: آخر تحديث
آخر جيب يتركه المسلحون في ريف دمشق

التوصل إلى اتفاق لإجلاء فصيل جيش الإسلام من دوما

75
71
57

إيلاف: ينص الاتفاق بحسب المصدر الرسمي على "خروج كامل إرهابيي ما يسمّى جيش الإسلام إلى جرابلس (شمال) خلال 48 ساعة"، كما يقضي بإفراج الفصيل المعارض عن معتقلين لديه. وسرعان ما أفادت سانا عن "دخول عشرات الحافلات إلى مدينة دوما" تمهيدًا لبدء عملية الإجلاء.

سمع مراسل فرانس برس في مدينة دمشق أصوات إطلاق نار احتفالًا بعد الإعلان الذي يصدر بعد تعثر اتفاق سابق، واستئناف الجيش السوري خلال اليومين الماضيين هجومه ضد دوما. كما يأتي الإعلان عن الاتفاق غداة اتهام مسعفين ومعارضين القوات الحكومية بشن هجوم بـ"الغازات السامة"، الأمر الذي نفته دمشق.

وكان المصدر الرسمي أفاد في وقت سابق عن مفاوضات "حصرًا" مع الحكومة السورية "بعدما استجدى إرهابيو جيش الإسلام طوال ليل أمس وقف العمليات العسكرية".

واتنت الأحد بدأت مفاوضات مباشرة بين الحكومة السورية وفصيل جيش الإسلام للتوصل إلى اتفاق يحدد مصير مدينة دوما بعد يومين من قصف جوي عنيف أودى بعشرات القتلى بعضهم اختناقًا.

ووجّه ناشطون ومعارضون اتهامات إلى قوات النظام باستخدام "غازات سامة" في القصف على دوما، الأمر الذي نفته دمشق بشدة. وإثرَ عملية عسكرية جوية وبرية وعمليتي إجلاء لمقاتلين معارضين، تمكن الجيش السوري من السيطرة على 95 في المئة من الغوطة الشرقية، لتبقى دوما وحدها تحت سيطرة فصيل جيش الإسلام، الذي دخل في مفاوضات معقدة مع روسيا.

وأعلنت روسيا من جانب واحد عن اتفاق لإجلاء مقاتلي جيش الإسلام، تم بموجبه في بداية الأسبوع الماضي إخراج نحو ثلاثة آلاف مقاتل ومدني إلى شمال البلاد، قبل أن يتعثر مع محاولة الطرفين فرض المزيد من الشروط ووسط انقسام في صفوف الفصيل المعارض.

بعدما كان النظام السوري وروسيا هددا باستئناف الهجوم في حال رفض جيش الإسلام الإجلاء، عادت الطائرات الحربية السورية الجمعة والسبت لشن غارات عنيفة على دوما لممارسة ضغوط على هذا الفصيل.

وقال مصدر رسمي الأحد، وفق وكالة الأنباء السورية (سانا)، إن "ارهابيي ما يُسمى جيش الإسلام يطلبون التفاوض مع الدولة السورية، والدولة ستبدأ التفاوض". وأضاف أن المفاوضات مع "الدولة السورية حصرًا، بعدما استجدى إرهابيو جيش الإسلام طوال ليل أمس وقف العمليات العسكرية".

وعقد اجتماع أولي ظهر السبت، وفق التلفزيون الرسمي السوري. وأورد المصدر الرسمي أن أحد اسباب موافقة الحكومة السورية على التفاوض المباشر هو إخراج جيش الاسلام إلى جرابلس في شمال البلاد.

وكانت اللجنة المدنية في دوما المشاركة في المفاوضات مع الجانب الروسي أعلنت صباح الأحد عن "وقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات اليوم مع ترجيح التوصل إلى اتفاق نهائي". إلا أن ذلك لم يمنع قوات النظام من استهداف دوما بضربات جوية عدة صباح الأحد، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

الوضع مأساوي
وقتل خلال يومي الجمعة والسبت، وفق حصيلة للمرصد، حوالى مئة مدني جراء القصف الجوي على دوما، "بينهم 21 توفوا السبت اختناقًا أثناء تواجدهم في أقبية وغرف مغلقة".

تضاف إلى هؤلاء 70 حالة اختناق وصعوبة تنفس بين المدنيين في الأقبية والملاجئ، وفق المرصد الذي لم يتمكن من "تأكيد أو نفي" اتهامات طالت قوات النظام باستخدام "غازات سامة". ورجح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن "إصابات الاختناق ناتجة من كثافة الدخان بعد القصف نتيجة تواجد المدنيين في غرف مغلقة".

واتهمت منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل) وفصيل جيش الإسلام و"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" قوات النظام بشن هجوم كيميائي. وتراوحت الحصيلة التي أوردتها منظمة الخوذ البيضاء على حساباتها على تويتر بين 40 و70 قتيلًا.

تحدثت منظمة الخوذ البيضاء والجمعية الطبية السورية الأميركية (سامز) في بيان مشترك عن توارد "500 حالة" إلى النقاط الطبية. وأشارتا إلى أعراض "زلة تنفسية وزرقة مركزية وخروج زبد من الفم وانبعاث رائحة واخزة تشبه رائحة الكلور".

وقال الطبيب محمد من مدينة دوما لوكالة فرانس برس "استقبلنا أكثر من 70 إصابة اختناق، وليس لدينا سوى أربع مولدات أوكسيجين"، مضيفًا "الوضع مأساوي جدًا جدًا، أعمل في المستشفى منذ أربع سنوات، ولم يمر عليّ مثل هذه الساعات أبدًا".

مسؤولية وتنديد
فور ورود التقارير عن احتمال هجوم كيميائي في دوما، سارعت دمشق إلى النفي. ووصف مصدر رسمي اتهامَ الحكومة السورية باستخدام تلك الأسلحة بـ"فبركات ومسرحيات الكيميائي"، وفق ما نقلت سانا. 

ونفت روسيا، حليفة دمشق الاتهامات. وقال رئيس المركز الروسي للمصالحة في قاعدة حميميم الجوية الجنرال يوري يفتوشينكو السبت: "نحن مستعدون فور تحرير دوما من المسلحين لإرسال خبراء روس (...) لجمع المعلومات التي ستؤكد أن هذه الإدعاءات مفبركة". 

يأتي ذلك بعدما حمّلت الولايات المتحدة روسيا المسؤولية لدعمها النظام السوري. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت إن "نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد وداعميه يجب أن يحاسبوا، وأي هجمات أخرى يجب أن تمنع فورًا".  وهددت واشنطن وباريس خلال الفترة الماضية بشن ضربات في حال توافر "أدلة دامغة" على استخدام السلاح الكيميائي في سوريا.

ترمب: الثمن سيكون باهظًا

من جهته توعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب المسؤولين عن "الهجوم الكيميائي المتهور" على مدينة خاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا بدفع "ثمن باهظ". وقال ترمب في سلسلة من التغريدات تناولت مدينة دوما حيث تتهم اجهزة الاغاثة قوات النظام السوري باستخدام غاز "الكلور" ضد المدنيين إن "الرئيس (فلاديمير) بوتين وروسيا وايران مسؤولون عن دعم (بشار) الأسد الحيوان. سيكون الثمن باهظا".

وقال "قتل كثيرون بينهم نساء وأطفال في هجوم كيميائي متهور في سوريا. المنطقة التي تعرّضت إلى العمل الوحشي مغلقة ومحاصرة بشكل كامل من قبل الجيش السوري ما يجعل الوصول إليها أمرًا غير ممكن بالنسبة إلى العالم الخارجي".

أضاف ترمب:  "افتحوا المنطقة فورا امام المساعدات الطبية وعمليات التحقق"، متابعًا "كارثة انسانية جديدة من دون أي سبب على الإطلاق. مقرف!".

وانتقد ترمب الأحد سلفة باراك أوباما لعدم التحرك، بعدما كان حذر من أن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا هو "خط أحمر".
وقال "لو أن الرئيس أوباما تجاوز خطه الأحمر (الذي رسمه) في الرمل لكانت الكارثة السورية انتهت منذ مدة طويلة، ولكان الأسد الحيوان أصبح شيئا من التاريخ!".   

يأتي تصريح ترمب بعد عام ويوم على ضربة أميركية استهدفت قاعدة عسكرية للجيش السوري رداً على هجوم كيميائي أودى بالعشرات في مدينة خان شيخون في شمال غرب البلاد، واتهمت الأمم المتحدة قوات النظام بتنفيذه، فيما نفت دمشق ذلك.

تركيا تشير إلى "شبهات قوية"

هذا ودانت تركيا بشدة الأحد ما وصفته بأنه "هجوم بالأسلحة الكيميائية" استهدف مدينة دوما السورية مشيرة إلى "شبهات قوية" بأن نظام الرئيس بشار الأسد مسؤول عنها. وأعلنت وزارة الخارجية التركية في بيان "ندين الهجوم بشدة، ولدينا شبهات قوية بأن النظام نفذه حيث سجله في استخدام الأسلحة الكيميائية معروف لدى المجتمع الدولي". 

وأثارت تقارير حول هجوم محتمل بـ"الغازات السامة" تنديداً دولياً غداة توجيه معارضين ومسعفين أصابع الاتهام لقوات النظام السوري متحدثين عن عشرات الضحايا في دوما، آخر جيب للفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية قرب دمشق، فيما نفت دمشق ذلك.

وقالت أنقرة أن هذا الهجوم يظهر أن القرارات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي حول استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا تم تجاهلها "مرة جديدة". وطالبت وزارة الخارجية منظمة حظر الاسلحة الكيميائية بإجراء تحقيق مشيرة إلى أنها تترقب إدانة من الأسرة الدولية.

باريس ستتحمل "مسؤولياتها كاملة"
في حين أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الأحد أن بلاده ستتحمل "مسؤولياتها كاملة" بعد ورود تقارير حول هجوم كيميائي السبت في دوما، بعدما أكدت باريس مرارا أنها ستنفذ ضربة عسكرية في حال ثبت استخدام أسلحة كيميائية في سوريا.

وإذ أعرب لودريان عن "قلقة البالغ" حيال هذه المسألة، أكد أن فرنسا "ستتحمل مسؤولياتها كاملة باسم الكفاح ضد انتشار الأسلحة الكيميائية. وأضاف في تصريح نقل إلى الصحافة أن باريس تطالب باجتماع لمجلس الأمن الدولي في أقرب وقت ممكن لبحث الوضع في الغوطة الشرقية".

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مرارا أنه في حال ثبت استخدام اسلحة كيميائية في سوريا، فذلك سيستتبع ردا عسكريا فرنسيا. وقال رئيس هيئة أركان القوات الفرنسية الجنرال فرنسوا لوكوينتر في منتصف مارس إن مثل هذه العملية يمكن أن تتم بالمشاركة مع القوات الأميركية، أو كذلك بصورة ذاتية.

وقال لودريان في البيان إن "فرنسا تعمل بصورة نشطة وبالارتباط مع حلفائها والمنظمات الدولية المعنية للتثبت من حقيقة وطبيعة هذه الضربات" التي اتهم النظام السوري بشنها، مذكرا بأن "استخدام أسلحة كيميائية جريمة حرب وانتهاك للنظام الدولي لمنع انتشار الأسلحة الكيميائية".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار