب الشغوف، فقط لنجد الأمر مخيبا للآمال عندما يصل في نهاية المطاف. لعقود من الزمن ظلت الولايات المتحدة تحلم بإنهاء اعتمادها على النفط الأجنبي. الآن "استقلال الطاقة" الذي تم تعريفه بهذه الطريقة، قريب جدا، وحدود ذلك الطموح أصبحت محور تركيز حاد جدا.
قبل عيد الميلاد تماما، أبحرت حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس جون ستينس" إلى منطقة الخليج – عرض للقوة في منطقة توفّر أكثر من 20 في المائة من نفط العالم. كان ذلك بمنزلة تذكرة بأن أمريكا لا تزال تحرص على الحفاظ على تدفق إمدادات النفط العالمية.
مبادرة أطلقتها بعض الولايات الأمريكية هذا الشهر لتوليد إيرادات من أنواع وقود النقل للاستثمار في البنية التحتية قدمت منظورا مختلفا، ومن المحتمل أن تقدم حلولا لبعض العيوب في نهج الإدارات المتعاقبة إزاء أمن الطاقة.
كان هذا عاما مهما جدا بالنسبة لصناعة النفط الأمريكية. ارتفع إنتاج النفط الخام بحدود 1.6 مليون برميل يوميا في العام المنتهي في كانون الأول (ديسمبر)، في الوقت الذي كثفت فيه شركات النفط الصخري نشاطها مرة أخرى بعد اضطرارها إَلى التباطؤ بسبب الأسعار المتدنية خلال الفترة 2014-2016. وأصبحت الولايات المتحدة أكبر دولة مُنتجة للنفط في العالم، بعدما تجاوز الإنتاج ذروته السابقة في عام 1970 ولا يزال يرتفع.


في الوقت نفسه لا تزال الولايات المتحدة مستوردا كبيرا للنفط الخام، لكن في كانون الأول (ديسمبر) أفادت أن صادرات النفط الخام ومنتجات البترول كانت على مدى أسبوع واحد أعلى من وارداتها. على أساس أكثر استدامة، من المتوقع أن يكون صافي الواردات في العام المقبل في أدنى مستوياته منذ الخمسينيات. تدفق النفط الأمريكي الذي يصل إلى الأسواق العالمية ساعد في دفع الأسعار إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عام، واضطرت منظمة أوبك إلى تخفيض الإنتاج استجابة لذلك.
لكن على الرغم من هذه التغيرات الكبيرة، لا يزال الشُغل الشاغل لسياسة الطاقة الأمريكية يبدو مألوفا بشكل ملحوظ. عندما تحرك الرئيس دونالد ترمب للضغط على إيران من خلال إعادة فرض العقوبات، كانت آثار الضغط ضعيفة بسبب التنازلات الممنوحة لبعض أكبر زبائن طهران ـ خشية من التأثير المحتمل على أسعار النفط.
ومع مناقشة السعودية ومنتجين آخرين مسألة الإنتاج، توسل إليها ترمب أن تستمر في الضخ. تصريحاته حول أهمية النفط السعودي لم تكن تبدو كثيرا كأنها عرض لاستقلال الولايات المتحدة، ناهيك عن "الهيمنة على الطاقة" التي تحدث عنها في العام الماضي.
بعض الأمور تغيرت. لكن صناع السياسة في الولايات المتحدة لديهم سبب وجيه للشعور بالقلق من حدوث صدمة نفطية في المستقبل. بالنسبة للاقتصاد الأمريكي ككل، تأثير ارتفاع الأسعار على المستهلكين سيتم تعويضه من تحفيز الاستثمار في صناعة النفط. لكن ذلك لن يكون سوى عزاء لا يذكر بالنسبة للسائقين الذين سيجدون مواردهم المالية تتعرض للضغط.


وطالما يعتمد الأمريكيون في حركتهم وتنقلهم على الوقود القائم على النفط، سيبقون معرّضين لصدمات الأسعار. في الواقع، إمكانية التعرض للخطر في ازدياد: استهلاك الولايات المتحدة من أنواع الوقود السائل ظل يرتفع بثبات منذ عام 2012، وبحلول العام المقبل قد يعود إلى ذروته في عام 2005 البالغة 20.8 مليون برميل يوميا. التحوّل في سوق السيارات بعيدا عن السيارات نحو المركبات ذات الدفع الرباعي هو إشارة إلى أن أسعار الوقود المنخفضة تُساعد على زيادة الطلب.
إحدى الإجابات على ذلك قد تكون اقتراحا أطلقته هذا الشهر تسع ولايات في شمال وشرق الولايات المتحدة، من فيرمونت إلى فيرجينيا. تهدف الخطة إلى المساعدة في التصدي لخطر الاحتباس الحراري العالمي، في تحدٍ لخطة ترمب للانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، وبالتوافق مع نحو 200 بلد قررت في كاتوفيش، بولندا، هذا الشهر تسريع الجهود المبذولة لخفض انبعاثات الغازات المتسببة في ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض.


خطة الولايات هي تحديد سقف خاص بها وسعر على الكربون المنبعث من وقود النقل، لتوليد عائدات يتم استثمارها في مجال البنية التحتية، مثل السكك الحديدية، والسيارات الكهربائية، وتطورات الإسكان المرتبطة بالنقل العام.
تهدف الخطة إلى الحد من انبعاث الغازات التي تتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري. لكن إلى الدرجة التي تُخفّض بها الطلب على البترول، تعمل أيضا على تعزيز أمن الطاقة.
التغيير لن يكون سهلا أو سريعا. استهلاك النفط يرتبط بقرارات أساسية حول أين يعيش الناس وأين يعملون؟ لكن العثور على طرق مقبولة شعبيا لإعادة تشكيل النقل نحو يعمل على الحد من استخدام النفط سيكون بالفعل سياسة أمن الطاقة الأكثر فاعلية على الإطلاق. اليوم، يتم البحث عن الاستقلال في مجال الطاقة باعتبار أن الأمر ينحصر برمته في إمدادات النفط. عيوب هذا النهج تُشير إلى أن الوقت قد حان للبدء في التفكير في مشكلة الطلب.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد