: آخر تحديث
عرض 50 لوحة من إبداعه في معرض تكريمي

"بنك المغرب" يحتفي بمسار التشكيلي الراحل ميلود الأبيض

92
89
70

الرباط: في بادرة ترمي إلى تكريمه، وتعريف الأجيال الجديدة بإبداعه، افتتح ليلة الخميس، معرض للرسام العصامي الراحل ميلود الأبيض، في متحف بنك المغرب، في الرباط، تحت شعار "فن التلميح الباذخ".

ودعا الدليل الفني الذي أصدره البنك المذكور ، زوار المعرض المتضمن ل50 لوحة، مختلفة الأحجام والأشكال، إلى الغوص في الأعمال الفنية للفنان التشكيلي" الباحث" الأبيض منذ بداياته في الستينيات إلى حين وفاته سنة 2008، بعد  مسار حافل بالعطاء والتنوع في الإبداع.

ويعتبر هذا الفنان رمزا من رموز الفن التشكيلي، بل يمكن القول عنه إنه أحد الرواد الأوائل الذين اعتمدوا على أنفسهم في بناء شخصيتهم الفنية، وانتهاج  أسلوب ينم عن التفرد والابتكار .

فتح الأبيض عينيه بعد ولادته سنة 1939 في دوار أولاد يوسف، في ضواحي قلعة السراغنة(جنوب المغرب)، على الألوان وهي تتماوج حوله، في الطبيعة المحيطة بمسقط رأسه، وكذا في رسومات والدته الفنانة الفطرية الراحلة راضية بنت الحسين.

من التشخيص إلى التجريد

ولقد كان من الطبيعي، وهو يضع خطواته الأولى في هذا العالم الحافل بالدهشة، أن يأخذه تيار الفن الفطري، من خلال  رسومات مستوحاة من البيئة المحلية، التي  تحضر فيها المفردات التعبيرية، المتسمة بالتلوينات والزخرفات المرتبطة بالذاكرة الشعبية.

غير أن هذا التوجه الذي يقوم على التشخيص، سرعان ما سيعرف منعرجا جديدا يؤدي به إلى تغيير الوجهة، تطلعا إلى أفق جديد، وقد وجد ضالته في الأسلوب التجريدي، كخطوة متطورة في حياته الفنية، أملتها ظروف علاقته بفنانين مغاربة تأثر بهم، بصفة تلقائية، وضمنهم الفنان الراحل محمد القاسمي.

وفي رأي بعض  النقاد، الذين وضعوا  تجربته الفنية تحت المجهر، فإن هذه المرحلة المتسمة بالتجريد، تمثل  "ثلاثة أرباع من منجزه الفني، وهو أسلوب اختار  نهجه منذ سنوات السبعينيات من القرن الماضي".

اللمسة الدائرية والخطوط المنحنية

وفي تعليق له، عن تلك المرحلة، كان الأبيض يقول:" ثمة فترات ميزت مساري كفنان تشكيلي"، ملمحا إلى  استعماله لأساليب فنية متنوعة، مثل اللمسة الدائرية، أو الخطوط المنحنية، التي كان ينطلق منها لإثبات ذاته.

واستنادا إلى الدليل الفني للمعرض، فإن الأبيض كان يقول أيضا:" لقد أدركت بعد مدة طويلة، أن الأشكال الدائرية تعود بالتحديد إلى اثنتين من ذكريات طفولتي"، الأولى حين شاهد والده يلبس جلبابا صوفيا، وهو جالس إلى "مجمر" ( كانون) يستدفيء، أما الثانية، فارتبطت بمشاهدته لعمته والدم ينزل منها خلال الدورة الشهرية.

أول معرض له كان في القلعة الأثرية القديمة "الأوداية" بمدينة الرباط، عام 1958، وأخر معرض سنة 2008 بمدينة الدار البيضاء، وبين هذين التاريخين، جرب العديد من الوسائل التعبيرية، مثل النحت، واستعمال التصوير الضوئي، والنتؤات، وأقام الكثير من المعارض وطنيا ودوليا، في الداخل والخارج، وبالتحديد في  فرنسا واسبانيا والبرتغال والدانمارك والعراق  ومصر.

كل رقعة تعتبر تحفة

كان الأبيض دائما في حالة بحث مستمر، لإغناء مساره الجمالي، وهذا ما جعل الناقد الفني  مصطفى الشباك، يكتب أن هذا الرسام "لم يكن يستقر على أسلوب واحد، أو على تعبير قار لايتزحزح".

أما الناقد الفني عزيز داكي، فيرى  أن " الدرس الذي نستقيه من ميلودالأبيض، هو أن كل رقعة من قماشه تعتبر تحفة، لأنه يقبل عليها دون خداع، ويحفرها من آلامه".

عرف عن الأبيض انعزاله وعزوفه عن الأضواء، التي كان يتجنبها قدر الإمكان، مفضلا الانصراف إلى محارة الصمت في ورشته الفنية، مثل ناسك متعبد في محرابه، بل إنه ذهب في السنين الأخيرة من حياته إلى حد العيش في منطقة قروية، قرب مدينة مراكش، حيث أنشأ مؤسسة للفنون التخطيطية، تحمل اسمه، كان يستقبل فيها الفنانين، مغاربة وأجانب، ممن يبحثون عن الهدوء، بعيدا عن صخب المدن، لالتقاط الأنفاس، والجلوس مع الذات، للتأمل والإبداع .


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار