: آخر تحديث
اعادة الانتخابات ليست الحل

نسبة من المغاربة تشك في إكمال الولاية الحكومية

78
82
61

الرباط: أظهر استطلاع "إيلاف المغرب" بخصوص استيفاء الحكومة المغربية المقبلة لولايتها القانونية  كاملة (خمس سنوات) حيرة وترددا بين المستجوبين في التعبير عن أجوبتهم الصريحة عن السؤال المعروض عليهم.

ولوحظ في الأيام الأولى، بعد وضع صيغة السؤال في الموقع، أن مؤشر التفاؤل سجل ارتفاعا تجاوز عتبة الستين في المائة ،بموازاة ارتفاع مماثل في نسبة المتشككين، بينما ظلت نسبة الممتنعين عن الجواب  أو "اللاأدريين"  عند حدودها الدنيا .

واستقرت النتيجة العامة لحظة إعداد هذه القراءة التأويلية للنتائج عند64.29 %قالوا "نعم" يعتقدون أن الولاية الحكومية ستوفي مدتها كاملة غير منقوصة ، كان من كان رئيس الجهاز التنفيذي ، فيما أجاب بالنفي 28.57%في المائة، جازمين من جهتهم، أن الحكومة التي ينتظرها المغاربة منذ أكثر من شهرين لن تكمل ولايتها الدستورية حتى ولو كان على رأسها أمين عام حزب العدالة والتنمية، متصدر الاستحقاقات التشريعية ليوم 7 أكتوبر الماضي. 

ووقفت نسبة الذين نأوا بأنفسهم عن الإدلاء  بجواب ، عند حدود 7.14%، مع التذكير أن بنية الاستطلاع واقتصاره على سؤال واحد وثلاثة اختيارات في الجواب  ،لا يتيح معرفة الانتماء السياسي أو الاجتماعي للمستطلعين.

ويبدو أن تعثر المشاورات الحزبية التي ما زالت جارية حتى اليوم ، من دون أن تسفر عن نتيجة إيجابية واتفاق الأطراف على الهندسة الحكومية ومواصفات المشاركين فيها ،هي التي ألقت في الغالب ، بظلالها الكثيفة على أجوبة متصفحي "إيلاف المغرب"  من شاركوا في الاستطلاع ؛ وبالتالي عكست  ردود فعلهم  قلق إن لم يكن استياء  قطاع واسع من الرأي العام المغربي، غير محبذ لاستمرار الفراغ الحكومي وجمود المؤسسة التشريعية (مجلس النواب) الذي لم يتمكن  حتى من انتخاب رئيس له، وكأن البلاد تعيش حالة استثناء، بينما لم تمر على التجربة الدستورية الجديدة  أقل من ست سنوات.ولا شك أن هذا التأخر ستكون له عواقب على السنة التشريعية الأولى وعلى أداء الحكومة المنتظرة وفي ذلك خسارة مادية واهدار للوقت .

وفي هذا السياق ، يسود اعتقاد بين متتبعي الشأن السياسي في المغرب ، مفاده أن الأزمة الحكومية الحالية  هي استمرار بصيغة أخرى لتلك التي  صاحبت تشكيل الحكومة الأولى في أعقاب انتخابات 2011 التي منحت الصدارة لحزب العدالة والتنمية، خلافا لما كان متوقعا. لكن التأخير كان  مبررا  في حينه بالنظر إلى حداثة العهد الدستوري الجديد.

وتميل طائفة من المحللين المغاربة إلى مساءلة المنظومة السياسية برمتها، تلك التي أفرزها دستور 2011 ،لما شاب القانون الأسمى للبلاد من التباس وعور في بعض البنود وخاصة المتعلقة بالية تكليف رئيس الحكومة من طرف عاهل البلاد وتضييق مجال الاجتهاد الدستوري. 

يذكر أن الوثيقة الدستورية الحالية تنص صراحة على وجوب إسناد رئاسة الحكومة للحزب الذي يتصدر الانتخابات التشريعية ؛ ولا يتحدث  الدستور بمثل ذات الوضوح، عن سيناريوهات بديلة في حالة عجز المكلف التشكيل  في الوصول إلى جمع أغلبية برلمانية ملتفة  حول شخصه وبرنامجه ، مثلما هو حاصل حاليا ؛علما ان  تشكيل حكومة أقلية لا يناسب الوضع السياسي في المغرب ويجعل أية حكومة  معرضة بدورها لنيران معارضة لن تكف في الغالب من اللجوء إلى خطاب المزايدة والتصعيد، ما من شأنه أن يزيد الموقف  تعقيدا والتجربة الديموقراطية الفتية تصدعات . 

وهكذا تلوح في الأفق احتمالات اجراء  تعديل دستوري يدقق في بعض الإشكالات والفراغات البيضاء  التي لم يسلم منها الدستور الحالي مع انه  حظي بنسبة تأييد عالية من لدن المغاربة  في استفتاء حر وشفاف؛ ما كان تعبيرا  في حينه عن تطلع المغاربة إلى وضع سياسي عقلاني مستقر، بعد أن هدأت عاصفة ما سمي ًب"الربيع  العربي".

وأمام غموض مقاصد الأحزاب السياسية  والخوف من بعضها البعض بدل  الإفصاح عنها مفضلة تبادل الاتهامات فيما بينها بخصوص من المتسبب في عرقلة تشكيل الحكومة،فإنه يبدو مع مرور الأيام واستمرار ما تسميه الصحافة المغربية "البلوكاج" مفضلة  الكلمة الفرنسية على مقابلها بالعربية "انسداد" فإن الحل يكمن في نظر البعض في الاستعداد لإعادة الانتخابات التشريعية؛ مع الخشية  أن يعيد  هذا الحل  إنتاج نفس الخارطة الحزبية بل هناك من يتوقع  أن يحسّن  حزب العدالة والتنمية وضعه وموقعه  برفع عدد مقاعده في مجلس النواب.

وعودة إلى  التأمل في  نتائج الاستطلاع ، فإنها رغم نسبيتها، مؤشر على استبعاد أي  حل تصعيدي، لأنه لن يكون في صالح أي طرف، ما قد يفتح الباب  أمام تحكيم سيضطر الملك للقيام به، حرصا على مصلحة البلاد واستقرارها لمواجهة التحديات المحدقة بها وانتظارات المواطنين.

ولا ينبغي في جميع الأحوال التهويل من الوضع السياسي الذي يمر به المغرب ، فهو  يندرج في سياق التدريب والتعود على ممارسة الديمقراطية.  ومن فوائد هذا التعثر الانتباه إلى الثغرات الموجودة في القانون الأسمى للبلاد ، قصد تسليط الضوء عليها ومعالجتها بتبصر وحكمة واستشراف المستقبل. 

طبعا سيقال ان الدستور المغربي الذي طالما صفق له ورحب به كثيرون في الداخل والخارج ، لم يصمد طويلا امام التجربة ! والحقيقة ان الأزمة في تشكيل حكومة جديدة ، ليس مردها الدستور الحالي بل تسبب فيها عاملان أولهما النظام الانتخابي النسبي الذي لا يفرز قوة مهيمنة ، والامر الثاني ،هو عدم اكتراث الفاعلين السياسيين ،  وهذا قد يزعج السياسيين  لانه يحملهم قدرا كبيرا من المسؤولية. 
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار