: آخر تحديث

"هاكاثون الحج" وتحدي الإعلام الهادف

66
59
63
مواضيع ذات صلة

 نايف بن محمد الوعيل 

انفض سامر "هاكاثون الحج"، بكل ما اشتمل عليه من أحلام شبابية وعقول نيّرة من أنحاء العالم كافة وتطبيقات تكنولوجية تنضوي تحت سقف واحد لعدة عشرات من الساعات، وتستهدف جميعها تذليل تجربة الحج لقاصدي بيت الله الحرام بسبيل التكنولوجيا، في حدث سنوي كسر الأرقام القياسية، ليُعد بذلك أكبر "هاكاثون" أقيم عالميًا، بتنظيم من الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، ولكن تبقى لنا وقفة أخيرة لدى سلسلة تغريدات أطلقها سعود القحطاني رئيس اتحاد الأمن السيبراني، بالتزامن مع الحفل الختامي للتظاهرة البرمجية التي احتضنتها المملكة، وكشف فيها عن مُبادرة لإنتاج برنامج سعودي من فئة "تلفزيون الواقع"، تكون في مواجهة العشرات من برامج المسابقات المُعرّبة التي تغزو شاشاتنا، وتجمع بين عِدة صفات جوهرية: مشوّقة وممتعة ومفيدة في ذات الوقت، حد وصف القحطاني، فيما يصطلح الخبراء على تسميته عادةً بالإعلام الهادف، والذي يفتقر في صورته غير المتقنة لعُنصر الجاذبية والمتعة.

البث الحي والمتابعة المستمرة لمجريات "هاكاثون الحج" ما هما سوى تجربة لترجيح الإعلام الهادف على أطياف التسلية والترفيه المتلفز، فهناك الآلاف ممن تابعوا الحدث على المنصات الإخبارية بحماسة واندماج رغم أن السباق لم يضم أياً من مشاهير عالم الفنون والترفيه وأصحاب الحسابات المكتظة بالمتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، فقط مجموعات مجهولة من ذوي الموهبة وحب الابتكار اجتمعوا على العمل المكثف وتوظيف التكنولوجيا لخدمة ضيوف الرحمن. لا ينكر أحد على الإعلام وظيفته الترفيهية البسيطة وقدرته على إرضاء رغبات الجمهور، إلا أن من وظائفه أيضاً نشر المعرفة والثقافة، وبث المحتوى الجاد بل إعادة ترتيب أولويات المشاهد حسب ما يراه صانع المحتوى أكثر قيمة وأهمية للجماهير. اليوم أصبحت صناعة المادة الإعلامية عملية تجارية بحتة تحكمها مفاهيم "الترافيك" والأكثر مشاهدة وعوامل الجذب الإعلانية، في بعض الأحيان علينا أن نقدم لجمهورنا ما يحتاجه وليس ما يريده.

على عكس المتوقع، من الصعب بمكان صناعة رسالة إعلامية هادفة العام 2018 تقاوم بريق مقاطع الفيديو الضاحكة والمتتالية على مواقع التواصل، وتصمد أمام عروض الترفيه غير المشروطة على الأقمار الصناعية، لم يعد بإمكاننا التوجه لجمهور اليوم بمحاضرات وخطابات جامدة، علينا أن نكون على أشد درجة من المرونة والقابلية للتأقلم مع مستحدثات العصر وأهمها السرعة، فبالنسبة لشباب اليوم أصبحت مشاهدة مقطع فيديو علمي مُعد من قبل شاب محترف على يوتيوب أكثر أهمية من مشاهدة وثائقي احترافي على قناة متخصصة، علينا هنا ألا نغفل أهمية الإبقاء على عامل التشويق والإثارة في تقديم المعلومات والمادة الإعلامية للجمهور، ما يمثل الوعاء البراق الذي تنتقل عبره الرسالة الهادفة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد