: آخر تحديث
الأمم المتحدة تطالب بوقف استهداف المدنيين

مئة قتيل في يوم واحد في الغوطة الشرقية

97
99
90

ارتفع عدد القتلى جراء القصف والغارات الكثيفة التي نفذتها قوات النظام السوري على الغوطة الشرقية الاثنين إلى مئة مدني، في حصيلة دموية هي الأعلى خلال يوم واحد منذ ثلاث سنوات في هذه المنطقة المحاصرة قرب دمشق.

إيلاف: شددت الأمم المتحدة ليل الاثنين على أن استهداف المدنيين في الغوطة الشرقية "يجب أن يتوقف حالًا" في وقت "يخرج الوضع الإنساني عن السيطرة".

وقصفت قوات النظام بالطائرات والمدفعية والصواريخ بكثافة الاثنين معظم مدن وبلدات الغوطة الشرقية التي تحاصرها بشكل محكم منذ العام 2013، بعد أيام من استقدامها تعزيزات عسكرية تنذر بهجوم وشيك على معقل الفصائل المعارضة الأخير في ريف دمشق.

البحث تحت القصف
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس الثلاثاء "ارتفعت حصيلة القصف والغارات على مدن وبلدات الغوطة الشرقية الاثنين إلى مئة قتيل مدني، بينهم نحو عشرين طفلًا، إضافة إلى إصابة نحو 450 آخرين بجروح".

وكانت حصيلة سابقة ليل الاثنين أفادت بمقتل نحو ثمانين مدنيًا، وإصابة 300 آخرين بجروح. وبحسب عبد الرحمن، تعد حصيلة القتلى الاثنين "الأعلى في منطقة الغوطة الشرقية منذ مطلع العام 2015".

أمضت عائلات يومها الاثنين تحت الغارات والقذائف تبحث عن أفرادها تحت الركام، وفي المستشفيات التي اكتظت بجثث القتلى وبالمصابين، وبينهم عدد كبير من الأطفال. فيما تفتقر هذه المستشفيات إلى الكثير من الأدوية والعلاجات والمستلزمات الطبية والتجهيزات.

وأفاد مراسلو فرانس برس الثلاثاء عن دوي غارات وقصف طيلة ساعات الليل، فيما لم تفارق الطائرات أجواء المنطقة. وقالوا إن العائلات أمضت ليلتها وسط حالة من الرعب والخوف وتجمعت في الأقبية والطبقات السفلية. واستهدفت غارة صباح الثلاثاء، وفق المرصد، بلدة مسرابا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين، بينهم طفل، وإصابة 20 آخرين بجروح.

فمه محشو بالتراب
في مستشفى في مدينة عربين، قال طبيب عرّف عن نفسه باسم أبو اليسر لوكالة فرانس برس "19 فبراير كان من أسوأ الأيام التي مرت علينا في تاريخ الأزمة الحالية".

تحدث عن حالة مؤثرة عاينها الاثنين "وصلنا طفل يبلغ عامًا واحدًا. كانت بشرته شديدة الزرقة، وبالكاد قلبه ينبض. وبينما كنت أفتح فمه لأضع له أنبوبًا (للتنفس)، وجدته محشوًا بالتراب، بعدما تم سحبه من تحت الأنقاض".

يضيف بتأثر شديد "أخرجت التراب سريعًا من فمه، ووضعنا له الأنبوب، لكنه لم يقو على التنفس جيدًا، لأن التراب كان قد وصل إلى داخل رئتيه. عندها قمنا بسحب التراب من رئتيه، وبدأ بعدها بالتنفس تدريجيًا". ويوضح "هذه قصة واحدة من بين مئات الإصابات". 

ويروي أنه "تم إسعاف سيدة حامل في الشهر السابع إلى المستشفى، بعد نقلها من مدينة حمورية، وهي تعاني من نزف دماغي حاد جراء إصابتها، لكنها توفيت متأثرة بإصابتها، ولم نتمكن من إنقاذ الطفل الذي في بطنها".

وقال مراسلو وكالة فرانس برس في الغوطة الشرقية، بعد جولة على عدد من المستشفيات الاثنين، إن الأسرّة لم تعد تتسع للجرحى الذين افترشوا الأرض. ونقلوا عن أطباء إن غرف العمليات بقيت ممتلئة طيلة ساعات النهار.

في مستشفى في مدينة حمورية، روى الممرض عبدالله (24 عامًا) لفرانس برس أنه اضطر إلى حمل طفل رضيع لوقت طويل بعد تضميد رأسه جراء عدم توافر سرير لوضعه عليه. يفاقم التصعيد في القصف المستمر منذ ليل الأحد من معاناة نحو 400 ألف شخص تحاصرهم قوات النظام بشكل محكم منذ العام 2013.

الوضع خارج السيطرة
وحذرت الأمم المتحدة ليل الاثنين من أن "الوضع الإنساني للمدنيين في الغوطة الشرقية يخرج عن السيطرة". وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا بانوس مومتزيس في بيان: "لا بد من إنهاء هذه المعاناة الإنسانية التي لا معنى لها، الآن"، مشددًا على أن "استهداف المدنيين الأبرياء والبنى التحتية يجب أن يتوقف حالًا".

ترافق التصعيد مع تعزيزات عسكرية لقوات النظام إلى محيط الغوطة الشرقية، في خطوة قال المرصد السوري إنها تأتي بعد فشل مفاوضات بين دمشق والفصائل لتسوية في المنطقة.

وبحسب المرصد السوري، تصدى جيش الإسلام، أبرز فصائل الغوطة الشرقية، الثلاثاء لمحاولة تقدم قامت بها قوات النظام السوري في منطقة المرج الواقعة في جنوب دوما.

وشهدت الغوطة الشرقية في الأسبوع الثاني من فبراير، وطوال خمسة أيام، تصعيدًا عنيفًا، مع استهدافها بعشرات الغارات، ما تسبب بمقتل نحو 250 مدنيًا. وردت الفصائل باستهداف دمشق، موقعة أكثر من 20 قتيلًا مدنيًا.

وندد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، الذي يتخذ من إسطنبول مقرًا، في بيان الاثنين بغياب أي ردود فعل في العالم على ما يحصل. وجاء في البيان "لم تكن حرب الإبادة الجماعية ولا الاعتداء الهمجي ليقعان على أهالي الغوطة، لولا الصمت الدولي المطبق".

عفرين وتركيا

في شمال البلاد، تجري مفاوضات قد تؤدي إلى دخول قوات النظام إلى عفرين الواقعة تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، ما قد يغير مسار العمليات على الأرض، في ظل الهجوم التركي المستمر منذ شهر على المنطقة.

ونقلت وكالة سانا صباح الاثنين أن "قوات شعبية ستصل الى عفرين خلال الساعات القليلة القادمة لدعم صمود أهلها في مواجهة العدوان الذي تشنه قوات النظام التركي". إلا أن مراسل فرانس برس لم يرصد دخول أي قوات جديدة إلى عفرين، كما لم تتضح هوية تلك "القوات الشعبية" وما سيكون دورها تحديداً.

وكانت الإدارة الذاتية الكردية في عفرين طالبت دمشق إثر بدء الهجوم التركي قبل شهر بالتدخل لحماية المنطقة عبر نشر قوات على الحدود مع تركيا. ورفض الأكراد في الوقت ذاته اقتراح روسيا والنظام بعودة مؤسسات الدولة إلى المنطقة.

إلا أن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو حذر الاثنين خلال زيارة الى عمان "اذا كانت قوات النظام ستدخل (عفرين) لطرد مقاتلي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية، لا مشكلة. لكن ان كانت ستدخل لحماية وحدات حماية الشعب الكردية، فلن يستطيع احد ايقافنا او ايقاف الجنود الاتراك".

وأجرى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اتصالاً هاتفيًا بنظيره الروسي فلاديمير بوتين الاثنين ناقشا خلاله التطورات في سوريا. ونقلت وسائل اعلام تركية عن اردوغان قوله لبوتين إن أي مساعدة ستقدمها دمشق للوحدات في عفرين "ستكون لها عواقب".

وانسحبت القوات الحكومية السورية من المناطق ذات الغالبية الكردية في شمال وشمال شرق البلاد في العام 2012، ثم أعلن الاكراد قيام إدارة ذاتية ونظام فدرالي في مناطق سيطرتهم. وهو أمر طالما رفضته دمشق.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار