: آخر تحديث

العمل العربي المشترك واجب شرعي

74
69
60
مواضيع ذات صلة

  محمد البشاري

لقد أنتج «الربيع العربي» صعوداً بارزاً لتيارات الإسلام المتشدد في كثير من الدول العربية والإسلامية، ونجح في التحكم في تسيير الشارع العربي الباحث عن غدٍ أفضل في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعرفها عالمنا المعاصر. فركزت جماعات الإسلام السياسي «الإخوانية» و«السلفية» الحركية منها والمقاتلة على موضوع «الحكم» فإما أن يسلم الحاكم أو يحكم المسلم على حسب قول إمامهم المرشد المؤسس حسن البنا. فسرعان ما سقط قناع خطب الوسطية والاعتدال والتداول السلمي للسلطة، ليفسح المجال إلى حتمية المواجهة بين مشروعين: مشروع الوصاية على المجتمع باسم الإله الأعظم عز وجل تقودها «العصبة المؤمنة»- على حد قول منظرهم القتالي سيد قطب- وبين مشروع أمن المجتمع السياسي والغذائي وسلامته من الفتن والتقسيم والحروب والتهجير، المشروع الذي يقوده شرفاء الوطن.


فتحالفت كل الجماعات الإسلامية من أقصى التنظيم الدولي للإخوان- ملهم كل التنظيمات القتالية من «القاعدة» إلى «داعش»- مروراً بحزب «التحرير» إلى الجماعات السلفية باختلاف مناهجها وتنظيماتها وكل هذا بمناصرة من جماعات ولاية الفقيه إيران وميليشياتها الإجرامية «حزب الله» اللبناني وحزب «الدعوة» العراقي وتنظيم «الحوثي» الإرهابي.
ولم تسلم المجتمعات المسلمة خارج العالم الإسلامي، حيث وظفت مراكزها الإسلامية من مساجد ومدارس ومنتديات للترويج بأن «الربيع العربي» ووصول الإسلاميين إلى الحكم يخدم مصالح هده الدول الغربية الأوروبية والأميركية بالخصوص والقضايا الخلافية – إذا وجدت- فسببها إما وشايات سابقة أو سوء فهم متبادل، منها أن الحركات الإسلامية ملتزمة بكل معاهدات السلام مع الكيان الصهيوني كما جاء في رسالة الرئيس الأسبق مرسي إلى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس، والنتيجة بعدها إصدار «حماس» الذراع المسلح للتنظيم الدولي وثيقتها التاريخية: «وثيقة المبادئ والسياسات العامة» واعترافها بنتائج عملية السلام منها حدود الدولتين – انظر البند العشرين من الوثيقة-.
وأمام هذه المخاطر المتمثلة في اختطاف الدين من طرف الجم

اعات المتشددة وتوظيفه لمصالحها السياسية وتسخير الوطن العربي لكل السياسات الغربية الاقتصادية والسياسية، كان لازماً إطلاق مبادرات ورؤى اقتصادية وسياسية ودينية من طرف الدول العربية الواعية لمصير المنطقة والمدركة لخطر التحالف «الإخواني-الشيعي» والمدعوم سياسياً من إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وإعلاميا من طرف قناة «الجزيرة» القطرية وقنوات تركية التحريضية ضد المشروع القومي العربي والمبشرة بعودة المجد التركي والفارسي على حساب تاريخنا العربي الأصيل.
فدولة الإمارات العربية المتحدة أعلنت الحرب على الحرب لتكون النتيجة سلما على سلم من خلال مبادرة الشيخين الحكيمين: العلامة الشيخ عبد الله بن بيه بمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة كفضاء علمائي لتفنيد كل ادعاءات التكفيريين وفضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب ب«مجلس حكماء المسلمين» لإطفاء حرائق الفتن.


وبعد استعمال جماعات الإرهاب لكل وسائل التواصل الاجتماعي بحمولات فكرية ضالة ومضللة تسعى إلى تحقيق مشروع الفوضى الخلاقة تحت شعار إحياء الخلافة الإسلامية بسوريا والعراق، جاءت مبادرة «مركز صواب» لتحرير الفضاء الأزرق من أفكار الانتحار الجماعي من خلال بعث رسائل الأمل والخير الإلكترونية وإمكانية العيش الآمن كرد على أكاذيب حرب إدارة التوحش.
وأمام الفراغ التشريعي في مكافحة الإرهاب الإلكتروني واستغلال ذلك إما من طرف الجماعات المقاتلة، أو الدول الراعية أو الداعمة لها قام «مركز هداية» لمكافحة التطرف العنيف بتنظيم أول مؤتمر دولي بأبوظبي يطالب الأمم المتحدة بإصدار معاهدة دولية ملزمة لتجريم الإرهاب الإلكتروني والدول الداعمة له.


ووعياً من القيادة الرشيدة بضرورة الاهتمام بالمجتمعات المسلمة خارج العالم الإسلامي وقضاياها وأهميتها اليوم وتأثيرها في المحافل الدولية، أطلقت من أبوظبي المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة كمظلة جامعة ومنسقة للمنظمات والمراكز الإسلامية المعتدلة لترشيد أبنائها وتحصينهم من تيارات العنف والتطرف وتجسير الثقة بينها وبين مختلف المكونات المجتمعية. يقول علماء الأصول: «مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب»، ولن تهزم دول الاعتدال قوى الشر ومشاريع الانتحار الحضاري إلا بتوحيد الجهود وتنسيق المبادرات. لذا فإن العمل العربي المشترك واجب شرعي.

 

 

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد