: آخر تحديث

هل ستعترف بريطانيا بالزواجات الدينية؟

86
84
67
مواضيع ذات صلة

أعاد  قرار المحكمة الدستوية البريطانية العليا  الصادر بحق السيدة أختر (من أصول باكستانية)  الهيبة للقانون البريطاني وسلطة هذا القانون.. وفتح  بطريقة غير مباشرة التساؤل :

1- مدى إلتزام المواطنين المسلمين  بالقوانين البريطانية.  حيث أتضح بأن قانون الزواج  الصادر عام 1949 ينص ويؤكد  على المطالبة بالزواج المدني لضمان الحقوق.. والذي تجاهلته معظم  الجاليات  المسلمة  وإقتصرت على الزواج الديني طيلة سنوات سابقة.... 

2-  مدى توافق القوانين  الدينية  الشرعية التي تصدر عن مجالس الشريعة المنتشرة في بريطانيا، مع القوانين  البريطانية التي تستند إلى قيم  العدالة وعدم التمييز بين الجنسين  ..  والذي أكده  أسقف كانتربري جوستين ويلبي  قبل  أشهر حين صرّح  بأن الأحكام الإسلامية لا تتوافق مع القضاء البريطاني..  

الجدل حول  هذه المجالس والتي تتزايد بسرعة بحيث يفوق عددها 85..  بدأ قبل سنوات..الحق في العمل حصلت علية قانونيا  وبترخيص .. ولكن  هل تملك هذه المجالس سلطة  تشريعية قانونية كما تدّعي أمام جاليتها  .. أم هي مجرد مجالس لا تملك  أي صلاحية قانونية  ... وهل تمتلك سلطة قضائية  ُتعتبر موازية  للقانون البريطاني..  عمل  على إنقسام المجتمع..  المؤكد أن هذه المجالس إستغلت  الحريات  وإستخدمت  الدين كأداة سلطوية  في تجييش المشاعر الدينية للجاليات المسلمة و للحصول على شرعية مجتمعية  وروجت إمتلاكها لهذه السلطة  .. وقامت بتقسيم المجتمع البريطاني  ما بين مسلمين وآخرين غير مؤمنين لأنهم غير مسلمين  ..

وبالتأكيد أن حكم المحكمة البريطانية العليا الأخير هز الأوساط المسلمة كما وهز  شيوخ  هذه المجالس التي تعمل فيها  تنفيذا لحكم الله كما يدّعون.. وإن كان الحكم الإلهي ينص على إلتزام الأقلية المسلمة  بقوانين البلد  الذي يقيمون فيه بمعنى إلتزام الرجل والمرأة ... خلافا لما ُيروج له  فقهاء الدين بأنه لا يجوز  للمرأة المسلمة إستغلال  القوانين الوضعية  التي ُتخالف الشريعة الإلهية  .. كمايدّعون أيضا انه لا يجوز للمسلم  التحاكم إلى المحاكم  الوضعية ؟؟ بما يوحي للجالية بأنة لا يجوز للمسلمين  اللجوء للقضاء البريطاني الأمر الذي يدفع بالعديد من النساء المسلمات للجوء  لهذه المجالس الشرعية للقضاء في قضايا الطلاق والإكتفاء بعقد الزواج الديني .. بما قد يفتح الطريق لمتطرفي الإسلام لوضع أحكامهم وربما  إجبار الآخرين على الإلتزام بها  تمهيدا لماذا   ؟؟؟؟؟؟؟ 

القصة إبتدأت حين  حاول الزوج رجل الأعمال  من أصول باكستانية التحايل على ُمطلقته   وحرمانها من حقها في  تقاسم  الثروة  التي جمعها خلال فترة زواجهما  (18 سنة )  تبعا للقانون البريطاني ,  وتقدم لدحض قضيتها أمام القضاء.. مستغلا  نقطة  عدم إعتراف الحكومة البريطانية بالزواج الديني..  برغم  عقد الزواج الإسلامي الذي حضرة العديد من الأصدقاء(  150 مدعو ) حيث أنهما لم يقوما بالزواج المدني.. 

المعروف  بين الجاليات الإسلامية  وبموجب الضغط المجتمعي على المرأة وضغط رجال الدين بما روجوه من الخوف.. لجوء المرأة إلى مجالس الشريعة وليس المحاكم البريطانية  التي لا تعترف بالزواج الديني ولكن ولحسن حظ الزوجة ومعرفتها، أنها لم تلجأ لمجالس الشريعة  .. ولجأت للقانون البريطاني..  وبعد الكثير من المداولات  .. أقر القاضي جستس وليامز.. بأنه وبرغم أن زواجهما باطلا وغير معترف به إلا أن  حقيقة أنهما عاشا معا وعوملا كزوجين خلال كل السنوات السابقة.. يعطيها الحق في إقتسام ثروته  حسب القانون البريطاني... 

بعض الصحف العربية هللت بأن هذا القرار ما هو إلا إعترافا بالزواج  والطلاق الإسلامي   وبما لا يخالف شرع الله ؟؟؟؟؟ وتناسوا بأن حكم القانون البريطاني يختلف كليا عن أي من القوانين الدينية المُشرعة  قديما ولا تتناسب مع العصر ولا تحمل روح الله في العدالة  والمساواة لأنها مليئه بالتمييز  بين الرجل والمرأة.. وأن الحكم الذي صدر بحق الزوجة  في إقتسام ثروة الزوج  ُيخالف الحكم الديني الذي  يقدم للزوجة  مؤخر الصداق الذي يفقد قيمته بفعل التضخم وإرتفاع نفقات المعيشة  ونفقة ثلاثة أشهر.. ونفقة ُمتعة إذا كان الزوج كريما...

الأهم الذي تجاهلوه  .. تأكيد القاضي  بعدم الإعتراف بالزواج الديني  حين أقر بان زواجهما كان باطلا..  ثم تأكيده على  النظر بكل حالة على حدة في المستقبل.. ؟

حسن حظ السيدة أختر أنها عاشت في مجتمع لا يعترف إطلاقا بالقوانين الدينية ويعمل طبقا لقوانين  علمانية تستند إلى المساواة  والعدالة.. والعدالة هي الإعتراف بحق كل زوجه  بنصيب مساو للرجل  خاصة وهي التي عملت على نجاحه  وإستقرارة  المعنوي  مما أهّله للنجاح.. 

الخطوة هي الأولى في الإتجاه الصحيح.. أولا  للتقليل من أهمية هذه المجالس وشيوخها..  وتهميش سلطتها  على مدى فترة زمنية قد تؤدي إلى إنتفاء الحاجة لها.  ولتوعية الكثير من نساء الجاليات المسلمة  بعدالة القانون الوضعي وعدم مصداقية أحكام هذه المجالس  لأنها تتنافى مع العدالة والرحمة.. 

ثانيا ستفتح  الحوار حول مدى تناسب أحكام تمييزية أخرى مثل حق المرأة في ميراث مساوي للذكر.. وحق المرأة في إرث زوجها كاملا.. وكثيرا من  القوانين  التي شرعها فقهاء دين بناء على تفسيراتهم  التي تتنافى مع رحمة الله وعدالتة.. 

أما موضوع النظر بالحالات منفردة.. فهو مؤقت لأن تكلفة النظر فيها ستفوق صبر وجيبة دافع الضرائب  المتذمر مسبقا من تكاليف المسلمين  الموجودين.. وإستغلالهم الثغرات القانونية كما في قانون الضمان الإجتماعي وإستغلاله في تعدد الزوجات  وغيره.. 

سيدي القارىء..  رسالتي للمنطقة العربية..  هناك ثغرات كثيرة متعددة في التشريع.. تفتح كل الأبواب للتساؤل والسخرية في العالم الغربي.. ولكن يبقى السؤال الأهم  هل تتناسب القوانين الشرعية مع الحياة ؟؟؟ هل  تستطيع المرأة  العيش بمؤخر صداق  يعولها ويحفظ كرامتها  الإنسانية. أم أننا سنُبقي على أحكام تتنافى مع كل ما ندعية عن الرحمة بالمرأة  .. الأمثلة كثيرة منها ما عملته  طالبان حين حرمت المرأة من العمل بينما يتأرجح التفسير الشرعي حول حقها في العمل أم بقائها في بيتها.. بينما رضيت لها أن تتسول في الشوارع ؟؟؟؟ 

القصة ُتذكرني بالفيلم الوثائقي الذي عملت علية إمرأة بريطانية ذهبت خصيصا للمغرب  لبحث قصة مماثلة عن إمرأة مغربية  زوجها أهلها بقراءة الفاتحة  بحضور العديد من الضيوف   لإبن خالها الأخرس الذي قام بتعذيبها وضربها طيلة سنتين ورفض توثيق عقد الزواج  .. وحين حملت منه طردها  ورفض الإعتراف  ببنوته.. مما حرم الطفلة من الدخول إلى المدرسة أو حتى الحصول على  العناية الصحية  الضرورية لأنها وحسب الشرع الديني مجهولة النسب.. ورفض القضاء المغربي الإعتراف بالزواج لأنه لم يوثق ؟؟؟ وبقيت الطفله تحمل إسم مجهولي النسب , إلى أن ساعدتها السيدة البريطانية ومن خلال منظمة للعمل المدني إثبتت وقوع الزواج حتى وإن لم يتم توثيقة  من خلال الصور  وشهادة الحاضرين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في