: آخر تحديث

قمة المصافحة السعودية - الروسية

72
55
60
مواضيع ذات صلة

زياد الدريس 

حظيت مصافحة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في افتتاح قمة العشرين بالأرجنتين الأسبوع الماضي، باهتمام إعلامي كبير وبتساؤلات سياسية أكبر.


‏(الحرب الباردة) استمرت سنوات عديدة و(السلام الحار) استمر ثوانيَ عدة، ‏ولكن كلاهما أشغل العالم بالتحليل والتأويل!

لم يكن الملفت للانتباه في تلك المصافحة عنصر واحد فقط، كما قد يحدث مع المصافحات السياسية المعتادة، ولكن أكثر من عنصر:

أولاً: تلك المصافحة (الاستثنائية) لم تكن بين ولي العهد السعودي ورئيس خفيف لدولة ثقيلة أو رئيس ثقيل لدولة خفيفة، بل كانت مع الثعلب بوتين الرئيس الثقيل لدولة قطبية ثقيلة.

ثانياً: لم يكن شكل المصافحة من النوع الذي يحدث بين أي شخصين اعتياديين، بل هي من النوع الذي يحدث فقط بين صديقين، بل صديقين منسجمين متوافقَين. وهو الذي أثار دهشة المراقبين بسبب ندرة الذين استطاعوا أن يكونوا أصدقاء لبوتين!

ثالثاً: توقيت المصافحة لم يكن عابراً، حيث كانت عدد من وسائل الإعلام، والفضائيات خصوصاً، تراهن على أن ولي العهد السعودي سيلقى تهميشاً واضحاً أثناء قمة العشرين. لكن تلك الجهات الإعلامية، والسياسية المختبئة وراءها، خسرت الرهان والأمنيات، ليس فقط بسبب مصافحة بوتين الأكثر وضوحاً وضجيجاً، ولكن أيضاً ما سبقها ولحقها من مصافحات ولقاءات ومهامسات للأمير السعودي الشاب مع معظم وأبرز قادة العشرين.

رابعاً: الانسجام السعودي/ الروسي الذي أبانت عنه المصافحة، مثّل نفياً للمزاعم التي يطلقها بعض الكتّاب والمحللين عن الاحتكار الأميركي للعلاقات السعودية الدولية؛ السياسية والاقتصادية منها. وتأكيداً على أن السعودية الجديدة تبحث عن العلاقات التي تخدم مصالحها، سواءً اتجهت غرباً أو شرقاً.

جعلتني هذه المصافحة الاستثنائية أستعيد ما سبق أن كتبته من مقالات في العامين 2002 و 2003 أدعو فيها إلى تجسير العلاقة بين المملكة العربية السعودية والاتحاد الروسي، ليس من مبدأ استبدال حليف بحليف آخر، ولكن من منطلق تنويع التحالفات وتعديدها، وهروباً من التحالفات الاحتكارية التي عادةً ما تكون باهظة الثمن. وقد جعلتُ عنوان أحد تلك المقالات هو: "حارة الكون تتسع لصديقين بدلاًمن صديق واحد" (صحيفة الشرق الأوسط، ١٤ يونيو ٢٠٠٢م).

بشكل أكثر دقة، فإن المصافحة الاستثنائية بين الأمير السعودي والرئيس الروسي لا تتجه لنفي مبدأ الصداقة مع طرف أو العداوة مع طرف آخر، لكنها تنفي الديمومة.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.