: آخر تحديث
التزامًا واسعًا يركّز على الديموقراطية والتغيّر المناخي

بلينكن يبدأ جولة في دول جنوب الصحراء الأفريقية

32
35
26

نيروبي: يتوجّه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في أول زيارة له إلى هذه المنطقة منذ تولّيه منصبه آملاً في إظهار التزام واسع يركّز على الديموقراطية والتغيّر المناخي رغم أنّ أزمتي إثيوبيا والسودان تضعان مسائل الأمن في الواجهة.

وفي الجولة التي تستمر حتى السبت، يزور الدبلوماسي الأميركي ثلاث دول تعدّ أساسيّة في الاستراتيجية الأفريقية للرئيس جو بايدن، بدءًا من كينيا الحليفة التقليدية لواشنطن في منطقة باتت تشهد حضورًا صينيًّا متزايدًا، وبعدها نيجيريا أكبر دول القارة من حيث عدد السكان، وانتهاء بالسنغال التي تعدّ مثالاً لديموقراطية مستقرّة في قارة غالبًا ما شهدت نزاعات دامية.

وستكون دول أفريقيا جنوب الصحراء الأحدث في جدول زيارات بلينكن الذي عرقلته بعد الأشهر الأولى من تولّيه منصبه، جائحة كوفيد-19 وإجراءاتها الوقائية، والأحداث التي رافقت الانسحاب الأميركي من أفغانستان. وفي ظلّ غياب زياراته المباشرة، أبقى بلينكن على تواصل افتراضي مع مسؤولين أفريقيين، كما زار الرئيس الكيني أوهور كينياتا البيت الأبيض حيث التقى بايدن.

ويأمل بلينكن في أن يخط في إدارة بايدن، مسارًا مغايرًا للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي لم يخفِ ضعف اهتمامه بأفريقيا، وكان أوّل رئيس أميركي منذ عقود لا يقوم بأي زيارة إلى المهاجرين الأفارقة.

وتأتي زيارة الوزير الأميركي قبل أسابيع من استضافة بايدن قمة للدول الديموقراطية في واشنطن، وبعد أيام من انتهاء مؤتمر المناخ للأطراف (كوب26) في مدينة غلاسكو الاسكتلندية، حيث انضمّت واشنطن إلى المطالبات بالابتعاد عن استخدام الوقود الأحفوري الملوّث للهواء.

تنشيط الديموقراطيات

وقال المسؤول البارز في الخارجية الأميركية إرفين ماسينغا إنّ "التركيز على تنشيط الديموقراطيات، إضافة الى التغيّر المناخي والتنمية المستدامة تسلّط الضوء على المقاربة الحالية" بشأن أفريقيا.

وأشار إلى أنّ بلينكن سيبحث أيضًا في تعزيز القدرات الأفريقية لانتاج لقاحات مضادة لكوفيد-19، بدفع يأمل من خلاله بايدن بالتمايز عن الصين التي لجأت إلى ترويج لقاحاتها في القارة.

وتأتي زيارة بلينكن في وقت تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز الدور الدبلوماسي في بلدين كان يشكّلان بالنسبة إليها بارقة أمل: إثيوبيا والسودان.

ولطالما كانت أديس أبابا حليفة لواشنطن، إلّا أنّ الأخيرة باتت ممتعضة من القيود التي تفرضها إثيوبيا على إدخال المواد الغذائية إلى إقليم تيغراي بشمال البلاد، حيث يعاني مئات آلاف السكان من ظروف تقارب المجاعة.

وتخوض حكومة رئيس الوزراء أبيي أحمد منذ نحو عام، نزاعًا مع "جبهة تحرير شعب تيغراي" التي حقّقت قوّاتها تقدّمًا في اتجاه جنوب البلاد خلال الأشهر الماضية، ولم تستبعد شنّ هجوم عسكري على العاصمة.

وقالت سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة لورا توماس-غرينفيلد في الآونة الأخيرة "هذه ليست إثيوبيا التي اعتقدنا أنّنا سنراها قبل عامين، حين كنا نشيد ببلاد تتمتّع بأسرع نمو اقتصادي في أفريقيا".

وأعلن بايدن في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر إلغاء تفضيلات تجارية كانت ممنوحة لإثيوبيا بموجب قانون أميركي صدر في العام 2000، وأعفيت بموجبه دول أفريقيا جنوب الصحراء من الرسوم الجمركية الأميركية على معظم صادراتها، إلّا أنّه امتنع عن فرض عقوبات على مسؤولين حكوميين أو من المتمرّدين أملاً في التشجيع على إبرام تسوية للنزاع.

إلى ذلك، علّقت الولايات المتحدة ما قيمته 700 مليون دولار من المساعدات إلى السودان على خلفية قرار قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان حلّ هيئات الحكم الانتقالية المدنية المشكّلة في أعقاب الإطاحة بحكم الرئيس السابق عمر البشير إثر احتجاجات واسعة في 2019.

فرصة ضائعة؟

وحذّر جوني كارسون، كبير دبلوماسيي ملف أفريقيا في الخارجية الأميركية خلال عهد الوزيرة السابقة هيلاري كلينتون، من "فرصة ضائعة" في حال زار بلينكن كينيا من دون أن يدعو قادة دول الجوار إلى إيجاد حلّ إقليمي.

وأوضح كارسون، وهو باحث حاليًّا في معهد الولايات المتحدة للسلام، أنّ "القرن الأفريقي هو منطقة شديدة الهشاشة، والتحوّلات الديموقراطية التي اعتقدنا أنها ستمضي قدمًا في إثيوبيا والسودان، خرجت عن مسارها".

وحذّر من أنه في حال "فشل هاتين الدولتين خلال العام المقبل، سنرى انهيارًا إقليميًّا أوسع نطاقًا".

ومن المحتمل أن يواجه بلينكن نقاشات حساسة في نيجيريا بعد تعليق الولايات المتحدة تسليم مروحيات عسكرية على خلفية مخاوف بشأن حقوق الإنسان.

كما يتوقّع أن تشمل زيارة الوزير الأميركي، التطرّق إلى ملف التجارة، إذ أنّ اتفاق إعفاء صادرات دول أفريقية من الرسوم الأميركية تنتهي مفاعيله في 2025، ولا يبدو بايدن في عجلة لطرح اتفاق بديل في ظل تزايد انتقادات الرأي العام الأميركي للاتفاقات التجارية.

ويتوقّع أن يمهّد انتهاء مفاعيل الاتفاق الطريق أمام تعزيز الصين لحضورها الإقتصادي في أفريقيا، حيث تقبل على ضمان الحصول على الموارد الطبيعية، مع غضّ الطرف عن الحوكمة.

ورأى كارسون إنّه "من المهم أن يبدأ التفكير الآن والبحث مع القادة الأفريقيين بشأن أي اتفاق تجاري قد يكون متاحًا".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار