: آخر تحديث

المغرب: هل تشهد الأحزاب التاريخية اصطفافات جديدة؟

160
164
162

 المغرب: مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية هل تشهد الأحزاب التاريخية اصطفافات جديدة؟


محمود معروف

حملت الأيام الماضية ملامح التحالفات الحزبية المغربية، ما بعد تشريعيات الخريف المقبل، تحالفات قائمة على استقطاب يضع المشهد السياسي المغربي تحت رحمة قطبين يخوضان حربا شرسة فيما بينهما.


وبغض النظر عن موقعه المستقبلي في المشهد السياسي، فان حزب الاستقلال، أعرق الأحزاب المغربية، حسم شكل هذه التحالفات بعد الانتخابات التشريعية يوم 7 تشرين الاول/ اكتوبر المقبل، ان كانت هذه التحالفات أغلبية أو معارضة.
ومنذ بداية العقد الثاني من الألفية الثانية، ظهر قطبان للمشهد السياسي المغربي، من جهة حزب العدالة والتنمية، ذا المرجعية الإسلامية والفائز في تشريعيات تشرين الثاني/نوفمبر 2011 ليكون الحزب الرئيسي في حكومة مكونة من ليبراليين ومحافظين واشتراكيين، ومن جهة ثانية حزب الأصالة والمعاصرة (ليبرالي يقوده يساريون سابقون) يقود معارضة تبدلت أطرافها وتباينت المسافات بينها، بعد ان تفرقت الأحزاب الديمقراطية ووهنت وذهبت ريحها.
أثناء تشكيلة حكومته، وضع بن كيران، زعيم حزب العدالة والتنمية، وضع نصب عينيه تشكيلة حكومية تتكون من حزبه والأحزاب الديمقراطية التاريخية، حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية، وهي الأحزاب التي قادت الشارع السياسي المغربي منذ الاستقلال 1956 إلى اندلاع الربيع العربي، الذي كان الموقف المتذبذب لهذه الأحزاب اعلانا للتباعد بينها وبين الشارع المغربي.


كانت طموحات بن كيران ان تشكل هذه الأحزاب سندا له ولبرنامجه المرتكز على محاربة الفساد والتحكم (اشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة الذي يقدم كممثل للدولة العميقة)، أو على حد تعبيره «يسخنو كتافي» ولبى طموحاته حزب الاستقلال الذي احتل المرتبة الثانية في الحكومة وحزب التقدم والاشتراكية وأضاف لهم الحركة الشعبية (محافظ).


وخلال الشهور 18 من عمر الحكومة الاولى لبن كيران، كان حزب الاستقلال معارضا داخل الحكومة، فبقدر ما كان حزب التقدم والاشتراكية حليفا حقيقيا لحزب العدالة والتنمية كان حزب الاستقلال مشاركا مناكفا له، ومع التحولات والتطورات التي عرفتها بلدان الربيع العربي، خاصة بعد الانقلاب في مصر يوم 3 تموز/ يوليو 2013، وذهاب المحللين ان الانقلاب هو اعلان نهاية تجربة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في تدبير الشأن العام، رفع حزب الاستقلال من مناكفته لبن كيران وتوجها بالخروج من الحكومة. السنوات الثلاث التي مرت كشفت عن خطأ تقديرات أعرق الأحزاب المغربية، اذ استمر بن كيران رئيسا للحكومة وحزبه الحزب الرئيس فيها (ادخل التدمع الوطني للاحرار بديلا لحزب الاستقلال)، واكتشف حزب الاستقلال ان قراءته لحزب الأصالة والمعاصرة لم تكن دقيقة وبدت بداخله تتسرب رؤية ان هذا الأخير لا يختلف عن غيره من الأحزاب التي كان يطلق عليها في ثمانينيات القرن الماضي «الأحزاب الادارية» التي أوجدتها الدولة العميقة لتطويق الأحزاب الديمقراطية ومنها حزب الاستقلال، الا ان ما عرفه المغرب من تطورات واصلاحات منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، لم يعد يسمح للدولة العميقة التحكم بالخريطة الانتخابية، وتأكد ذلك في الانتخابات المحلية والجهوية يوم 4 ايلول/سبتمبر الماضي التي كانت المفصل لشكل التحالفات المقبلة.


في يوم الاقتراع لوحظ وبشهادة جميع أطراف العملية الانتخابية، حيادية الدولة لكن التدخلات التي افرزت مكاتب ومجالس البلديات والجهات، أشارت إلى ان الصراع ذاهب باتجاه فرز واضح بين الأحزاب «التاريخية» بقيادة حزب العدالة والتنمية والأحزاب «الادارية» بقيادة حزب الأصالة والمعاصرة الذي اصطف إلى جانبه الأحزاب «الادارية» حتى تلك المشاركة في الحكومة (التجمع والحركة) وخرجت الأحزاب التي اصطفت إلى جانبه ضد حزب العدالة والتنمية خلال السنوات الثلاث الماضية، (حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي) خالية الوفاض.
من هذه القراءة وشعور عبد الاله بن كيران وحزبه بقلق كبير من عملية التسويق التي تعمل عليها عدة جهات لصالح غريمه السياسي الأصالة والمعاصرة ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في 7 تشرين الاول/ أكتوبر المقبل، بدأ غزله لحزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، غزل أوتي اؤكله حتى الآن مع حزب الاستقلال الذي أعلن رسميا قراراه بالتحالف، بعد انتخابات 7 تشرين الاول/أكتوبر، مع الأحزاب الوطنية وهو التحالف الطبيعي.
ورحب عبد الاله بن كيران بموقف حزب الاستقلال الجديد وقال ان هذا الحزب انتبه إلى أن العدالة والتنمية لا يمكن أن يكون خصمه، وهو الآن يصحح المسار الذي سار فيه.
كما رحب نبيل بن عبد الله زعيم حزب التقدم والاشتراكية بموقف حزب عريق (حزب الاستقلال)، وأعرب عن امنيته «أن يلتحق عدد من الأطراف الأخرى المؤمنة بالمشروع الديمقراطي والحداثي» وقال أن حزبه لا يشعر بأي قلق داخلي بخصوص تحالفه الظرفي مع العدالة والتنمية (الحزب الرئيسي بالحكومة ذي المرجعية الإسلامية).

يبقى التساؤل حول موقع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من هذا التحالف وأهميته ليس من حجم تمثيليته التي تراجعت كثيرا، بل لما يملكه من تاريخ، خاصة بعد استضافة احدى مؤسساته الثقافية الهامة في ليلة رمضانية لعبد الاله بن كيران وتخفيف الهجوم على حزبه وحكومته بداية هجومات مبطنة ضد «التحكم» الذي رمز به لحزب الأصالة المعاصرة.
وفي ظل دعوة بن كيران لأول مرة إلى تأسيس جبهة ضد التحكم، وجه نداءه مباشرة إلى جميع الأحزاب المعنية به، خاصة «الأحزاب التاريخية» و«الأحزاب الأخرى» التي لها غيرة على بلادها ولا تخضع لمنطق «التحكم».

وأعلن نبيل بن عبد الله، عن إن «التحدي الكبير يتمثل في مدى قدرة القوى الديمقراطية واليسارية الفاعلة، وليس التي تقف عند مواقف راديكالية بدون تأثير على المجتمع، أن تستفيق من وضعيتها للدفاع عن المشروع الحداثي الديمقراطي الذي نؤمن به» ودعوته إلى «استجماع كل طاقات، لأن ما يحاك خطير جداً، ومنه ما يتم في الليل ضد رجال الأعمال والصحافة لاستمالتهم بكل الطرق».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد