: آخر تحديث
إيران شغل الإدارة الجديدة الشاغل

دونالد ترامب على خطى رونالد ريغان في أول عهده

268
317
269
مواضيع ذات صلة

*بقلم ريتشارد شترواس: يبدو أن دونالد ترامب يعيد تاريخ سلفه رونالد ريغان، خصوصًا في أول أيام عهده، ساعيًا إلى حفظ التوازن والابتعاد عن سياسات باراك أوباما ما استطاع.

"لم يتأخر في إبلاغ الجميع بأن هناك شرطيًا جديدًا في المدينة"، كما قال دبلوماسي مخضرم مازحًا هذا الاسبوع، متكلمًا عن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب. وعلى الرغم من أن الدبلوماسي لم يكن يشير إلى خوض ترامب في معمعة الشرق الأوسط، فهذا ايضًا مثال على الطريقة التي أظهر بها ميله إلى إطلاق تصريحات سياسية حتى قبل تنصيبه رئيسًا. 

 

رونالد ريغان

 

طلقة تحذيرية

دفع تصريح ترامب، بأن على الولايات المتحدة أن تستخدم حق الفيتو ضد أي قرار في مجلس الأمن يدين اسرائيل بسبب سياستها الاستيطانية في الضفة الغربية، الحكومة المصرية إلى سحب قرار بهذا المعنى موقتًا في الأقل.

ويبدو أن إدارة أوباما في ضربة وداعية موجهة إلى حكومة نتنياهو كانت تفكر جديًا في الامتناع عن التصويت على مثل هذا القرار، على الرغم من إدراكها أن ادارة ترامب المقبلة أوضحت أنها ستتخذ موقفًا مختلفًا من علاقتها بالدولة اليهودية. لكن على الرغم من هذه "الطلقة التحذيرية" من ترامب، فإن مراقبين مطلعين يقولون إن القرار لم يمت.

لكنّ محللين مخضرمين يقولون إن إدارة أوباما ستلاقي صعوبة بالغة في تجنب استخدام الفيتو ضد مثل هذا القرار إزاء الحقيقة الماثلة في أن الفريق الآتي المسؤول عن السياسة الخارجية سيفعل كل ما بوسعه لإضعاف مثل هذا الموقف حتى إذا لم يتمكنوا من الغاء القرار. وقال مسؤول قديم في وزارة الخارجية الاميركية: "ان ذلك سيجعلنا نبدو كأن سياستنا تفتقر إلى الثبات".

 

باراك أوباما

 

سياسات مستمرة 

لكن قلة تتوقع الآن استمرارية سياسات الادارة الجديدة، ناهيكم بثباتها. فالرئيس الذي يتربع على قمة الادارة لا يميل إلى التغريد على تويتر لطرح سياساته في منتصف الليل فحسب، بل شكل فريقًا لتولي السياسة الخارجية يمثل من نواحٍ عديدة مقاربات مختلفة إزاء صنع السياسة الخارجية. 

يعلق مسؤول مخضرم في وزارة الخارجية بالقول: "ان ما يشتركون به على ما يبدو، من الرئيس فما دون، هو غياب الخبرة المباشرة في صنع السياسة. والأكثر من ذلك أن بعضهم، مثل مايكل فلين، مستشار ترامب لشؤون الأمن القومي (منصب الغاية منه القيام بدور الوسيط النزيه بين اعضاء فريق السياسة الخارجية في الادارة حين يختلفون)، لديهم أجندات ايديولوجية واضحة. 

بحسب من عملوا مع فلين، فإن آراءه بشأن خطر التطرف الاسلامي تذهب أبعد من آراء رئيسه المقبل. كما أن لديه نظرة تناحرية إلى ايران، تذهب هي ايضًا أبعد من نظرة الرئيس المنتخب ترامب وأي عضو أساسي آخر في فريق السياسة الخارجية وجنرال سابق آخر هو جيمس ماتيس، الذي عُين بمنصب وزير الدفاع. 

إخفاقات ذريعة 

ريكس تيلرسون، الرئيس التنفيذي لشركة اكسون موبيل الذي رُشح لتولي وزارة الخارجية، معروف مثله مثل زملائه في شركات النفط الكبرى بموقفه البراغماتي من دول نفطية مثل ايران. وفي نظر البعض، فإنه يذكّرهم بوزير خارجية جمهوري آخر تعامل على نطاق واسع مع دول نفطية هو جورج شولتز، الرئيس التنفيذي لشركة بيكتيل قبل أن يرشحه رونالد ريغان لخلافة الكسندر هيغ. وفي البداية كان أداء شولتز كما هو متوقع، متعاطفًا مع القضية الفلسطينية، من بين قضايا أخرى. وعلى حد تعبير مساعد قديم، فإنه لم يصبح "أول وزير خارجية يكون مواليًا لاسرائيل ومعاديًا للعرب في أثناء وجوده في المنصب، بدلًا من العكس"، إلا في وقت لاحق. 

 

ريكس تيلرسون

 

ويرى بعض آخر أن ادارة ترامب مشابهة لإدارة رونالد ريغان في أيامها الأولى في الأقل، عندما سعت إلى الحفاظ على توازن، وفي الوقت نفسه الابتعاد بصورة حادة عن سياسات الادارة السابقة عليها (ادارة جيمي كارتر)؛ إذ كان مستشارو الأمن القومي يأتون ويذهبون بشيء من السرعة. أُقيل هيغ من منصب وزير الخارجية، وكان الرئيس يفاجئ صانعي السياسة الخارجية المخضرمين باطلاق تصريحات مرتَجَلة (وإن كان يطلقها في مجالس خاصة) تعكس آراء دفينة غير تقليدية. ونتيجة ذلك، حتى بوجود فريق مستقر من المستشارين راسخ في موقعه، دارت صراعات بين الأجهزة المختلفة استمرت واسفرت في النهاية عن إخفاقات ذريعة مثل فضيحة ايران ـ كونترا.

الدور الإيراني

مرة أخرى، من المتوقع أن تؤدي إيران دورًا في مشاغل ادارة اميركية. وفي هذه الحال، فإن ترامب جعل من الواضح أن محاربة داعش ستكون اولويته الأولى في الشرق الأوسط. هذا يمكن أن يعتبر استمرارًا لسياسة اوباما التي أدت، بين نتائج أخرى، إلى موقف يتحاشى التدخل المباشر تجاه سلوك نظام الأسد في سوريا.

لكن، إزاء ما يُعرف عن فلين وماتيس، اللذين ينظران إلى ايران على انها قوة كبيرة لزعزعة الاستقرار في المنطقة، بل قوة يجب مواجهتها، يصعب أن نرى كيف يمكن تحقيق هذه المواجهة مع الالتزام حصرًا بسياسة تعادي داعش فحسب. كما يشير دبلوماسي مخضرم ايضًا، الى أن "الايرانيين سيعمدون بصورة طبيعية إلى استفزاز ترامب، فهم لا يستطيعون أن يقاوموا ذلك".  

وفي نظر بعض الدول، بما في ذلك حكومات اوروبية، فإن انتهاج سياسة متشددة تجاه ايران يجب ألا يتأخر. فهي تنظر إلى دور ايران (وروسيا) في دعم الأسد باعتدائه الهائل على الأغلبية السنية على انه سبب للتطرف ولأزمة اللاجئين التي تهدد استقرارها. وكما يعترف دبلوماسي أوروبي بصراحة: "إذا سمحتَ للأسد بالنجاح فانك تتعامل مع ايران وهذا التعامل سينال من الأمن الاوروبي، فكفوا عن القلق من إغضاب ايران".

وكما يلاحظ محلل اميركي، فإن العرب الذين لا يشكلون إلا 5 في المئة من سكان العالم يشكلون الآن نصف لاجئي العالم. 

 خيبة أمل مريرة

تأمل دول الخليج العربي، بقيادة السعودية، بأن تعكس أفعال الادارة المقبلة تجاه إيران خطابية ترامب وفريقه. لكن هذه الدول تدرك التناقض المتأصل في امتناع الرئيس المنتخب من الانجرار إلى مغامرات خارجية، أو ضرورة استهداف ايران "باهتمام خاص". وعلى حد تعبير سفير خليجي أخيرًا، فإن "الانعزالية وايران لا تمتزجان". لكن، في وزارة الخارجية حيث الانعزالية غير مرحب بها، هناك حدود لاستعدادهم للتدخل. 

تتجسد هذه الحدود في الموقف من شخص جون بولتن الذي يعتبره بعض مستشاري ترامب المرشح المثالي الثاني بعد تيلرسون لتولي وزارة الخارجية. فبولتن ذو الميول التدخلية القوية والمواقف المتشددة شخص ممقوت في وزارة الخارجية الاميركية. 

كما أن هؤلاء المسؤولين، بمن فيهم وزير الخارجية جون كيري، سيُصابون بخيبة أمل مريرة إذا أُجهض القرار بشأن المستوطنات الاسرائيلية. ولكن اجهاضه سيكون تغييرًا واحدًا من بين عدة تغييرات في السياسة لن تروق لهم، وخصوصًا السياسة المتبعة تجاه اسرائيل. بالفعل، عيّن ترامب ديفيد فريدمان، المعروف بدعمه المعلن لحركة الاستيطان، سفيرًا في اسرائيل. وهناك مؤشرات إلى أن ترامب مستعد لنقل السفارة الاميركية إلى القدس، في إجراء وعد به سابقوه خلال حملاتهم الانتخابية لكنهم لم ينفذوه بعد انتخابهم، (وهو أمر لدى الحكومة الاسرائيلية مشاعر متناقضة إزاءه، نظرًا لما سيحدثه ذلك من ضجة محتملة يمكن أن تضر بعلاقاتها المتحسنة مع دول عربية محافظة). لكن إدارة ترامب ستحتاج إلى التعلم شيئًا فشيئًا. وكما قال احد السفراء من باب المزاح أخيرًا: "على حين غرة، أشعر كأنني سفير في بلد مختلف". 
 

*ريتشارد شترواس، الخبير الرائد في شؤون الشرق الأوسط

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي