تفردت علاقة المملكة العربية السعودية بدولة الكويت الشقيقة بخصوصية فائقة التميز منذ بواكير نشأتهما، فالتاريخ يقف شاهداً على عمق علاقة السعودية والكويت على مستوى أسرتي الحكم آل سعود وآل الصباح الكرام، وكذلك على مستوى الشعبين الشقيقين. فمن أرض الكويت انطلق صقر الجزيرة، جلالة الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، طيّب الله ثراه، في مسيرته المُظفّرة لاسترداد مُلك آبائه وأجداده، حتى تحقق له النصر المؤزّر ودانت له شبه الجزيرة العربية وتوحدت تحت راية التوحيد الخالدة. ومن بيت العرب وعاصمة القرار (الرياض) انطلقت جحافل الحق إنفاذاً لقرار رجل القرارات والسيادة، الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، عندما أعلنها بصرامة ونخوة سعودية شمّاء مع بداية الغزو الغاشم على الكويت في آب (أغسطس) 1990، بأنَّ السعودية والكويت بلد واحد، فإمَّا أن تعود الكويت وتبقى السعودية، وإمَّا أن تذهب الكويت والسعودية معاً، فعاد الحق لأصحابه بفضل الله الواحد الأحد، ثم بمناصرة الأشقاء والأصدقاء وجميع الخيرين والشرفاء في العالم.
إقرأ أيضاً: هل استمع أحمد الشرع لنصيحة الأمير طلال التي لم يأخُذ بها هنيّة؟!
تحتفل الكويت هذه الأيام بيومها الوطني الرابع والستين وذكرى التحرير الرابعة والثلاثين، فما أكبر مساحة الفرحة التي نشاطرها مع الكويت، الأرض والإنسان! وما أسعد اللحظات التي لا تخفى مظاهرها ولا تخطئها العين! ومن خلال عملي الصحفي السابق، كثيراً ما نقلت عن سعادة السفير الشيخ صباح ناصر صباح الأحمد الصباح، سفير دولة الكويت لدى المملكة، تصريحات صحفية عدة، حيث يؤكد دوماً، سواءً في أعياد الكويت الوطنية أو في اليوم الوطني السعودي ويوم التأسيس، بأنَّ الفرحة بين البلدين واحدة على مستوى القيادتين والشعبين الشقيقين.
أستذكر بهذه المناسبة أثر الكويت على محيطها الخليجي في شتى المجالات، فهي أول دولة خليجية بثّت تلفزيونها الرسمي، وما صاحبه من نقلات نوعية في عالم الإعلام، حتى بات كل بيت خليجي ينظر بعين الإعجاب لرواد الفن والدراما والموسيقى، وهم يشكّلون ذائقة الخليج بأعمال خالدة فريدة، ليس هذا مقام سردها. لقد كنا وما زلنا ننظر إلى الكويت بأنها دانة الخليج بريادتها منذ استقلالها وسمو شعبها الشقيق الواعي، ولئن مرّت بفترات عصيبة وتحديات متعددة، كحال كل شيء في هذه الدنيا، فإن الأمل معقود بعودتها لمكانها الطبيعي، لأن الأصل ثابت والذهب لا يصدأ. وهذا ما لمسنا بوادره بعزم وإصرار حضرة صاحب السمو أمير البلاد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وسمو ولي عهده الأمين، الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، حفظهما الله ورعاهما، وشعب أصيل لم تزده الأوقات الصعبة إلا تمسكاً بأرضه وقيادته الشرعية.
إقرأ أيضاً: السعودية في ذكرى تأسيسها.. مملكة السلام وصوت العقل في زمن الأزمات
وتكتسب هذه المناسبة السعيدة في هذا العام خصوصية، باختيار الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي لعام 2025، تتويجاً للجهود المبذولة من قيادة الكويت الرشيدة، ومن معالي الوزير المثابر الأستاذ عبدالرحمن بن بداح أبا الغنايم المطيري، وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب. وكل من قُدّر له زيارة الكويت شاهد ماذا فعله أبناء الكويت خلال استضافة أعمال القمة الخليجية الأخيرة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وكذلك التنظيم المميز لدورة كأس الخليج العربي لكرة القدم. كل التوفيق والسداد أرجوه للأشقاء، وخالص التهاني للكويت العزيزة، قيادة وشعباً، ودامت الأفراح للجميع.