: آخر تحديث

قمة القدس

71
78
85

  عبدالله محمد الشيبة

  أكاد أجزم أن إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود إطلاق «قمة القدس» على القمة العربية الأخيرة كان مفاجأة للعديد من العرب قبل الغرب. وهو بذلك لم يثبت فقط للقاصي والداني أن فلسطين في ضمير الشعوب العربية، بل أثبت أن «سلمان الحزم» هو قلب الأمة العربية والإسلامية وضميرها الذي من ناحية، يحمل على عاتقه إعادة الأراضي العربية المحتلة للشعب الفلسطيني وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف، ومن ناحية أخرى، يواجه الزحف الفارسي من «إيران» الطامعة للتوسع ونشر الفتنة الطائفية بين الشعوب العربية، وبث الفرقة والخلافات واحتلال الدول العربية المجاورة. ولقد ترجم القادة العرب توجه خادم الحرمين الشريفين بتنديدهم واستنكارهم ورفضهم قرار الإدارة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

ولم يكتف خادم الحرمين الشريفين بالدعم السياسي لفلسطين المحتلة، بل أردف ذلك بالدعم المالي عندما أعلن عن تبرع المملكة بمبلغ 150 مليون دولار لدعم الأوقاف الإسلامية في القدس، وعن تبرعات إضافية بقيمة 50 مليون دولار لصالح وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا‏»‬. ‬وقد ‬أكد ‬بذلك ‬خادم ‬الحرمين ‬الشريفين ‬بأن ‬المال ‬لا ‬يجب ‬أن ‬يتم ‬توجيهه ‬للتنمية ‬والتطوير ‬فقط ‬بل ‬لدعم ‬قضية ‬العرب ‬منذ ‬عام ‬1948 ‬أيضا، ‬مشيراً ‬إلى ‬مركزية ‬قضية ‬فلسطين ‬بالنسبة ‬للأمة ‬العربية ‬جمعاء، ‬وعلى ‬الهوية ‬العربية ‬للقدس ‬الشرقية ‬المحتلة، ‬عاصمة ‬دولة ‬فلسطين.

وقد جاء البيان الختامي للقمة العربية متوافقا مع مقررات قمة بيروت في العام 2002م، والتي ما زال العرب يشددون من خلالها على أهمية السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط كخيار عربي استراتيجي من خلال مبادرة السلام العربية التي تنتهجها جميع الدول العربية، والتي ما تزال تشكل الخطة الأكثر شمولية لمعالجة جميع قضايا الوضع النهائي، وفي مقدمتها قضية اللاجئين. ومن جانب آخر، أكد القادة العرب بطلان وعدم شرعية القرار الأميركي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مع رفضهم القاطع الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، حيث ستبقى القدس عاصمة فلسطين العربية، مع تحذيرهم من اتخاذ أية إجراءات من شأنها تغيير الصفة القانونية والسياسية الراهنة للقدس، حيث سيؤدي ذلك إلى تداعيات مؤثرة على الشرق الأوسط بأكمله. ‬ولم ‬يغفل ‬القادة ‬العرب ‬التأكيد أن ‬المواقف ‬الإسرائيلية ‬المتعنتة ‬تحول، ‬بلا ‬ريب، ‬دون الوصول ‬لحل ‬نهائي ينهي ‬الاحتلال ‬الإسرائيلي، ‬إضافة ‬إلى ‬الرفض ‬العربي ‬لكافة ‬الخطوات ‬الإسرائيلية ‬أحادية ‬الجانب ‬التي ‬تهدف ‬إلى ‬تغيير ‬الحقائق ‬على ‬الأرض، ‬وتقويض ‬حل ‬الدولتين، ‬مطالبين ‬المجتمع ‬الدولي ‬بتنفيذ ‬قرارات ‬الشرعية ‬الدولية، ‬وآخرها ‬قرار ‬مجلس ‬الأمن ‬رقم ‬2334 ‬عام ‬2016، ‬الذي ‬يدين ‬الاستيطان ‬ومصادرة ‬الأراضي.

كما أكدت القمة العربية مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته إزاء الانتهاكات الإسرائيلية والإجراءات التعسفية التي تطال المسجد الأقصى والمصلين فيه، واعتبار إدارة أوقاف القدس والمسجد الأقصى الأردنية السلطة القانونية الوحيدة على الحرم في إدارته وصيانته والحفاظ عليه وتنظيم الدخول إليه. ‬تلك ‬المواقف ‬العربية ‬الراسخة ‬ما ‬زالت ‬تؤكد عروبة ‬فلسطين ‬وهويتها ‬وتاريخها ‬وعاصمتها ‬القدس ‬الشريف ‬أولى ‬القبلتين ‬وثالث ‬الحرمين ‬الشريفين.

واللافت للنظر أن موقف خادم الحرمين الشريفين قد جاء في وقت ظن فيه القاصي والداني أن القادة العرب قد وضعوا فلسطين في ذيل أولوياتهم، لتأتي القمة العربية في مدينة الظهران السعودية لتؤكد أن فلسطين عامة والقدس خاصة على رأس الأولويات العربية ولم يتم تجاهلها، كما لن يتم وقف تقديم كافة صور الدعم للشعب الفلسطيني الشقيق الذي يرزح تحت الاحتلال الصهيوني. ومن المؤكد أن التنسيق العربي وموقف القادة العرب سيستمر إلى أن يتم إعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة للشعب الفلسطيني الشقيق، ويعود العلم الفلسطيني يرفرف فوق فلسطين وخاصة فوق القدس والمسجد الأقصى الشريف.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد