: آخر تحديث
نشطاء يطالبون بجعل المناسبة عطلة رسمية مؤدى عنها 

الأمازيغ المغاربة يحتفلون السبت بالسنة الامازيغية 2968

79
89
82

«إيلاف» من الرباط: يحتفل الأمازيغ المغاربة ليلة غد السبت  بحلول السنة الجديدة 2968، وسيصادف 14 يناير أول أيام السنة الأمازيغية الجديدة، وهي المناسبة التي ما زالت تحتل مكانة مهمة في تخليد الطقوس والعادات لدى الأمازيغ (سكان المغرب الأولون) سواء المغاربة أو بشمال إفريقيا و الساحل. 

عن هذا الطقس السنوي ومدى ارتباط المجتمع الأمازيغي بإحيائه وانتقاله لفضاء أوسع من خلال تنظيم ندوات ومحاضرات عنه من طرف العديد من الجمعيات الأمازيغية وأحزاب سياسية مغربية، استقت « إيلاف المغرب » آراء نشطاء أمازيغيين عن حلول السنة الجديدة. 

فمنذ عصور والأمازيغ المغاربة يحتفلون بحلول السنة الجديدة، التي ترتبط لديهم بموسم فلاحي يأملون أن يكون جيدا. يختلف في تفاصيله من منطقة إلى أخرى (الريف، الأطلس المتوسط و الكبير، سوس… ) لكن يوحده التاريخ وبعض الأطباق الشعبية كطبق « تاكلا » الذي يعد الأكثر شعبية. لم يعرف الإحتفال بالسنة الجديدة الذي يسميه الأمازيغ « يناير » أو « الناير » والذي يصادف ال13 من يناير من كل سنة ميلادية اندثارا أو تقلصًا، بل هو حاضر بقوة لديهم، حيث الإستعدادات على قدم وساق في المنازل لتهيئة الأطباق و طقوس الإحتفال. 

 

عصيدة "تاكلا "ملك الأطباق

العائلات الأمازيغية تجعل من طبق « تاكلا » ملك الأطباق المقدمة بمناسبة العام الأمازيغي الجديد، وهي عبارة عن حساء مكون من الذرة تسمى « تاروايت نأوسكار » أو الشعير « تاروايت نتمزين »، وتقدم في إناء دائري مصحوبة بزيت الأركان أو السمن المذاب، حسب المتوفر في البيت. 

ورغم بساطة هذا الطبق وتواضعه إلا أنه يعد سيد الأطباق التي تحظى باهتمام الأمازيغ احتفالا بقدوم السنة الجديدة. وتجتمع العائلة حول هذا الطبق ليلة رأس السنة التي تصادف 13 يناير الميلادية من كل سنة، حيث يعد 14 يناير أول أيام السنة الأمازيغية الجديدة، وإعلانا عن انتهاء الموسم الفلاحي من حرث وزراعة و البدء للتحضيرات اللوجستيكية لمواجهة البرد التي تسمى « الليالي ».

ويعتبر العديد من الأمازيغ أن بساطة طبق « تاكلا » أو  « العصيدة » يكون الهدف منه هو تربية الأجيال و الصغار على تحمل قساوة الطبيعة والعيش بأقل ما يمكن، تحسبًا للظروف القادمة التي يحملها موسم فلاحي جديد قد يكون غير واضح المعالم. 

ويستغرب كثيرون ، ومنهم المغاربة أنفسهم، للتفاوت الحاصل بين السنة الأمازيغية والسنة الميلادية، حيث تتجاوز الأولى الثانية ب950 سنة، حيث التقويم الأمازيغي يمثل تاريخ انتصار الملك « شيشنق » على فرعون مصر، كما جاء لدى بعض المؤرخين. 

التوابل الحارة واللفت محرمة في « يناير »

من العادات المتوارثة في بعض المناطق تهيئة طبق الكسكس المعروف، ليلة رأس السنة، حيث يتم وضع نواة تمر داخل قصعة الكسكس المصنوعة من خشب العرعار، و ومن وجدها يعد الأوفر حظا من بين أفراد الأسرة وهو من ستتحقق أمانيه خلال السنة الجديدة، كما أن أفراد العائلة يتبادلون التهاني بعبارة « أسكاس أماينو إيغودان »، وهي العبارة التي أصبح المغاربة قاطبة يتبادلونها من خلال مواقع التواصل الإجتماعي اعترافًا بهذه المناسبة.  

ويعتقد الأمازيغ منذ زقت طويل أنه لا يجوز تناول التوابل الحارة كالإبزار و الفلفل الحار خوفا من القادم من الأيام، كما ينبغي تجنب طهي اللفت، نظرًا لما يرمز له من هجوم الفئران على المحاصيل الزراعية. 

ومن المعتقدات السائدة كذلك أن ربات البيوت يحتفظن بمقدار ملعقة من الكسكس المعد للإحتفال تحت ضوء النجوم، حتى إذا ما استيقظت في الصباح ووجدت به شعرًا يخص البهائم فذلك علامة على موسم فلاحي جيد، أما إذا هطلت الأمطار خلال تلك الليلة، فذلك يدل على موسم من أحسن المواسم. 

خروج الإحتفال نحو فضاء أوسع

من مظاهر الإحتفال الجديدة للسنة الأمازيغية، انتقالها نحو فضاء أرحب و أوسع، حيث الملاحظ توجه العديد من الجمعيات المحسوبة على الحركة الأمازيغية نحو تنظيم لقاءات وندوات للتعريف بالسنة الأمازيغية الجديدة والإحتفالات المواكبة لها، والتي تستمر طيلة أيام الإحتفال. 

يقول ابراهيم الحسناوي باحث في الثقافة المغربية لـ "إيلاف المغرب" إن حضور الإحتفال بالسنة الأمازيغية أصبح ملفتا مقارنة بالسنوات الماضية، وهو ما يمكن إرجاعه لإطاره العام، أي السيرورة و حضور الثقافة الأمازيغية في النقاش السياسي والتربوي والثقافي بشكل عام. 

ويضيف الحسناوي أن النقاش الموسع الذي اتخذته الأمازيغية خلال الآونة الأخيرة، خاصة مع إقرار دستور 2011 باللغة الأمازيغية كلغة رسمية للبلاد، أصبح الإهتمام بتلك الطقوس طاغياً في وسائل الإعلام، في ارتباطه كما قلت بالحركة والدينامية التي تعرفها الحركة الأمازيغية عموما.
وأشار الحسناوي إلى أن الإحتفال لم يعد يقتصر على الأمازيغ داخل بيوتهم، بل امتد ليصل إلى المطالبين بتخصيص حلول السنة الأمازيغية الجديدة كيوم عطلة رسمية مؤدى عنها ، كما هو الشأن لباقي المناسبات.

مطلب شعبي

يفسر أحمد أرحموش رئيس الفدرالية المغربية للجمعيات الأمازيغية أن إهتمام كل الجمعيات بهذا الموضوع، بل وحتى بعض الأحزاب السياسية المغربية (12 حزبا تقريبا) والتي ستنظم ندوات في هذا الإطار، بكون العمل الذي تقوم به الجمعيات الأمازيغية له أساس شعبي، وتاريخي وهوياتي. ويالتالي،  يضيف أرحموش، في اتصال مع "إيلاف المغرب" أن الحركة الأمازيغية استطاعت أن تقنع الفاعل المدني الذي يشتغل خارج الإطار الأمازيغي أو حتى الفاعل السياسي بضرورة التفاعل مع جزء من مقومات الأمازيغية ببلادنا، وهو ما يعطينا انطباعًا بكون المسؤولين أصبحوا يستعيدون توازنهم العقلي، أي بدل اللجوء لبناء البلد وفق مقومات وعناصر أجنبية، أصبح الإهتمام منكباً حول ما راكمه المغاربة في تاريخهم لما يزيد عن 33 قرنًا. 

وأشاد أرحموش بما أسماه "اهتمام النخبة بالتعدد الثقافي والهوياتي بالمغرب"، معتبرا أن ذلك من شأنه أن يجعل المواطنين المغاربة قادرين على استيعاب التعدد الثقافي والهوياتي، معتبرًا أن ذلك من شأنه تجنيب المغاربة من الصراعات المبنية على العرق أو اللغة أو الإنتماء للأصل القومي، أو تلك المرتبطة بالهوية. 

وعن مطلب تخصيص حلول السنة الجديدة كعطلة رسمية مؤدى عنها، قال أرحموش إن هذا المطلب للأسف مازال في دهاليز الحكومة لما يناهز 27 سنة ، ولم يبرح مكانه، آملاً بـ"إطلاق سراحه » من الآن و إلى غاية يوم الأحد القادم، بحسب تعبيره.

وعن الإحتفال بالسنة الأمازيغية ، أكد رئيس الفدرالية أنه لا يخص المغرب لوحده، بل يمتد إلى شمال إفريقيا و الساحل كبوركينا فاسو و النيجر، ومالي ودول أخرى تمتد إلى غاية جزر الكناري. 

وأشار ارحموش أن هذه المناسبة تخلد حسب الأعراف الفلاحية للمنطقة ما يعرف بالتناوب على المياه، حيث تبدأ الدورة المائية ابتداءً من 14 يناير الجاري، بعد أن تكون قد انتهت مرحلة الحرث و الزراعة، لتبدأ مرحلة السقي، كما أنه يخلد لاستعدادات سكان المناطق الجبلية لتوفير المواد اللوجستيكية لمحاربة موجات البرد القارس. 

وطالب أرحموش بضرورة الإحتفال به رسميًا من قبل الحكومة المغربية، وإخراجه من نطاق الإحتفال الشعبي إلى الرسمي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار