: آخر تحديث

الحياة الثقافية في الرياض

80
78
76
مواضيع ذات صلة

 عبدالله بن بخيت

في الشهر الفضيل المنصرم زرت أحياء الرياض القديمة، هذه ليست المرة الأولى، في كل مرة أزور فيها المناطق القديمة من الرياض يفسد الحنين الذي يجتاحني الطابع السياحي للزيارة، أنظر للماضي الذي عرفته والذي عشته وأتذكر سكان الحي الذين رحلوا، أستعيدهم وأعيد معهم الذكريات. لا أرى أي شيء من الحاضر الذي يتحرك أمامي. كأن هؤلاء السكان الجدد ليسوا بشراً.

في يوم العيد زرت بصحبة صديق مناطق من الرياض بعيدة عن ذاكرتي، ليس لطفولتي مكان فيها، انطلقنا من البطحاء وانتهينا في الملز، عبرنا أحياء بالكاد أتذكر منها شيئاً. غبيرة والمرقب والعود والحلة وحلة القصمان والغرابي والملز، لم أكن أتخيل أنها متداخلة يفضي بعضها إلى بعض، اكتشفت أن الرياض لم تعد تلك المدينة التي نعرفها، تم تقسيمها ثقافياً لغات وملابس ومطاعم وأجواء تنتسب إلى فضاءات إنسانية مختلفة. هذا العالم الغريب لم أسمع به في الصحف أو وسائل الإعلام ولم تغطه حتى السوشل ميديا، لعل سكانه ينتمون إعلامياً لعالمهم الذي جاؤوا منه.

لا أعلم مدى انخراطهم في ثقافة مدينة الرياض ككل ولكن من الواضح أن الثقافات السائدة هي ثقافة بلدانهم التي جاؤوا منها وهذا أمر طبيعي ولكن ما هي حدود سيطرة أجهزة البلد على ضبط الحياة فيها.

من الصعب اليوم أن تحدد هل الرياض متعددة الثقافات أم أن الثقافات التي نراها ليست سوى تجمعات فقيرة لا تضيف إلى المدينة عمقاً اقتصادياً أو سياحياً وترفيهياً. في بيئة كهذه قد تنمو الممارسات السيئة.

تقيم الأمانة مجموعة من الفعاليات الترفيهية في أماكن مختلفة من الرياض. معظمها كما لاحظت مرتبة بطريقة لا تأخذ هذه التجمعات في الاعتبار، فكما أننا ندعو فنانين عرباً وسعوديين لأحياء حفلات فمن باب أولى أن توجه البلدية الدعوة لفنانين وفنانات من مختلف البلدان التي ينتمي إليها غير العرب كالباكستانيين والهنود والفلبينيين وغيرهم. هؤلاء جزء من مجتمع المدينة لهم حق المشاركة في أفراح المدينة وعليهم واجب إثراء هذه الأفراح بطابعهم الثقافي وفنونهم ومتعهم، أن يغني فنان باكستاني أو فلبيني أو أن تقام مسرحيات تعود إلى الثقافات المختلفة التي تعيش في المملكة على مسارح الرياض عمل لا يقدر بثمن، بناء ثقافة مدينة، الرياض لم تعد تلك المدينة التي عرفناها في العقود الماضية وأخشى أن تكون نمت بعيداً عن أعين المخططين، وجود غير السعوديين من ثقافات مختلفة يمكن أن يكون سبباً في كثير من المشكلات ولكن يمكن بالدمج المرشد أن يجعل المدينة كوزموبولتينية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد