: آخر تحديث

الواشنطن بوست نحروها أم انتحرت  

87
95
89
مواضيع ذات صلة

 سعيد الحمد

بعدما يقرب من المئة والاربعين عامًا على صدورها وتبوئها مكانتها بين الصحف العالمية اختارت الواشنطن بوست ان تبيع تاريخها ومكانتها في صفقة خسرت معها كل ذلك التاريخ والمكانة التي كانت لها، بعد ان اصبحت جزءا من بازار يبيع كل شيء ليخسر كل شيء.


وهكذا هو منطق البازار يدفع ليقبض وكان الثمن الذي قبضه هو تاريخ الواشنطن بوست، وصحيفة بلا تاريخ ليس امامها سوى الانتحار ثمنا لصفقة خاسرة مهما بدت أرقام المال كبيرة وضخمة فيها.
وسواء انتحرت الواشنطن بوست حين اقدمت على الصفقة السرية الضخمة ام نحروها الذين طلبوا منها الثمن تاريخا يوظف في مسلسل الكذب فقد انتهت الواشنطن بوست واسدلت الستار على صحيفة كانت يوما ذات مكانة وذات سمعة.
اخلاقيات ومبادئ الصحافة تعرفها الواشنطن بوست اكثر من غيرها، لكنها هذه المرة تنازلت عنها في سوق النخاسة وامام ارقام يسيل لها اللعاب استدرجت المبادئ والاخلاقيات إلى أعماق جب عميق، وهناك واراها النسيان.. لتدخل لعبة لم تقرأ منها سوى الأرقام الضخمة والكبيرة، وفاتها قراءة المكانة والتاريخ، ومن لا يجيد قراءة التاريخ موعود بخسران عظيم، وهكذا لاقت الواشنطن بوست ما وعدت به فاستلمت الارقام من الخزائن السرية لترهن تاريخها ومكانتها في تلك الخزائن.
ولعلنا نلاحظ ان الواشنطن بوست صحيفة تأدلجت ثم استغرقتها الادلجة منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي وبعد نجاح انقلاب خميني في إيران حين اصبح الرهان على الاسلام الراديكالي احد استراتيجيات الحرب الديمقراطي بشكل كبير والحزب الجمهوري بشكل اقل.
وفي وقت مبكر احتضنت الواشنطن بوست مجموعة الدكتور سعد الدين ابراهيم صاحب مشروع التقريب بين الادارة الامريكية وبين جماعات اخوان مصر، ومنذ ذلك الوقت والواشنطن بوست اقرب إلى جماعات الاسلام الراديكالي والمشروع الثيوقراطي في الشرق الأوسط، ومالت إلى حيث تميل كفتهم.


وامريكا اوباما مع مطلع القرن نقلت المشروع إلى بازار الصحافة والاعلام فما كان من الواشنطن بوست بما لها من تاريخ ومكانة في الصحافة والاعلام الا وان دخلت ورمت بثقلها في بازاره المتضخم بأرقام المال والأعمال المشبوهة.
ولان الصراع كان محتدما وكبيرا فقد كانت التنازلات في تلك السوق وذلك البازار محتدمة متلاحقة وكبيرة وكان على الواشنطن بوست ان تقبل بشروط سوق ارادت اللعب فيه وان تحتل جزءا منه.
ولان بازار حركات الاسلام الراديكالي بلا أخلاق وبلا مبادئ فقد كان شرطا ومشروطا على الواشنطن بوست ان تضع اخلاقيات ومبادئ الصحافة وتاريخها الطويل «1888» خارج اسوار السوق وان تدخل في صفقات الشرط والشرط المضاد فمن أراد ان يقبض لا بد وان يدفع.


قبضت الواشنطن بوست لكنها دفعت مقابل ذلك مالا يعوض بثمن، دفعت تاريخها ومكانتها وما كان لها من اخلاقيات ومبادئ صحافية.
ولان المال سلطان فقد اصبحت الواشنطن بوست جارية في بلاط السلاطين تفعل ما تؤمر، وتكتب ما يريدون لا ما تريد، فمن اراد القبض عليه ان يقبل بشروط ومطالب من يدفع، هكذا هي اللعبة.
وكما يقولون الواشنطن بوست اسطورة شاخت في مكانها ونضيف «لانها باعت نفسها» فللبيع ثمن عظيم لو تعلمون!!.
جردة الحساب لم تبدأ بعد في الواشنطن بوست، لكن ارتباكها في الايام القليلة الماضية وتخبط تقاريرها بشكل فضح مسلسلها الذي فقد الاثارة المطلوبة ممن يدفع بسخاء، كشف ان ثمة شيئا ما بدأ يلوح في المسافة والمساحة بين من دفع وبين من قبض.
لكن المؤكد تماما ان الواشنطن بوست هي الخاسر في اللعبة وسواء انتحرت أم نحروها فقد اسدلت الستار على تاريخ كان لها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد