: آخر تحديث

العنصرية "صناعة أوروبية"!

14
23
16

تتعلق أنظار الملايين حول العالم كل يوم بالقارة العجوز، لمتابعة مباريات كرة القدم المثيرة في دوري الطليان، والبريميرليغ، والليغا الاسبانية، وكذلك دوري أبطال أوروبا، والحقيقة أن "كرة القدم الأوروبية" هي المتعة الكاملة، وبلا مبالغة "كرة القدم هي أوروبا وأوروبا هي كرة القدم"، وتحديداً على مستوى بطولات الدوري، والتنافس بين الأندية، فلا يوجد كيانات كروية كبيرة بالمعنى المفهوم "خارج أوروبا".

وأكرر على مستوى الأندية، حتى وان ارتبطنا بأنديتنا المحلية، فهذا هلالي وذاك أهلاوي، والآخر يعشق هذا النادي أو ذاك في دوري بلاده، ولكننا نقر ونعترف بكامل إرادتنا أنَّ "كرة القدم هي أوروبا"، فهي الجماهيرية، والتنافسية، والملاعب المبهرة، والمال، والإدارة، والصناعة، والنجوم، والتاريخ.

إقرأ أيضاً: اعتزل يا صلاح

وبالرغم من هذا الإعجاب، والعشق الذي لا تحده حدود للكرة الأوروبية وبطولات الدوري بها، والارتباط الجنوني بأنديتها في كافة أرجاء العالم، إلا أنَّ آفة ملاعب أوروبا هي "العنصرية"، وآخرها ما قاله المدافع الإيطالي أتشيربي للاعب البرازيلي جيسوس، حينما نعته بوصف "الزنجي"، وهي واقعة متكررة، وكم من لاعب من أصحاب البشرة السمراء ألقوا عليه بثمار الموز، وغيرها من التصرفات التي تضرب حضارة أوروبا بخنجر مسموم.

الوقائع لا حصر لها، ولا توجد استثناءات سواء على مستوى بطولات الدوري في أوروبا أو الأندية، ويكاد لا يمر موسم، بل يكاد لا يمر شهر دون واقعة تنهش في سمعة "الحضارة الأوروبية"، ويظل السؤال :"لماذا أوروبا على وجه التحديد؟"، سؤال تشعر معه بالحيرة، فالقارة العجوز تجسد قمة الحضارة والفن والثقافة والحرية والانحياز للإنسان وكرامته، هكذا نعلم، وهذا ما نراه في كثير من الأحيان، ولكن في ملف "العنصرية" تسجل ملاعب أوروبا الوقائع الأسوأ على مستوى الرياضة العالمية.

إقرأ أيضاً: الرياضة في رمضان... أين الحقيقة؟

قد يكون لحدة التنافس الكروي، و"جهل وتعصب" نسبة ليست بالقليلة من عشاق كرة القدم علاقة بالأمر، ولكن هذا الاجتهاد في التفسير في محاولة لإعفاء أوروبا "المتحضرة" من عار العنصرية قد لا يكون كافياً، وربما ليس مقنعاً، ويظل السؤال... لماذا العنصرية تنهش في جسد أوروبا أكثر من غيرها؟ ولماذا كانت ولا تزال وربما ستظل ملاعب كرة القدم تحديداً في القارة العجوز تمثل النموذج الأسوأ في انتشار العنصرية؟ وأين العقاب الحقيقي للعنصريين؟

عزيزتي أوروبا، لن نكفر بحضارتك، ولن نجردك من ثقافتك، ولن نهرب من الاعتراف بأننا تعلمنا الكثير منك، ولكن... لماذا تمارسون العنصرية هكذا دون احترام لحضارتكم؟ هل هو وجه آخر لم نكن نعرفه؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف