: آخر تحديث

البصرة عطشى؟!    

59
72
61
مواضيع ذات صلة

 طلال عبدالكريم العرب 

 من يصدق أن يأتي يوم ويرى فيه الكويتيون خروج البصريين في تظاهرات وقد أخذ منهم العطش ما أخذ، وعندما نقول «الكويتيون»، فنحن نعني حرفياً ما نقول.
فنظرة الكويتيين تحديداً للبصرة كانت دائماً نظرة إعجاب، فلها ما لها تاريخياً وحضارياً وثقافياً، وكان شطها (شط العرب) تحديداً أحد مصادر مياه الشرب الرئيسية للكويتيين الذين كانوا يدفعون رسوماً لشراء ما يروي ظمأهم من مياهه التي تذهب هدراً لتصب في الخليج العربي.


كلنا نتذكر الخيرات التي تمتع بها العراقيون أيام الملكية وما سبقها من عصور، من حنطة وخضروات وفواكه وتمور، فقد كان يصدر بعضها للكويت، كانت البصرة بالنسبة لكثير من الكويتيين وجهة سفر وسياحة وتبادل مصالح تجارية، لتقدمها ولخضرتها ولوفرة مياهها، فما بال البصرة تحولت إلى خرائب؟ ما بال مياهها وقد جفت؟ وأهوارها وقد نشفت؟ وماذا حل بكل العراق؟ كيف تحول هذا البلد العربي القوي والمحوري الغني بعلمائه وخيراته، خلال سنوات معدودات، إلى ساحة خلفية لإيران وغيرها؟ كيف تحول بهذه السهولة هذا البلد الزاخر بالعلم والثقافة إلى موطن للجهل والخرافات، كيف تم إفقار بلد الخيرات فتحول إلى بلد للعطشى والجياع؟ ثورة العطشى لها ما يبررها، ولكن الخوف كل الخوف أن تركب موجتها الأحزاب الموالية لإيران، فتحولها عن مسارها الصحيح حتى يجبر العراقيون على الانصياع سياسياً مرة أخرى إلى النظام الإيراني الذي لن يرضى إلا بما يشبع مصالحه.


فهناك حقيقة يجب أن يستوعبها العراقيون وهي أن العراق بلد غني جداً بموارده وشعبه، إلا أن الفساد والمحاصصات الطائفية وولاء البعض لإيران تحديداً هي التي دمرت العراق، الحقيقة أن العراق أصبح سوقاً للبضائع الإيرانية الرديئة، الحقيقة أن العراق أصبح قاعدة لتفريخ الميليشيات التي تستهدف إضعاف أشقائهم العرب، الحقيقة أن إيران هي التي قطعت الماء والكهرباء عن العراق، الحقيقة أن ايران هي التي حوّلت جميع أنهارها التي كانت تروي العراق منذ الأزل، مستغلة سكوت سياسيين عراقيين موالين لها، فهي التي قطعت مياه أكثر من 45 رافداً وجدولاً موسمياً كانت تغذي الأنهار والأهوار في العراق، أهمها أنهار الكرخ وكارون والطيب والوند، وآخرها نهر هوشياري الذي يغذي محافظة السليمانية، منتهكة بذلك القانون الدولي الذي صدر في اجتماع مدريد عام 1911، والقاضي بعدم جواز تغيير أو تحويل مجرى النهر الذي يعبر بصورة طبيعية بين الدول من دون أخذ موافقتها، يجب أن يعرفوا الحقيقة وهي أن الكويت والسعودية هما اللتان عرضتا المساعدة بتعويضهم عما فقدوه وليس إيران.
نقول: إنه لأمر يدعو إلى الألم والحيرة أن نرى من البعض هوسات عراقية تهدد الكويت والسعودية، وكأننا نحن سبب مصائبهم، إنه لوضع مؤسف أن يرهن هذا البلد العربي مصيره بمصير جارٍ جارَ عليه، جارٍ جعل من العراق بقرة حلوب، وساحة لصراعاته مع الآخرين، ومرتعاً كريهاً للطائفية.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد