: آخر تحديث

تغاضوا عن كل الموبقات وحرَموا الخمر

208
198
191

العراق، اصبح فعلا بلد العجائب والغرائب، وكل ما لا يخطر على بال عاقل. في يوم السبت، الثاني والعشرون من الشهر الحالي، صوت مجلس النواب العتيد على قانون واردات البلديات الذي ادرج على جدول الأعمال في اللحظات الأخيرة لإقراره بعد إضافة مادة جديدة تحضر استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية بأنواعها كافة.
اثار هذا القرار العجيب الغريب حفيظة شريحة كبيرة من الشعب العراقي من اتباع جميع الديانات، ولم يكن تحفظ المسلمين وانتقادهم لهذا القرار راجعا الى عدم إيمانهم بحرمته من الناحية الدينية، فهذا امر مفروغ منه بالنسبة للمسلمين في كافة انحاء العالم. إنما جاء التحفظ والرفض بسبب مخالفة هذا القانون للمادة الثانية من الدستور التي تنص على: "لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية، كما لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في الدستور".
بعض الدول العربية التي سنت مثل هذا القانون منذ عقود من الزمن، لم يمتنع المواطنون في تلك الدول ممن يرغبون في إحتساء الخمر عن ذلك، ووجدوا اكثر من وسيلة للحصول عليه. منها على سبيل المثال: تهريبه من البلدان المجاورة، تصنيعه محليا، السفر الى البلدان المجاورة خلال عطلة نهاية الأسبوع. الأدهى من ذلك والأخطر هو إزدهار تجارة المخدرات والحبوب المخدرة والمهلوسة في تلك الدول، حيث توجه مواطني تلك الدول لتعاطي هذه المواد القاتلة عوضا عن الخمر، وهذا ما سوف يحدث في العراق قريبا اذا لم يلغى هذا القانون.
إحتساء الخمر لا يعد من قضايا الرأي العام، بل هو من الحريات الشخصية التي يجب احترامها طالما انها لا تتعدى على حريات الآخرين. وفي اعتقادي الشخصي، أرى انه من الأفضل والأصلح ان يقلع المسلمون ممن يحتسون الخمر عن إحتساءه لإيمانهم وقناعتهم الشخصية بأن كل شيئ حرمه الله هو في مصلحتهم. أما المواطنون من اتباع الديانات الأخرى، فلا سلطة للحكومات عليهم في مثل هذه القضايا الشخصية طالما انها لا تحدث ضررا على الآخرين.
لا يزال هناك حوالي 460 مليار دولار امريكي مفقودة من موازنات العراق بين عامي 2004م – 2014م بإعتراف رئيس الوزراء الحالي "السيد حيدر العبادي"، ولا يعرفون او بالأحرى لا يريدون ان يعرفون اين ذهبت تلك الأموال. يحدث هذا في بلاد الرافدين في ظل حكومات متعاقبة تسيطر عليها احزاب تدعي تمسكها بالاسلام ومبادئه. اتساءل هنا، الم يحرم الله في كتابه الكريم الظلم بكل انواعه، وسرقة المال العام، والاعتداء على اموال واملاك الغير، والرشوة، واستغلال المناصب الرسمية؟ هذه الموبقات ضررها المباشر يصيب 90% من الشعب العراقي، اين القوانين التي تجرمها؟
العراق حاليا في حالة حرب على اكثر من جبهة. هناك داعش التي لا تزال تسيطر على مساحة كبيرة من العراق، وهناك دول مجاورة تتربص شرا بالعراق وتحاول استغلال الظروف الحالية لإقتطاع اجزاء من اراضيه لأسباب تاريخية واهية، او ان يكون لها نفوذ سياسي مباشر او غير مباشر في بعض المناطق التي يقطنها مواطنون عراقيون من اصول تركمانية وغيرها بحجة حماية هذه الأقليات التي تنتسب الى قوميتها. البرلمان العراقي، للأسف الشديد، بدلا من العمل على تمتين الجبهة الداخلية لمواجهة هذه الأخطار المحدقة بالعراق، يسن مثل هذا القانون البائس لخلق الفرقة بين ابناء الشعب العراقي بتنوعاته الدينية والمذهبية والقومية والاثنية. 
ارسل لي احد الاصدقاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي شريط فيديو لمقابلة مع احد المواطنين العراقيين على القناة الفضائية العراقية "هنا بغداد"، وكان عنوان البرنامج "من الواقع". تحدث المواطن العراقي حيث قال: "انا معوق حرب وعاطل من العمل، ولدي خمسة اطفال واسكن بيت بالإيجار، واعيش على صدقات المحسنين. انا هنا لأعلن عن رغبتي في بيع هاتين الطفلتين بسعر 150 الف دينار عراقي للواحدة. دهش المذيع وسأله عن السبب، فقال: "لا استطيع إعالتهم، وبثمنهم سوف اتمكن من إعالة الثلاثة الآخرين". ايها النواب، إذا كان هذا صحيحا، استحلفكم بالله: أليس هذا أشد على الله من الشرك به؟ 
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي