: آخر تحديث

من هم أعداء إيران؟

241
273
258

ألفى السيد خامنئي والإعلام ألإيراني باللائمة عن التظاهرات التي تعم إيران الان، على أعداء إيران. إيران الإسلامية والتي حسب ما تقول إن قوانينها الآهية، أي مستمدة من ما يوصي به الله، ومن المفترض إن ما يوصي به الله أن يكون تمام العدل، فالعادل لا يخرج منه باطل. ترمي أسباب ما يحدث على الأعداء، ومن المفترض انه ليس هناك من هو ضد العدل والعدالة، وان الله ينور العقول بحيث لا يسيرون خلف الباطل الذي يروج له الأعداء. إلا انه رغم الآهية القوانين فان الناس الظاهر لم تعد تتمكن من أن تصبر على ما وصلت إليه الأمور. من الناحية الاقتصادية وخصوصا الفقر والعوز المنتشران في كل مناطق إيران. ومن الملفت إن التظاهرات اشتعلت أولا في مدينة المشهد التي توصف بالمقدسة، وشرارتها انتقلت إلى الكثير من المدن الأخرى. في تناقض واضح مع ادعاءات النظام انه يمثل تعاليم الإلهية على الأرض. 

هناك سؤال أساسي باعتقادي يطرح نفسه هنا، وهو لماذا يكون لأيران أعداء؟ إن لم تكن إيران قد أضرتهم او إن مصالحهم تتضارب ومصالح إيران. وهنا أليس من واجب الدولة ومؤسساتها، والشخصيات المسيرة للأمور في الدولة، العمل من اجل إصلاح الأمور وتضييق نطاق الخلافات بين إيران وغيرها من الدول مثلا؟ إيران التي تدعي كل يوم وليل بعداءها لامريكا واسرائيل من خلال شعارها المرفوع على الدوام وهو مرك بر امريكا، مرك بر إسرائيل، من يعادي من هنا؟ أليست إيران هي التي تتدخل وتساعد وتساهم في إشعال نيران الحروب والعداوات بينها وبين من توجه اليهم بنادقها المختلفة التسميات. ولكن كيف لدولة لها نشاط سياسي وعسكري ودعوي يشمل كل العالم تقريبا، وتقوم بنشر تهديداتها ليل نهار ضد الدول الكبرى وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية، يمكن لا عداءها أن يحركوا الجماهير فيها؟ أليس هذا اتهام يمكن توجيهه للنظام الحاكم في إيران، ولأيديولوجية النظام كلها؟ ويمكن من خلال ما يقوله النظام وما يدعيه، من نشاط الأعداء، نزع القدسية التي يحتمي بها، ومن ثم نزع شرعية تمثيله للشعب ألإيراني؟ أسئلة مثيرة وكثيرة يمكن أن تنطرح هنا، وكل هذه الأسئلة تتعلق بمدى مصداقية النظام المسير للأمور في إيران.

فإيران الغنية بمواردها الأولية وقدرتها على الاكتفاء الذاتي من الناتج الزراعي، يعاني شعبها الفاقة والعوز، وأسباب ذلك، في الأساس تعود للشعارات وللأيديولوجية المسيرة للأمور في جمهورية إيران الإسلامية. فرجال الدين شجعوا كثيرا زيادة السكان، دون النظر إلى تحقيق احتياجات هذه الزيادة من الموارد والبنية التحتية، بل إن إيران قامت بتخصيص موارد ضخمة من ميزانيتها لدعم مشاريعها في السيطرة على المنطقة من خلال اذرعها التي أنشأتها. مما ساهم في تغليب السياسية الخارجية ودعم الشعارات الدينية والمذهبية على حساب التنمية الداخلية. وهنا نلاحظ ايضا إن الله لم يمد يد الدعم لإيران لا داخليا ولا خارجيا. فالجوعى الإيرانيين بقوى جوعى الخبز والحرية، والشعارات في الخارج بدأت تتلكاء، او ظهرت بوادر التراجع في العديد منها.

ايران التي هددت ولا تزال تهدد أميركا واسرائيل واحيانا دول اخرى، اعتقدت كما يعتقد الكثير من البلدان الأخرى إن تهديداتها ماهي إلا رسائل موجهة للداخل اكثر من ما هي موجهة لهذه الدول، وأمنت إن هذه الدول لا تؤخذ تهديداتها مأخذ الجد. صار من الواضح اليوم إنها مطالبة بتوضيح كل هذه التهديدات أمام شعبها، فهل حقا دولة تدعي إنها مهابة وقوية يمكن أن يهزها تدخل خارجي ما. إن لم تكن الأسس التي تقوم عليها الدولة وطرق توزيعها للموارد على خطاء جسيم.

إن الدول أحيانا مثل الأفراد، حينما يفشلون يرمون أسباب فشلهم على الآخرين، لأنهم لا يريدون أن يقروا باخطأهم. وكل ما تفعله إيران ليس محاولة أيحاد حلول صحيحة للمشاكل العويصة التي أوقعت نفسها فيها. بل الصراخ والاتهام. أول طريق هو الإقرار بان استحواذ الحرس الثوري وتخصيص المليارات لأجل نشر النفوذ، لم يجني منها الشعب الايراني أي فائدة. إن محاولة لعب دور اكبر مما هو من مقياس الامكانيات امر قد تكون نتائجه كارثية كما هي واضحة الان. 

بالرغم من كل ما ذكرته اعلاه، والإمكانية الكبيرة التي يمتلكها معارضي ومعادي ممارسة جمهورية إيران الإسلامية، للتدخل في الشأن الإيراني وخصوصا من خلال ثلاثة أطراف قوية ولها سوابق في المعارضة، مثل الكورد وعرب الأحواز والبلوش. إلا إن لإيران إمكانيات اللعب كأي قوة إقليمية والتخلص من الضغوط بتنازلات، لن تصل إلى المطالبة برقبتها. أي أن يحافظ النظام على استمراريته ولكن بإدخال تحديثات تتطلبها الخطوات التي يجب أن يتخذها لإرضاء الأعداء الخارجيين حسب ما يدعي.  ولعل اهم خطوة او تضحية يمكن ان يساوم عليها هي التضحية بحزب الله، كخطوة تصالحية مع المحيط ومع العالم الخارجي. ولكن مقابل كسب او تحييد الأطراف الخارجية، يجب أن تكون هناك خطوات داخلية، مهمة وهي المزيد من الانفتاح السياسي والاجتماعي، لان لإيران إمكانيات لرفد ميزانيتها بأموال طائلة من خلال الانفتاح السياسي والاجتماعي وهي السياحة، حتى وان اعتمدت على الجاليات الإيرانية الكبيرة في الخارج، بالإضافة إلى القاعدة الصناعية . فهل نحن سنرى إيران اكثر انفتاحا وتطورا، ام إيران تندلع فيها الانقسامات والتناحرات .

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في