: آخر تحديث

قطر.. لماذا المراوغة؟

79
82
80

السياسات القطرية لم تتغير رغم المباعدة السياسية التى جرت بين الدوحة وعدد من العواصم العربيه ذات الوزن والتأثير منذ الخامس من يونية الماضي.

في اعقاب قرار المقاطعة.. مال بعض المحللين إلي القول أن قرار الدول الأربعة – السعودية ومصر والامارات والبحرين – بمقاطعة قطر دبلوماسيا واقتصاديا وتجارياً، سيفرض علي الدوحة حتمية أن تتدارس الموقف وتقوم بمراجعة خطايها وأخطائها التي أُخذت عليها لسنوات طويلة لكي تجد لها طريقا وسطاً بين ما تراه سياسات سيادية وما يُعد تدخلاً في شئون الأخرين سواء كانوا جيران او أصدقاء.

لكن الإسابيع مرت دون ان تتم المراجعة او ان تستبدل الدوحة ان مواقفها العدوانية بأخري أكثر عقلانية او – علي الأقل - تُخفف منها.

وبدلاً من ذلك واصلت سياسات المراوغة مرة بالادعاء ان مصالحها لم تتأثر بعد ان استبدلت علاقات الأخوة والمجاورة بعلاقات فوقية عابرة للحدود.. ومرة اخري بفتح اسواقها لمتاجرات إحلالية غير محسوبة العواقب.. وثالثة بدعايات كاذبة تروج لموقف ضلالي يحذر من مغبة قيام أطراف خارجية بعملية إنقلابية داخل قطر تطيح بالنظام الحاكم.

وإتخذت سياسات شديدة التقارب مع أطراف إقليمية موضغ شبهة من جانب الدول الأوربعة المقاطعة لها.. وفتحت ابوابها " مجاناً " لحاملي جنسيات ضمن حملة سياحية نصحتها بها شركة علاقات عامة أمريكية، كلفتها عدة ملايين من الدولارات.. واستعدت لمنازلة مؤسسات الحج السعودية في ساحة الوغي توقعاً لأن ترفض سلطاتها منح تأشيرة لدخول لإداء الفريضة للراغبين من مواطنيها، ولكن سهامها إردت إليها..

وتبنت كذاباً أفكار كثيرة للمصالحة بداية من المبادرة الكويتية مرورا بما وصف من جانبها بأنه " جهد تركي خلاق ".. وما ابدته عواصم أوربية فاعلة من استعدادات لإعادة نبض الحياة إلي مسار العلاقات بينها وبين بلدان الخليج ومصر، كما جاء علي لسان المتحدث باسم الخارجية الفرنسية..

وسعت لإحداث وقعية بين السعودية والإمارات وبين الرياض والقاهرة.. ولم تفلح حيث عمدت العواصم الثلاثة إلي الشفافية فيما يعلق بعلاقاتها الثنائية وكذا ما يخص موقفها المبدئي من سياسات الدوحة العدوانية، المتمثلة في..

1 – دعم وتمويل الإرهاب

2 – الترويج إعلامياً لنشر أسس الكراهية

3 – تبني افكار التطرف وتصعيدها عن طريق الدعاية لها

4 – التدخل في شئون الأخرين بالقول والفعل

5 – توفير ملاذات آمنة لعناصر ارهابية تعمل علي زعزعة استقرار المنطقة

هذا الموقف المبدئي الذي حمله أمير الكويت معه إلي واشنطن مؤخراً.. دفع الرئيس الامريكي إلي اتخاذ موقف واضح من الأزمة، تأسس علي:

أ – أن الوحدة بين الشركاء الخليجيون وواشنطن تعد ركناً أساسياً لتوفير دعائم الإستقرار الأقليمي الذي يضمن توافر الأجواء المواتية لتحقيق المصالح العليا للطرفين..

ب – ان التوافق بين هؤلاء الشركاء ضرورة مُلحة لوضع مقررات زيارته للرياض موضع التنفيذ فيما يخص التصدي للتهديدات التى تعكسها سياسيات طهران في المنطقة بشكل خاص وفي الشرق الأوسط علي وجه العموم.

في ضوء هاتين الحقيقتين، قام الرئيس ترامب – وفق بيان رسمي نشره الييت الأبيض - بالإتصال بقادة السعودية والإمارات وقطر مشدداً أن " الحوار والدبلوماسية هما الأقرب للواقعية لكي تتوصل جميع الأطراف إلي مخرج يمثل مصلحتها جميعا في الوصول بهذه الأزمة إلي بر الأمان ".

ترتيباً علي ذلك جري الاتصال المباشر بين الدوحة والرياض مساء الخميس 8 الجاري، اعرب من خلاله الأمير الشيخ تميم بن حمد أل ثان لولي العهد السعودي الأميرمحمد بن سلمان عن استعداد قطر لبدء حوار يفضي إلي تبادل الرأي ووجهات النظر حول سبل " حلحلة الأزمة القائمة بينها وبين الدول الاربعة المعنية ".

وكان من الطبيعي ان تعلن الرياض عن هذا الإتصال.. وان تؤكد حرصها علي " الإعلان عن تفاصيل الخطوة التالية " بعد ان تنتهي من إجراء اتصالاتها مع الثلاثة دول الأخري الإمارات والبحرين ومصر.

فور نشر نشر وكالة الأنباء السعودية للخبر، بادرت الدوحة إلي الإيحاء بأن الاتصال بين الطرفين تم بناء علي مبادرة من جانب الرياض!! وان إستجابة الدوحة لفتح الحواء جرت تحت ضغط من جانب واشنطن والذي يموجبه عرض ولي العهد السعودي تكليف مبعوثين لبحث اسباب الخلاف والنظر في انسب الأليات لحله.

وكان من الطبيعي في ظل هذا الإدعاء المغلوط والإيحاء بما هو مخالف للحقيقة، ان تعلن السعودية " أن السلطات القطرية " تواصل تحريف الحقيقة، مما يبرهن علي أنها ليست جادة في السعي لفتح أفق للحوار " ومن ثم " تقرر تعطيل أي تواصل مباشر معها حتي يصدر عنها توضيح علني، يحدد مسار قدرتها علي فعله في العلن، ويوفر أرضية جادة صلبة إلي تطبيق المبادي التى تدعمها دول العالم بهدف توفير الإستقرار والأمن للجميع ".

لماذا حرفت الدوحة الحقيقة؟

ربما لأن المراوغة تحولت إلي مبدأ وعقيدة ضمن وسائل السياسات القطرية!! ربما لأنها لم تكن تتوقع ان يُنشر خبر الإتصال المباشر الذي جري بهذه الكيفية من الشفافية و العلانية.. وربما لأن القوي الاقليمية الضاغطة علي القرار القطري رأت في الخطوات المترتبة عليه ما يهدد سياساتها التدميرية علي مستوي الخليج والشرق الأوسط بعامة.. وربما لأن الجماعات الهاربة من وجه العدالة العربية والدولية إلي حضن الدوحة المادي والمعنوي، توقعت ان تضيق الحلقة عليها فتضطر إلي البحث عن مأوي جديد قد يصعب توافره.

وهناك احتمال آخر يقول أن الدوحة نفسها لم تكن تتوقع ان تفتح السعودية مسارات التنسيق بينها وبين الإمارت والبحرين ومصر للتوافق حول الخطوة التالية، وظنت انها ستنفرد علي المستوي الثنائي بما يترتب عليها من إجراءات دون حتى مشاروات مع تلك الأطراف!

استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا

[email protected]
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في