: آخر تحديث
مجرد احتمال فوزها يرعب العالم

ماذا لو أنصفت صناديق الاقتراع لوبان؟

81
83
69

باتت لوبان شبحًا يخيف اقترابه من كرسي الرئاسة الفرنسية الغرب والشرق على السواء، لكونها تطرح برامج متطرفة غير إنسانية كطرد اللاجئين والانسلاخ من أوروبا، فهل تنقلب تسريبات ويكيليكس ضد ماكرون لمصلحتها، كما أطاحت تسريبات بكلينتون؟.

إيلاف - متابعة: ماذا لو انتصرت لوبان؟... ربما يكون هذا السؤال الأكثر طرحًا وتداولًا في الفترة الأخيرة، وخاصة اليوم، مع بدء العد العكسي لمعرفة هوية رئيس جمهورية فرنسا المقبل؟.

سمّاها البعض "رئيسة العنصرية"، فيما رأى آخرون أن وصولها إلى الإليزيه سيكون أشد خطرًا بكثير من وصول ترامب إلى البيت الأبيض أخيرًا، نسبة إلى نهجها اليميني المتطرف المترسخ وراثيًا وحزبيًا.

هل تدخل فرنسا حقبة جديدة من تاريخها اليوم مع لوبان، حقبة تكون معها قضايا كثيرة إقليمية ودولية مجهولة المصير، إذ يخشى البعض أن يؤسس فوزها لعدوى أوروبية، خاصة تؤدي في نهاية المطاف إلى انفراط عقد الاتحاد، كما يتداول ناشطون على مواقع التواصل  الاجتماعي.

"لوبان تريد غلق الباب في وجه اللاجئين، وخروج بلادها من الاتحاد الأوروبي، بعد استفتاء على غرار بريطانيا"، يقول أحد المعلقين على فايسبوك، مضيفًا: "سيشكل فوز لوبان كابوسًا يفترس ما تبقى من آمال"، إذ يرى أن نهجها العدائي للعرب واللاجئين يبشر بعواقب وخيمة وبتفاقم الهوة بين الشرق والغرب.

في حين يعتبر معلق آخر أن الفرنسيين قد يختارونها لأن "الزمن في مصلحتها"، يقول: "عرفت كيف تجيّر الأحداث لمصالحها الانتخابية، استغلت شغب بعض اللاجئين لإشعال عداء عام وتعميم الإسلاموفوبيا، كما إنها قد تكون شخصيًا من يقف وراء تسريبات أضرت بماكرون أو أحد النافذين الممولين أو المساندين لحملتها".

خطر أشد
الكاتب فيليب كولينز رأى أخيرًا أن زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية مارين لوبان أخطر من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، وأن تحت هذا المظهر البراق يخطط هذا الحزب اليميني المتطرف لتغيير فرنسا بطرق يمكن أن تخيف حتى ترامب.

أبرز الكاتب مقولة الفيلسوف الفرنسي ألبير كامو في كتابه "المتمرد"، أن أهمية الديمقراطية في ما تمنعه أكثر مما تسمح به، وقال إن هذه البصيرة من الكاتب ستكون محل اختبار الآن بعد انتخاب ترامب، الذي يبدو أنه لا يحترم منصبه، وقد تكون اختبارًا أيضًا لفرنسا، حيث هناك فرصة أن تكون الرئاسة من نصيب شخصية عنصرية، وحينها ستكون الديمقراطية بحق تحت المجهر.

صوت العنصرية
وأشار الكاتب إلى أن التصويت للوبان يعني التصويت للعنصرية، وأن شعبية الجبهة الوطنية أكثر من مجرد تعبير فطري عن ظاهرة عالمية، بل هي فرنسية أكثر من ذلك، لأن والدها يعتقد أن المجد الوطني أفضل من الديمقراطية.

بعد 15 عامًا من وصول والدها إلى مشارف الرئاسة، تأمل رئيسة "الجبهة الوطنية"مارين لوبان أن تجتاز جولة الانتخابات الأولى، مستندة إلى استياء الفرنسيين وتفشي البطالة وأزمة اللاجئين.

ابنة جان، أحد مؤسسي الحزب سنة 1972، والذي طرد منه قبل عام، باشرت حملتها بنداءات "الوطنية" و"الأفضلية القومية"، فقدمت نفسها على أنها "مرشحة الشعب" في مواجهة "يمين المال ويسار الملل". ورغم تسجيلها تراجعًا في استطلاعات الرأي في الأيام الأخيرة، تشدّدت مارين لوبان (48 عامًا) في خطابها، فأضافت "تعليقًا للهجرة الشرعية" إلى وعودها الانتخابية.

صرخة حب
وبعد الاعتداء على جادة الشانزيليزيه في وسط العاصمة باريس، حضّت الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند بنبرة شديدة على "انتفاضة أخيرة"، مطالبة بـ"رد أمني أكثر شمولية" في فرنسا.  وتدعو هذه المرأة، العضو في البرلمان الأوروبي، إلى الخروج من العملة الأوروبية الموحدة وفرض ضرائب على المنتجات المستوردة، كما تعد بتعليق اتفاقات شنغن لحرية تنقل الأفراد داخل الاتحاد الأوروبي، وطرد الأجانب المدرجة أسماؤهم على لوائح التطرف لدى أجهزة الأمن، وإلغاء حق الجنسية للمولودين على الأراضي الفرنسية.

لم تتوانَ لوبان عن القول، خلال حملتها الانتخابية: "لو طلب مني أن أصف نفسي، فأعتقد في الحقيقة أنني سأرد ببساطة أنني بما لا جدال فيه فرنسية في الصميم، باعتزاز وإخلاص. أتلقى الإهانات الموجّهة إلى فرنسا كأنها موجهة إليّ مباشرة". يتابع أنصارها من شتى الأعمار والأوساط الاجتماعية خطاباتها بانتباه شديد في تجمعاتها العامة، ويقاطعونها مرارًا، هاتفين: "نحن في ديارنا"، في شعار يصفه خصومها بأنه "صيحة معادية للأجانب"، فيما تعتبره هي "صرخة حبّ" لفرنسا. 

تزمت وفاشية
غالبًا ما تشهد تجمعاتها الانتخابية، حيث تتخذ وضعيات عسكرية مرتدية ألوان العلم الوطني، تظاهرات لمعارضين لها وصدامات مع الشرطة. وعندما سرت شبهات حولها في قضية وظائف وهمية في البرلمان الأوروبي، رفضت الاستجابة لاستدعاء من القضاة، مؤكدة أنها ضحية "حملة سياسية". وطلب القضاء الفرنسي من البرلمان الأوروبي رفع الحصانة النيابية عنها.

وقد عمدت لوبان، منذ توليها رئاسة الجبهة الوطنية، العام 2011، خلفًا لوالدها الذي باتت علاقاتها معه مقطوعة رسمياً، إلى استبعاد المسؤولين الأكثر تطرفاً والناشطين المعادين للسامية التواقين إلى زمن فرنسا الإستعمارية، وربما بالنسبة إلى البعض، إلى نظام فيشي المتعاون مع المانيا النازية والكاثوليك المتزمتين. 

حتمت عملية إعادة تنظيم الحزب هذه إبعاد والدها، الذي كان يثير فضيحة تلو الأخرى، بتصريحاته المعادية للسامية وهجماته على المهاجرين. ففي مطلع مايو 2015، وعلى أثر تصريحات جديدة معادية للسامية، صدرت عن جان ماري لوبان، وقعت القطيعة نهائيًا بين الأب وابنته التي أقصته من الحزب. وكانت استراتيجية إعادة ترتيب الحزب هذه مجدية، إذ بات يحقق تقدمًا متواصلاً في كل انتخابات.

جولات ترويجية
غير أنها أثارت صدمة شديدة حين نفت أخيرًا مسؤولية فرنسا في حملة توقيفات شملت أكثر من 13 ألف يهودي في باريس إبان الاحتلال النازي للعاصمة الفرنسية، رغم اعتراف باريس رسميًا بذلك منذ 1995، وواجهت بالنتيجة غضب خصومها وجمعيات يهودية وإسرائيل.

وفي سعيها إلى نيل مصداقية دولية، قامت برحلات عدة إلى الخارج، سمحت لها بتسجيل نقاط مميزة. ففي مطلع العام، نشرت صورًا لها في بهو "برج ترامب" في نيويورك، من دون أن تلتقي الرئيس المنتخب. وفي الشهر التالي، رفضت خلال زيارة إلى لبنان، وضع حجاب للقاء مفتي الجمهورية. وفي نهاية مارس، التقت في موسكو الرئيس فلاديمير بوتين، معلنة أنه يعرض "رؤية جديدة" لـ"عالم متعدد الأقطاب".


 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار