: آخر تحديث

عراق الدجاجة و البيضة

79
93
93

في نهاية رائعة أميلي برونتي"مرتفعات وذرنغ"، وعندما يعود بطل القصة"هيثکليف"، وينجز إنتقامه بإستملاك المزرعة التي خدم فيها عبدا، لکنه يفقد الفتاة التي کان يحبها منذ طفولته، وبذلك لايکون لإنتقامه أي طعم و معنى له، ومع إنه يقبلها لأول مرة في حياته وهي ميتة، لکنها قبلة تجلت فيها کل أنواع تمزقه و ضياعه، تماما مثل الشعب العراقي، الذي هو أشبه بهيثکليف آخر، هيثکليف لم يتمزق و يضيع فقط وانما تشوه و صار شيئا و حالة جديدة غريبة و فريدة من نوعها يرثى لها.
العراق وبعد إنقلاب 14 تموز الدامي، والذي أدخل العراق من سيادة الدستور و القانون و الانتخابات الحرة الى متاهاة الانقلابات العسکرية المتتالية التي کان مسك ختامها إنقلاب 17 تموز، وبعد الاحتلال الامريکي للعراق و سقوط نظام حزب البعث و إعدام صدام حسين، کان الاعتقاد السائد بأن العراق سيمضي قدما صوب عهد جديد حقا و سيطوي الصفحة الدموية السوداء التي بدأت من 14 تموز 1958 و لحد 9 نيسان 2003، لکن، ليس لم يحدث شئ من ذلك بل وحتى شهد العراق عهدا و مرحلة أشبه بعهد القرامطة و ثورة الزنج.
العالم وفي القرن الواحد و العشرين، حيث التقدم العلمي المتسارع بخطى إستثنائية، فإن العراق الذي کان أول بلد عربي يمتلك محطة تلفزيون في عام 1956، نجده قاد عاد الى صفحة( الراوفض و النواصب)، والقتل و الذبح على الهوية، وفي خضم ذلك شهدنا خروج"خوارج"العصر الحديث و برز إلينا من سموه"مختار العصر"! و على هذا المنوال فقد بدأت حملة الانتقامات و الاقتصاص على خلفية طائفية ليس بوسع أحد نکرانها!
العراق الذي يعصف به الان الرياح العاتية القادمة من عهد(الروافض و النواصب)، فقد عادت قضية الخلافة من جديد ومن هو الاحق بها، وهي تفرض نفسها على الرغم من الادوار التي يمثلها بإتقان ساسة العراق(الجديد!)، أي إن العراق قد صار مشغولا و منهمکا بکشف الحقيقة؛ هل إن الدجاجة من البيضة أم البيضة من الدجاجة؟!
إيران و حزب الله اللبناني و الحوثيين، رموز السلام في المنطقة! هکذا ردت وزارة الخارجية العراقية على البيان الختامي لإجتماع وزراء الخارجية للجماعة العربية، حيث إنه وفي الوقت الذي يکاد أن يکون هناك إتفاق عربي و دولي بشأن الموقف من إيران و حزب الله اللبناني و الحوثيين، فإن وزارة الخارجية العراقية التي أثبتت بموقفها هذ المغاير للبلدان العربية، أين ومع من تقف، رغم إننا يجب أن نلفت االانظار الى حقيقة هامة وهي إن کل دعاوي و إختلافات ماقبل أکثر من 1400 عاما، قد خرجت من تحت عباءات رجال الدين الحاکمين في إيران، وبعد هذا أليس من الغريب أن يتساءل البعض: کيف يمکن للعراق الخروج من هذه الدوامة العفنة؟!
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي