: آخر تحديث

مصر في كتابات جمال السويدي

99
98
78

خالد عمر بن ققه 

مصر حاضرة عربيّاً ـ وستظل ــ في الوجدان، والفعل السياسي، وفي العلاقات البينية والجماعية، وفي الخطاب الشفهي اليومي، وفي الصِّيغ المقبولة والمرفوضة على مستوى الاجتهاد الديني، وفي الكتابات لدى العقلاء والمفكرين والباحثين، وعلى خلفية ذلك، تأتي كتابات من خارج الفضاء المصري ومن غير أهل«الكنانة» شاهدة على الدور المصري في مساراته الثلاثة: المحلية، والقومية والعالمية، من ذلك ما يظهر جلياًّ ومُعْلناً في كتابات المفكر الإماراتي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي.

لقد تابعتُ كتابات جمال السويدي منذ 18 عاماً، وأحسبُ أنه، كأيّ مفكر صاحب قضية، تًعمَّقَتْ لديه مسألة أراها في غاية الأهمية، وهي: ضرورة التغيير في العالم العربي، شرط أن يكون ذلك من خلال الحسم في قضايانا الداخلية، خاصة تلك المتعلقة بأدْلَجَة العمل السياسي وإعطائه صِبْغَة دِينيَّة، وأن يكون هذا ضمن وعي باتجاهات الآخرين وأطروحاتهم السياسية وموقعهم في ميزان القوة على المستوى الدولي، وانطلاقاً من رفض«الأِدْلَجَة»، وإدراك شروط العولمة، ألَّف خلال السنوات الأربع الماضية أربعة كتب - تبدو الأغزر في حياته الأكاديمية والبحثية والفكرية- بدءاً من كتاب «السراب» وانتهاءً بكتابه الأخير «أحداث غيّرت العالم»، وجميعها تحدث فيها عن مصر.

ففي كتابه الأخير «أحداث غيّرت العالم»، الذي صدر في أبريل الماضي، يُورِد السويدي حدثين من مصر من بين عشرين حدثاً كتب عنها، غيَّرت في نظره وجه العالم، الأول: إنشاء السد العالي باعتباره ـ كما سمَّاه ــ «صفحة في كتاب الإرادة العربية، علينا العودة إلى قصته وتاريخه وقادته الفاعلين، وإرادة التغيير لديهم»، والثاني: حرب أكتوبر 1973، كونها ـ في نظره ـ مثّلت «التضامن العربي الذي قلب ميزان القوى، وتشكل إحدى المحطَّات المضيئة في التاريخ العربي الحديث، وإحدى العلامات الفارقة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط والعالم كله».

وإذا عُدْنا إلى كتابات السويدي ـ ضمن عدٍّ تنازلي ـ فسنجِدْهُ في السنّة الماضية (مايو 2017 )، أصدر كتاباً بعنوان «لا تستسلم.. خلاصة تجاربي»، روى فيه تجربته البحثية والسياسية وحتى المَرَضِية، ومع أن معظم ما جاء في الكتاب يخص السيرة الذاتية للكاتب، فقد أوضح تأثير الزعيم جمال عبد الناصر على أسرته، حتى أن أباه سمَّاه عليه، مثلما كان عبد الناصر مصدر حب وتقدير من كل أهل الخليج العربي، ويذكر كيفية التفاعل مع خُطَبِه والحزن لموته، ويُثمِّن ما تركه من تأثير على الوعي الجماعي للأمة، والعمل من أجل وحدتها. وفي السنة ما قبل الماضية 2016 نشر كتاباً بعنوان «بصمات خالدة.. شخصيات صنعت التاريخ وأخرى غيّرت مستقبل أوطانها» تحدث فيه عن 22 شخصية منها ثلاث شخصيات من مصر، هي: جمال عبد الناصر، الذي اعتبره زعيماً قومياً أدرك، باكراً، خطر التطرف على الدولة الوطنية، والرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي سمَّاه «رجل المرحلة»، واعتبره نموذجاً للقيادة الوطنيّة الصادقة التي تعمل بدأب وإخلاص لخدمة وطنها، والحفاظ على أمته، ومحمد علي باشا، باعتباره «صانع الدولة العربية الحديثة».

وفي كتابه الجريء، الصّادر في يناير 2015، تحت عنوان «السَّراب»، كشف ألاعيب الجماعات الدينية في فصل كامل حول تجربة «الإخوان» في مصر، مُقيِّماً تجربتهم التاريخية، ومُبيّناً أهدافهم السياسية، ومُدَافِعاً عن وطنية الدولة المصرية، ومُشخّصاً المصاعب والأزمات التي تعاني منها اليوم بسبب تلك الجماعات.. هكذا إذاً، استحضر جمال سند السويدي تجارب مصر، في كتبه الأربعة السابقة الذكر، نتيجة اهتمام إماراتي بدور مصر واستقرارها، وأملاً في عودتها لصناعة وإحداث التغيير.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد