: آخر تحديث

غادي ايزنكوت والحرب العبثية

97
103
80
مواضيع ذات صلة

اصر يحيى السنوار في غزة على تثبيت الخطوط الحمراء لوقف النار او عدمه وعمل تكتيكيا على فرض معادلة التعامل العسكري مقابل اسرائيل واستطاع انتزاع اتفاقية وقف للنار من ساسة اسرائيل وادى بالتالي الى تعويم النقاش الاسرائيلي الداخلي الى درجة استقالة وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان من منصبه وهناك من ذهب للاستنتاج ان السنوار تغلب على ليبرمان وارغمه على الاستقالة.

في اسرائيل كما قال هنري كيسنجر ذات مرة لا توجد سياسة خارجية. فالداخل الاسرائيلي والرأي العام واقتراب الانتخابات والاعتبارات بالربح والخسارة لها ثقل على قرارات ساسة الدولة العبرية والذين بات العديد منهم يغلب مصلحته الشخصية واعتبارات انتخابه على مصلحة الدولة العبرية القومية على خلاف السابقين منهم مثل يتسحاك رابين ومناحيم بيغن وليفي اشكول واخرين.

المستوى العسكري في اسرائيل المتمثل بالجيش وبقائد الاركان غادي ايزنكوت غلبوا مصلحة الدولة على مصالح الجيش وامكانية خوض الحرب التي يحلم بها كل عسكري يتدرب طيلة سنوات. غادي ايزنكوت وقف بوجه المستوى السياسي ومنع حربا على غزة كانت ستكلف اسرائيل قتلى وجرحى في صفوف الجنود والمدنيين واموالا طائلة ناهيك عن الاف الضحايا الفلسطيمنيين والدمار الذي كان سيلحق بقطاع غزة. 

غادي ايزنكوت الذي يعرف جيدا ما معنى الحرب من جهة ولا يخشاها من الناحية الاخرى لانه يمتلك العتاد الاكثر تطورا في العالم والاسلحة الاكثر فتكا في المنطقة يعرف تماما ان اي حرب تقليدية او عملية على غرار العمليات في السنوات العشر الاخيرة ستعيد الجانبين الى نفس النقطة ونفس المكان والعودة الى المربع الاول لذلك فهو فسر لساسة الدولة العبرية الذين كانوا ينظرون ربما الى كراسيهم في الكنيست والحكومة. فسر لهم ما معنى ان تعود للمربع الاول واشار الى ان الحرب يجب ان تكون سندا للحكومة للحسم في قضية غزة ومستقبل هذا القطاع في الظروف المحلية والمنطقية والعالمية. ايزنكوت قال انه يستطيع احتلال غزة خلال فترة قصيرة الا انه سيحتاج من 3 الى 5 سنوات لتمشيطها من الاسلحة الصاروخية! لكن هل اسرائيل مستعدة لدفع الثمن الذي يقترحه وزير الدفاع ليبرمان ويلهث خلفة وزير التعليم نفتالي بنيت وصقور الليكود الحربجيين على الورق؟ لهذا السؤال وجد ايزنكوت شريكا في شخص رئيس الوزراء نتانياهو ووزير المال موشي كحلون ووزير الداخلية زعيم حزب شاس المتدين ارييه درعي ووزير الاسكان غالانت ووزيرين اخرين ليرجحوا كفة التهدئة حتى بثمن الظهور بمظهر من خسر هذه الجولة.

غادي ايزنكوت هو الذي كان السبب المباشر لاستقالة وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان وهو الشخصية الاكثر فعالية في المجلس الامني المصغر الكابينيت ضد الدخول في حرب اللا جدوى فدخول الحرب قد يكون سهلا واسرائيل قد تحتل غزة وتنهي حكم حماس ولكن ماذا بعد؟ ماذا سيحصل لمليوني فلسطيني هناك؟ هل يعتقد ليبرمان ان اسرائيل باقتراح 50 الف مكان عمل للعاطلين عنه في القطاع سيجعلهم يصفقون للاحتلال المتجدد؟ 

مسألة غزة ستظل عقبة امام عسكريي وسياسيي اسرائيل ما لم تكن هناك استراتيجية للعمل السياسي وما لم ير الفلسطينيون افقا سياسيا او ضوءا ولو خافتا في نهاية النفق فهل اسرائيل بحكومتها الحالية اليمينية المتشرذمة المقبلة على انتخابات قد تفرز نفس الحكومة تقريبا؟ هل هي مستعدة للذهاب الى صفقة القرن الاميركية؟ والتي بدأت تبدو ملامحها لا تختلف عن حل الدولتين الذي اقترحه في حينه الرئيس الاميركي جورج بوش الابن. 

هذا ما وضعه رئيس الاركان الاسرائيلي المنتهية ولاتيته امام السياسيين في نقاشات الكابينيت الامني وهذا ما سيورثه لخلفه افيف كوخافي والذي لا يختلف استراتيجيا عن ايزنكوت في الموضوع الفلسطيني فهو كما تبدو الامور سيسير على خطى ايزنكوت وجنرالات قيادة الاركان في منع الحرب، اي حرب عبثية لاثبات قدرات اسرائيل العسكرية او رضوخا لاوامر وزراء اليمين الذين لا يعرفون مغزى الدخول بحرب ولا يعرفون الاهداف منها او استثمارها في الحل السياسي الذي سيلي انتهاء الحرب.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي