: آخر تحديث
السيناريو يتكرر مع كل موسم في ظل موجة التعاقدات الخيالية

الدوريات الأوروبية الكبرى تعاني غياب المنافسة وانحسارها بين فريقين

176
155
125

 شكل الدوري الإسكتلندي منذ سنوات النموذج السيئ للدوريات الأوروبية بسبب انحسار المنافسة على لقبه بين الغريمين غلاسكو رينجرز و سلتيك غلاسكو، بعدما استمرا لفترة طويلة في التناوب على إحراز لقب البطولة، في وقت كانت بقية الدوريات الأوروبية خاصة الكبرى منها تعرف منافسة شديدة بدائرة نصف قطرها لا يقل عن خمسة اندية .

ومع بداية الألفية الثالثة تغيرت خريطة الدوريات الأوروبية الكبرى واصبح الصراع على اللقب ، لا يتعلق سوى بالبطل والوصيف ، وغالباً ما يتم حسم هويتهما قبل جولات طويلة من انقضاء الموسم الرياضي في ظل الفارق الواسع بينهما وبين صاحب المركز الثالث .
 
وفي وقت استفادت الأندية الكبيرة من تغيير لوائح إشراك الأجانب في دورياتها ، وعززت من مكانتها و قوتها ، فإن الامر اختلف بالنسبة لبقية الأندية التي اصبح طموحها لا يتعدى المشاركة القارية في احدى المسابقتين الأوروبيتين .
 
واصبح نفس السيناريو يتكرر مع كل موسم خاصة في ظل موجة التعاقدات الخيالية التي تقوم بها الأندية الكبيرة في كل ميركاتو، والتي تساهم في إضعاف المنافسة مع بقية الأندية ،  بسبب سياسة الأندية الكبيرة في خطف نجوم الأندية الصغيرة التي تفتقد لسلاح المال الذي يتيح لها حماية نجومها.
 
ويكشف تقرير لصحيفة "ماركا" الإسبانية عن تراجع كبير للمنافسة في الدوريات الأوروبية الكبرى بما فيها الموسم المنقضي (2017-2018) الذي شهد تتويج برشلونة مبكراً بلقب الدوري الإسباني وتتويجا مبكرا لمانشستر سيتي بلقب الدوري الإنكليزي ، واكتساح بايرن ميونيخ لمنافسيه في الدوري الألماني ، فيما لم يترك باريس سان جيرمان في الدوري الفرنسي أي فرصة لملاحقيه للاقتراب منه، معلناً تتويجه بطلاً للبطولة مع بداية مرحلة الإياب.
 
وفي الدوري الإيطالي اقتصرت المنافسة على اللقب بين البطل يوفنتوس ووصيفه نابولي رغم استمرار تناوبهما على صدارة سلم الترتيب لغاية الرمق الأخير ، شأنه شأن الدوري البرتغالي بين الغريمين بورتو البطل و وصيفه بنفيكا.
 
ومنذ بداية الألفية الثالثة تقلص عدد أبطال الدوريات الأوروبية الكبرى مقابل احتكارها من قبل ناديين او اكثر، يضمون في صفوفهم افضل اللاعبين و تحت قيادة ألمع المدربين.
 
الليغا بين الغريمين
 
تعرف بطولة "الليغا" منذ موسم (2000-2001) انحسار المنافسة على لقبها بين برشلونة وريال مدريد و بدرجة اقل اتلتيكو مدريد ، وهو ما تعكسه لغة الأرقام حيث نجحت اربعة اندية فقط في التتويج باللقب، وهي البارسا والريال ومعهما فالنسيا بلقبين في عامي 2002 و 2004 و اتلتيكو مدريد في عام 2014 ، ، حيث نال الكتالونيون حصة الأسد بتسعة ألقاب ثم المدريديون بستة ألقاب. 
 
وتراجعت اندية اتلتيك بيلباو و ريال سوسيداد و ديبورتيفو لاكورونيا وحتى فالنسيا وإشبيلية و فياريال من المشهد التنافسي، بعدما كانت خلال فترة التسعينات لا تقبل بأقل من دور الحصان الأسود ، فإذا بها تتراجع إلى درجة اللعب على البقاء في دوري الأضواء.
 
ويعتبر اتلتيكو مدريد اخر بطل للمسابقة بعد برشلونة وريال مدريد، بعدما توج بلقب "الليغا" في عام 2014 ، فيما كان البطل والوصيف على مدار عشر سنوات كاملة ينحصران بين "البلوغرانا " و"المرينغي".
 
العجوز سيدة إيطاليا
 
فرضت أندية الشمال هيمنتها على البطولة الإيطالية ، مقابل استمرار صيام اندية الجنوب خاصة نابولي رغم محاولاته الحثيثة لإنهاء احتكار الشمال. 
 
ومنذ عام 2001 نجحت اربعة اندية فقط في إحراز لقب "الكالتشيو" وهي يوفنتوس و روما و إنتر ميلان و أي سي ميلان ، مع احتكار أبناء "السيدة العجوز" لمنصة البطولة ، حيث حققوا 9 ألقاب منها 7 ألقاب في المواسم السبعة الأخيرة مقابل 5 ألقاب للإنتر ولقبين لميلان ، ولقب واحد لروما .
 
و كان بإمكان "السيدة العجوز" ان ترفع رصيدها إلى اكثر من 9 القاب لولا فضيحة "كالتشيو بولي" التي اطاحت بها في عام 2006.
 
هذا واستفاد يوفنتوس من تراجع فرق الدوري الإيطالي في الألفية الجديدة ، خاصة اقطابه الكبرى ميلان و الإنتر و روما ، بينما لم تكن نهضة نابولي وحدها كافية لإيقاف صعوده للمنصة الأغلى امام اندية سامبدوريا الفائز بلقب عام 1991 وفيرونا بطل عام 1985 و لاتسيو بطل نسخة عام 2000 و فيورنتينا الحصان الأسود ، الذي اختفى من المشهد الإيطالي بعدما رضي بدور الكومبارس.
 
البريمرليغ تحت راية الكبار
 
فرضت لغة المال نفسها في بطولة الدوري الإنكليزي الممتاز بعدما اصبح سلاح الأندية الستة الكبار ، لتبديد احلام بقية الأندية التي اقتصر دورها على المنافسة على المراكز القارية لمسابقة الدوري الأوروبي ، بعدما اصبح التتويج باللقب أمراً مستحيلاً حتى وان نجح ليستر سيتي المتواضع في تحقيقه في 2016 مستغلا تراجع الاقطاب الكبرى لمسابقة "البريميرليغ".
 
ومنذ الموسم الأول من الألفية الثالثة تقلصت دائرة المنافسة على اللقب لتشمل البطل والوصيف، و اصبح صاحب المركز الثالث خارج الحسابات مع نهاية مرحلة الذهاب من الموسم، مثلما حدث هذا العام بين قطبي مدينة مانشستر "السيتي" البطل و "اليونايتد" الوصيف ، بينما تبددت آمال بقية الاندية .
 
و منذ عام 2001 لم يفز بلقب الدوري المحلي سوى خمسة أندية ، بعدما احرزه مانشستر يونايتد 7 مرات و تشيلسي 5 مرات و أرسنال مرتين ، ومانشستر سيتي 3 مرات و ليستر سيتي مرة واحدة ،  يضاف إليها بلاكبيرن روفرز بطل نسخة عام 1995.
 
هذا وعجزت أندية عريقة في الفوز بلقب الدوري الممتاز سواء ليفربول أو ايفرتون أو توتنهام هوتسبير، فيما فشل ارسنال بالسنوات العشر الأخيرة في إحراز اللقب ، و هي اندية عرفت ان دورها في البطولة يحدده نشاطها في سوق الانتقالات.
 
وعلى الرغم من ان لقب البطل و الوصيف ظل محصوراً بين القليل من الأندية منذ إنطلاق نسخة الممتاز إلا ان التنافس كان يمتد حتى الجولة الأخيرة بين اندية عديدة تشمل حتى المركز الخامس في بعض المواسم.
 
البافاري عملاق دون منافسة
 
وفي الدوري الألماني اصبح درع "البندسليغا" محجوزاً منذ الجولة الأولى لبايرن ميونيخ ، فيما تبحث بقية الأندية المنافسة على الوصافة ، بعدما اثبت انه العملاق الوحيد في البطولة ولا يوجد من ينافسه على اللقب ، بعكس ما كان سائداً في زمن البطولة مع نادي هامبورغ الذي هبط هذا العام وفرانكفورت و فيردر بريمن و شتوتغارت التي أفل نجمها.
 
ومنذ عام 2001 نال بايرن ميونيخ درع الدوري الألماني 12 مرة ، منها 6 مرات في المواسم الستة الأخيرة ، متقاسماً الألقاب مع بروسيا دورتموند الذي ناله ثلاث مرات ، ومرة واحدة لكل من فيردر بريمن و شتوتغارت و فولفسبورغ.
 
و الواقع ان إدارة بايرن ميونيخ عززت نفوذ الفريق وقوته بسياسة تقوم على استهداف نجوم منافسيه وبدليل ما حدث مع بروسيا دورتموند ، عندما خطف أبرز نجومه مثل الألماني ماريو غوتزه و البولندي روبرت ليفاندوفسكي و المدافع ماتس هوملز ، والذين كانوا صانعي تتويجه باللقب عامي 2011 و 2012.
 
وهكذا اصبح العملاق البافاري يعزف بمفرده ألحان "البندسليغا" خاصة بعدما استسلم دورتموند للأمر الواقع، ورفع راية الاستسلام واصبح همه الوحيد انهاء الموسم وصيفاً.
 
المال القطري يرفع قامة الباريسي 
 
حافظ الدوري الفرنسي خلال الألفية الثالثة على نديته بدليل ان هناك 8 اندية تقاسمت ألقابه منذ عام 2001 ، بعدما ناله كل من نانت و مرسيليا و بوردو و مونبلييه وموناكو و ليل مرة واحدة، بينما توج به اولمبيك ليون 7 مرات ، و باريس سان جيرمان 5 مرات .
 
هذا وشهدت الفترة التي اعقبت انتقال ملكية نادي باريس سان جيرمان للقطريين في عام 2011 ، بروز بوادر تقلص المنافسة ، حتى ان الفريق الباريسي اصبح يعزف لوحده خارج السرب على ملاعب "الليغ 1" مقابل تراجع بقية الأندية باستثناء موناكو الذي استفاد من أموال مالكه الروسي.
 
ونجح باريس سان جيرمان في استغلال المال القطري في السيطرة على الملاعب الفرنسية بفضل التعاقدات الكبيرة التي قام بها ، وجلبه افضل اللاعبين و المدربين ، في وقت تعرف الأندية المنافسة نزيفاً و هجرة إلى خارج فرنسا نحو الدوريات الكبرى التي توفر لها رواتب عالية .
 
ومما يظهر ضعف المنافسة على لقب الدوري الفرنسي ، ان باريس سان جيرمان اصبح يركز على تسجيله أرقاماً قياسية تاريخية تتعلق برصيد النقاط و الأهداف وعدد الانتصارات بعد حسمه مصير اللقب مبكراً.
 
البرتغال تحت رحمة بورتو وبنفيكا
 
وفي الدوري البرتغالي اصبحت الجماهير بإمكانها تحديد البطل ووصيفه من خلال الكلاسيكو التقليدي بين الغريمين بورتو و بنفيكا ، حيث ان الفائز منهما سيكون على الأرجح بطلاً للمسابقة ، فيما الخاسر سيرضى بالوصافة امام البقية الذين ينشغلون بالمنافسة على خطف البطاقات المؤهلة لمسابقة الدوري الأوروبي أو البحث عن البقاء في دوري الأضواء .
 
هذا وتقاسم الغريمان 15 لقباً منذ حلول الألفية الجديدة ، حيث ناله بورتو 9 مرات ، فيما حققه بنفيكا 6 مرات ، في حين فاز به سبورتيغ لشبونة وبوافيستا بورتو مرة واحدة فقط ، لتبقى هوية البطل دوماً إما في العاصمة لشبونة أو في المدينة الثانية بورتو .
 
واستفاد الغريمان من سياسة جلب الأسماء الشابة المغمورة من اميركا الجنوبية ثم بيعها بأسعار مرتفعة للإسبان والإنكليز، من أجل تحقيق ارباح خيالية تدفعهما لبسط هيمنتهما على الدوري البرتغالي .


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في رياضة