: آخر تحديث
أقل رئيس سابق يكلف الخزينة الأميركية مالًا

جيمي كارتر يعيش متواضعًا في جورجيا... ويقول الحقيقة دائمًا

65
75
54

يأبى الرئيس الأميركي جيمي كارتر أن يعيش إلا عيشة متواضعة في مسقط رأسه في جورجيا، لا يريد تبديد أموال دافعي الضرائب، ولا يتخلى عن قول الحقيقة، حتى لو أضر ذلك به. إنه الرئيس الأقل شهرة في التاريخ الأميركي، لكنه الذي حقق سلامًا في الشرق الأوسط كان الأول من نوعه.

إيلاف من دبي: سبعون عامًا مرت على زواج الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر وزوجته روزالين سميث، وما زالا معًا، يعيشان عيشة هناء في مسقط رأسه في جورجيا. 

في عشاء ليلة سبت عند جيرانهما، ينتهي كارتر من تناول سمك السلمون. يبتسم لروزالين، فتضحك وتمسك بيده، وتمشي بعناية لتعبر مطبخًا مملوءًا بأزرار تعود إلى الحملة الرئاسية في عام 1976، وبصور زعماء العالم. خارج الباب ينتظر ثلاثة من رجال الحماية السرية التي تُفرز لحماية الرؤساء.

خرج جيمي وروزالين كارتر، مشيًا مع حرسهما على طول شارع ويست تشيرش ستريت، بعد تناول العشاء في منزل أحد الأصدقاء في بلينز في ولاية جورجيا، حيث عادا بعد مغادرة البيت الأبيض. هذا ما يفعلانه في كل عطلة نهاية أسبوع في هذه المدينة الصغيرة التي ولدا فيها، قبل 94 عامًا تقريبًا. هذه الليلة، كان العشاء في منزل صديقهما جيل ستوكي، وتناول كل منهما كوبًا واحدًا من الشاردونيه، ثمّ تنزّها نصف ميل إلى المزرعة التي بنياها في عام 1961.

كارتر مبتسما اثناء مصافحة رئيس وزراء إسرائيل مناحيم بغين والرئيس المصري انور السادات خلال توقيع كامب ديفيد

فعل العكس
خلافًا لمن خلفه من الرؤساء، يعيش الرئيس الأميركي التاسع والثلاثون بتواضع. فالرؤساء الآخرون غادروا البيت الأبيض ليمسكوا بتلابيبي سلطة من نوع آخر: سلطة المال. حتى أولئك الذين لم يبدأوا في بناء ثرواتهم، بمن فيهم بيل كلينتون وباراك أوباما، فقد حققوا عشرات الملايين من الدولارات لفرص القطاع الخاص التي تتدفق بسهولة إلى جيوب الرؤساء السابقين.

عندما غادر كارتر البيت الأبيض بعد فترة مضطربة ختمها رونالد ريغان في انتخابات عام 1980، عاد أدراجه إلى مسقط رأسه. قرر الرئيس الديمقراطي السابق عدم الانضمام إلى مجالس إدارة الشركات، أو إلقاء الخطب مقابل أموال ضخمة، لأنه لم يرغب في الاستفادة ماليًا من الوجود في البيت الأبيض، كما يقول.

قال المؤرخ الرئاسي مايكل بيشلوس إن جيرالد فورد، سلف كارتر وصديقه المقرب، أول من استفاد من فرص ما بعد الرئاسة العالية المرتب، "لكن كارتر فعل العكس".

منذ فورد، يكسب رؤساء سابقون آخرون، وأحيانًا زوجاتهم، مئات الآلاف من الدولارات مقابل كل خطاب. يقول كارتر: "لا أرى خطأ في ذلك؛ أنا لا ألوم الآخرين على فعل ذلك، لكن لم يكن طموحي أبدًا أن أغتني".

كارتر خلال آخر زياراته إلى رام الله

واردات قليلة
كان كارتر في السادسة والخمسين عندما غادر البيت الأبيض. يقول إن أعماله في مجال الفول السوداني التي كانت مقيدة خلال فترة رئاسته، كانت ترزح تحت ديون تبلغ مليون دولار، فاضطر إلى بيعها. تقول روزالين: "كنا نظن أننا سنخسر كل شيء".

قرر كارتر أن دخله سيأتي من التأليف، وقد ألّف 33 كتابًا عن حياته وحياته المهنية وعقيدته والسلام في الشرق الأوسط وحقوق المرأة والشيخوخة وصيد الأسماك والتجارة. حتى إنه ألّف كتابًا للأطفال كتبه مع ابنته آيمي.

مع دخل كتبه والمعاش السنوي 210.700 دولار الذي يتلقاه جميع الرؤساء السابقين، يعيش كارتر بشكل مريح. لكن كتبه لم تجمع أبدًا المبالغ الضخمة التي ينالها الرؤساء الجدد.

أسلوب حياة كارتر البسيط نادر بشكل متزايد في عصر الرئيس الحالي الملياردير دونالد ترمب. وكارتر هو الرئيس الوحيد في العصر الحديث الذي يعود بدوام كامل إلى منزل كان يعيش فيه قبل أن يدخل السياسة: مزرعة مؤلفة من غرفتي نوم، تقدر قيمتها بنحو 167000 دولار، أي أقل من قيمة سيارات الخدمة السرية المدرعة التي تقف خارجها.

يكلفهم أقل
في الغالب، يطير الرؤساء السابقون على متن طائراتهم الخاصة، وفي بعض الأحيان يقترضون من أصدقائهم الأثرياء، لكن كارتر يطير على متن الطائرات المدنية التجارية. يقول ستوكي إن في رحلة أخيرة من أتلانتا إلى لوس أنجلس، سار كارتر صعودًا وهبوطًا في الممر يحيّي الركاب الآخرين، ويلتقط معهم صورًا شخصية.

يكلف كارتر دافعي الضرائب الأميركيين أقل من أي رئيس سابق آخر، وفقًا لإدارة الخدمات العامة، بإجمالي فاتورة تكاليف في السنة المالية الحالية 456.000 دولار، تغطي المعاشات التقاعدية والمكاتب والموظفين والمصروفات الأخرى. هذا أقل من نصف مبلغ 952 ألف دولار الذي تم تخصيصه في الميزانية جورج بوش الأب. أما الرؤساء السابقون الثلاثة الآخرون - كلينتون وجورج دبليو بوش وأوباما - فكلفوا دافعي الضرائب أكثر من مليون دولار سنويًا.

يكلف مكتب كارتر جزءًا بسيطًا من تكاليف أوباما، التي تبلغ 536 ألف دولار سنويًا. تبلغ تكاليف كلينتون 518 ألف دولار، وجورج بوش 497 ألف دولار وجورج بوش الأب 286000 دولار.

أقول الحقيقة!
"أنا معجب كبير بهاري ترومان". يقول كارتر الذي كتب كتبه في مرأب حوّله مكانًا له: "إنه الرئيس المفضل عندي، وأنا أحاول فعلًا محاكاته، فهو وضع مثالًا أعتقد أنه مثير للإعجاب".

يقول كارتر: "ربما كنت قد بالغت في التركيز على محنة الرهائن عندما كنت في السنة الأخيرة من عهدي، لكنني كنت مهووسًا بهم شخصيًا، وبعائلاتهم، أردت أن أفعل أي شيء لإعادتهم إلى منازلهم بأمان، وهذا ما فعلته".

عندما ينظر كارتر إلى عهده، يقول إنه أكثر فخرًا "بالحفاظ على السلام ودعم حقوق الإنسان"، وباتفاقيات كامب ديفيد للسلام بين إسرائيل ومصر، وعمله على تطبيع العلاقات مع الصين. في عام 2002، حصل على جائزة نوبل للسلام تقديرًا لجهوده. يقول دائمًا: "كنت أقول الحقيقة دائمًا".

كان كارتر هادئًا بشكل خاص تجاه ترمب. لكن بعد مرور عامين من عهد ترمب، لم يعد يدعمه. يقول: "أعتقد أنه كارثة في مجال حقوق الإنسان ورعاية الناس ومعاملة الناس على قدم المساواة". تقول روزالين: "الأسوأ هو أنه لا يقول الحقيقة، وهذا يضر بكل شيء".

يعتقد كارتر أن موقف إدارة ترمب محكوم بالجهل، وأن القيم الأخلاقية والمعنوية للأمة ما زالت سليمة، وأن الأميركيين "سيعودون في النهاية إلى التمييز بين ما هو صحيح وما هو خطأ، وما هو لائق وما هو غير لائق، وما هو حقيقي وما هو كذب...  لكنني أشك في حدوث ذلك في حياتي".


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "واشنطن بوست". الأصل منشور على الرابط التالي:
https://www.washingtonpost.com/news/national/wp/2018/08/17/feature/the-un-celebrity-president-jimmy-carter-shuns-riches-lives-modestly-in-his-georgia-hometown/?utm_term=.887f0b6fb768


 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار