: آخر تحديث
رشيد الوالي: على أبناء اليوم أن يعرفوا تضحيات الأباء في سبيل وحدة الوطن

"معجزات قسم" فيلم توثيقي لمعاناة الأسرى المغاربة لدى "البوليساريو"

273
278
288

الرباط: ارتأى حزب التقدم والاشتراكية المغربي،(الشيوعي سابقا)، المشارك في الحكومة  الحالية، أن يخلد ذكرى احتفاء المغرب بالذكرى الثانية والأربعين للمسيرة الخضراء، المرتبطة باسترجاع الصحراء، بعرض شريط ليلة الخميس، في مقره بالرباط، بعنوان "معجزات قسم..ربع قرن من الصمود"، من إخراج لبنى اليونسي وإنتاج محمد الحسن الشاوي.

بدأ الشريط متأخرا عن موعده المحدد، بحوالي ساعة تقريبا، وقد حضرته القيادة السياسية للحزب ممثلة في مولاي إسماعيل العلوي، رئيس مجلس الرئاسة، إضافة إلى عضوي الديوان السياسي خالد الناصري ومحمد الصبيحي، فيما اعتذر محمد نبيل عبد الله، الأمين العام للحزب عن الحضور، لوجوده في الدار البيضاء، لمشاركته في تشييع جنازة الراحل عبد الله شقرون، الكاتب والإعلامي والمسرحي والتلفزيوني المعروف.

شهادات مؤلمة

يحكي الفيلم بالصورة والصوت وقائع حقيقية عن معاناة الجنود المغاربة الذين احتجزتهم جبهة البوليساريو الانفصالية، في تيندوف (جنوب غربي الجزائر)، لأزيد من 20 سنة، كلها قهر وتعذيب نفسي وجسدي حد الموت، في انتهاك جسيم لحقوق الإنسان.

والجديد في هذا الشريط التوثيقي، أن ممثليه هم بعض الأبطال  الحقيقيين الذين جسدوا فيه ماعايشوه، وما تعرضوا له من تنكيل خلال فترة أسرهم، اعتمادا على الذاكرة المشحونة بالكثير من صور العذاب.  

على امتداد مشاهد الفيلم الصادمة، تتوالى الشهادات المؤلمة على ألسنة الأسرى، ضمن سيناريو  وحوار محبوكين، مرفوقة بلقطات تجسد هول المأساة، التي تحملوها بمنتهى الصبر والصمود، إيمانا منهم بعدالة قضية وحدتهم الترابية.

الحفاظ على الذاكرة

علي أنجاب، أحد الأسرى السابقين، قال إنه كان حريصا أثناء إنجاز  هذا الشريط على ألا يتضمن إلا ما هو حقيقي، حفاظا على الذاكرة، ووفاء لأرواح أولئك الذين ضحوا بأرواحهم من أجل قضية الوحدة الترابية، منوها في نفس الوقت بصبر زوجات الأسرى، اللواتي عشن أكثر من عشرين سنة في انتظار عودة أزواجهن، وقمن بواجب تربية الأبناء خير قيام، وأوصلوهم إلى مراتب متقدمة في التعليم.

يروي أحد الأسرى المغاربة في شهادة له عبر الشريط التوثيقي:" الضباط الجزائرون كانوا دائما حاضرين في جلسات الاستنطاق، ويتصرفون معنا بأسلوب فظ ينم عن الكراهية، ولطالما كانوا يسألوننا: لماذا جئتم إلى الصحراء؟"

التعليمات كانت تصب دائما في المنحى الذي يكثف من إحساس الأسرى المغاربة بالمعاناة، من خلال تكليفهم الأشغال  الشاقة، في ظروف جد قاسية، بينما يلهب السوط ظهورهم، من دون رحمة ولا شفقة، ولا احترام للمواثيق الدولية الخاصة بالأسرى.

ونظرا لقساوة الأشغال الشاقة، فقد كان الأسرى المغاربة في مخيمات تندوف، يتمنون في الليل وهم نيام، ألا يأتي النهار، وألا تشرق الشمس، حتى لايخضعوا لمزيد من حصص التعذيب، حسب تعبير أحدهم، ولطالما كان يتم الرمي بهم في حفر تحت أشعة الشمس نهارا، والبرودة ليلا، أو في زنازن انفرادية تزهق أرواحهم، والكثير منهم جرت عملية تصفيتهم جسديا، وتم دفنهم تحت أنظار رفاقهم. 

الحرب الإعلامية

كانت الأشغال الشاقة، كما يحكي المحتجزون لدى جيهة البوليساريو، تبتديء من الساعة الخامسة صباحا، ولا تنتهي إلا في حدود الساعة التاسعة ليلا، أما التغذية فكانت في منتهى السوء، لدرجة أن المرء يعافها، ولا يقدر على تناولها إلا تحت ضغط الجوع.

من المشاهد المؤلمة، أن أحد الرعاة في الصحراء، قاده حظه العاثر إلى الوقوع أسيرا بين أيدي "بوليساريو "، فكان نصيبه من التعذيب فوق ما لايمكن لبشر أن يتحمله، خاصة بعد أن تم صب الزيت عليه، وإشعال النار فوق رأسه، قبل إطفائها، وظل جلد وجهه ملتصقا بكتفه، وعلامات الحرق بادية على ملامحه.

والأمر الذي كان يزيد من معاناة الأسرى المغاربة هو إدخالهم ضمن الحرب الإعلامية الممنهجة ضد بلدهم، إذ كانت الأوامر تسند إليهم بتلاوة أوراق، مهيأة سلفا،أمام ميكروفون إذاعة البوليساريو، تتضمن عبارات من السب والشتم بشأن الثوابت الوطنية للمملكة.

وحين دقت ساعة العودة إلى أرض الوطن، تحت رعاية الصليب الأحمر الدولي لم يصدق الأسرى أنفسهم: " حتى الدقائق الأخيرة، والطائرة تتأهب للإقلاع نحو مطار أكادير، (جنوب المغرب)، ظلت الوساوس والشكوك تسكن نفوسنا، خوفا من أن يتم التراجع عن قرار ترحيلنا".

الأسرى استرجعوا تلك اللحظات الحبلى بالفرح، والمفعمة بالحنين والشوق،  فقال أحدهم  إنه استنشق "رائحة المغرب"، حين كانت الطائرة تحلق في أجوائه، بينما حكى آخر: " زوجتي خاطبتني " على سلامتك ياأخي"، بعد الوصول، ومنذ ذلك الحين، وأنا أناديها بأختي".

وقد أجمع كل الأسرى في شهاداتهم، على أن ما قاموا به يدخل في خانة الواجب الوطني من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية للوطن، معبرين عن استعدادهم الدائم للذود عنه.

شحنة الصدق

رشيد الوالي، الممثل السينمائي المغربي , عبر عن إعجابه بالشريط، واصفا إياه بأنه "فيلم  رائع"، على حد قوله، نظرا لما اشتمل عليه من "شحنة الصدق"، ولما يشكله من توثيق حي لمرحلة تاريخية عاشها المغرب بعد المسيرة الخضراء.

ودعا الوالي في كلمة له أدلى بها في ختام العرض السينمائي، أبناء اليوم، الساخطين على الأوضاع، والراغبين في الهجرة، أو الالتحاق ب"داعش"، أن يعرفوا ماتكبده أباؤهم من تضحية، وما عانوه من عذاب، بعيدا عن أسرهم.

وأوضح أن المعجزة التي يلخصها الفيلم، هي قوة الإيمان بالانتماء لهذا الوطن، والكفاح  في سبيل  الحفاظ على  وحدته الترابية، رغم كل المصاعب والأهوال التي واجهها هؤلاء الأبطال.

وخلص الوالي إلى القول، مخاطبا المشاركين في الفيلم:" أنتم لستم بممثلين، أنتم بمثابة أنبياء كافحتم من أجل تبليغ الرسالة، سواء منكم من مات أو من مازال على قيد الحياة، وما قدمتوه للوطن لا ثمن له.." 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار