: آخر تحديث
شبكات إجرامية تندمج لإنتاج "جهادي" متوحش

معظم عناصر داعش الأوروبيين أصحاب ملفات جنائية

88
100
84

أظهرت دراسة جديدة أن غالبية المجندين في صفوف تنظيم داعش هي من أصحاب السوابق الجنائية، وهذا الأمر لم يُعهد له نظير في الحركات "الجهادية" الأخرى، التي لا تكلّ من الحديث عن "الطهارة" وأهمية المعرفة الفقهية بالدين.  

إيلاف من لندن: تبين الدراسة التي اجراها المركز الدولي لدراسة التطرف ان شبكات اجرامية وإرهابية في انحاء اوروبا تندمج لإنتاج "جهادي" من طراز خطير، والعنف عنده ليس "واجبًا مقدسًا" فحسب، بل طريقة حياة أيضًا.  

وقال البروفيسور بيتر نيومان مدير المركز في كلية كينغ في لندن إن الشبكة الاجرامية ـ الارهابية الجديدة تجعل من الصعب جدًا على الأجهزة الأمنية الاوروبية ان ترصد التطرف.  

وصرح نيومان لموقع الاندبندنت "ان الكثير من المحللين ما زالوا يقولون ان الإرهابيين ينتمون الى الطبقة الوسطى أو العليا، وان اسامة بن لادن كان ابن مليونير، ومنفذي هجمات 11/9 كانوا طلابًا، على سبيل المثال". اضاف نيومان ان هذا لا يعكس واقع داعش "وعلينا ان نعيد النظر في استراتيجيتنا". 

تغيير سلوك
لاحظ البروفيسور نيومان ان العديد من الأجهزة الأمنية ما زال يتوقع ان يغيّر الشباب، الذين أصبحوا متطرفين سلوكهم، عبر تصرفهم "تصرفًا دينياً" ربما بإطلاق لحاهم أو تغيير ملابسهم.  

ما زال هذا النمط مرئيًا لدى البعض، ولكنه ليس ملحوظاً في العديد من الحالات، وتبين القاعدة البيانية للمركز الدولي لدراسة التطرف ان العديد من المقاتلين الاوروبيين كانوا مستمرين في التدخين وتناول الكحول، بل وحتى تعاطي المخدرات حتى يوم مغادرتهم للانضمام الى داعش.  

على الغرار نفسه، فان الإجرام لا يتوقف مع الالتزام بالجهاد. ولعل سعيد كواشي أنفق اموالًا جمعها من بيع أحذية رياضية مهربة لشراء الأسلحة التي استخدمها مع شقيقه في الهجوم على مكاتب مجلة شارلي ايبدو. كما استخدمت خليتا باريس وبروكسل علاقاتها بعالم الجريمة السفلي لانتاج وثائق مزورة تتيح لأفرادها الافلات من الأجهزة الأمنية.  

وقال البروفيسور نيومان ان ثلثي "الجهاديين" الذين شملتهم الدراسة لم يكونوا من اصحاب السوابق الجنائية فحسب، بل لهم تاريخ من ممارسة العنف ايضًا. وفي البلدان الاوروبية كان أكثر من نصف الذين رحلوا للالتحاق بصفوف داعش معروفين للشرطة.

تديّن سطحي
اضاف نيومان ان هذا "يعطي المجرمين مبرراً اخلاقياً لممارسة ما كانوا دائما يمارسونه سوى انهم سيذهبون الآن الى الجنة”، ولا يؤكد داعش على أهمية المعرفة بالدين بقدر ما يطالب بالطاعة المطلقة لتفسيره هو. وبحسب استمارات التسجيل المسربة فإن غالبية المجندين تصف معرفتها بالشريعة الاسلامية بأنها "ابتدائية".  

وفي حين ان تنظيم القاعدة كان ينشر "كتاباً من الناحية العملية" لتبرير كل هجوم من هجماته الارهابية فان داعش لا يصدر إلا بضع فقرات، مفضلًا الوصول الى جمهوره، من خلال مجلات صقيلة ومقاطع فيديو متقنة الاخراج.   

وقال نيومان ان هناك الآن "انسجاماً أمثل" بين هؤلاء الشباب وجماعة كفت عن أي محاولة لصوغ خطاب ديني جاد، ويرى ان داعش يقول من الناحية الأساسية "انك تستطيع المجيء إذا قبلتَ الرسالة، ولا يهمنا إن كنتَ تعرف الاسلام الحق ـ فنحن الاسلام الحق". 

كما يهدف داعش الى تصوير العضوية على انها طريق للإثارة والمغامرة والقوة والاحساس بالاخوة الذي ينشده مجندون ضعفاء في احيان كثيرة، يبحثون عن هدف وانتماء. وقال الن غريناد المسؤول الكبير في جهاز مكافحة الارهاب البلجيكي ان داعش يعتبر بنظر الكثير من اعضائه الاوروبيين امتدادًا للجريمة داخل المدن. 

قفزة أصغر
ولاحظ غريناد "ان مسلمين شباباً لهم تاريخ من الجنح الاجتماعية والاجرامية ينضمون الى داعش بوصفه جزءا من "عصابة كبرى". اضاف "كنا في السابق نتعامل مع اسلاميين متطرفين ـ مع افراد تطرفوا نحو العنف بتأويل متطرف للاسلام ـ ولكننا الآن نتعامل بصورة متزايدة مع ما يوصف على أحسن وجه بأنهم "متطرفون متأسلمون”، ويجري تعزيز العلاقة بين هؤلاء الشباب وداعش بتحويل الجهاد الى "لعبة"، حيث يصمم داعش افلام الفيديو الدعائية التي ينتجها على طريقة العاب الفيديو.  

يستند منهج داعش في التجنيد الى التسريع بتطرف المجند في غضون اسابيع بالمقارنة مع أشهر أو سنوات لجماعات أخرى، مثل القاعدة وطالبان. وقال مدير المركز الدولي لدراسة التطرف في لندن بيتر نيومان ان مجندي داعش في اوروبا اصلًا مجرمون معتادون على العنف، وبالتالي فان "القفزة من كونهم متطرفين الى متطرفين عنيفين قفزة أصغر بكثير".  

واحد الأمثلة على ذلك مسلح كوبنهاغن عمر الحسين الذي قتل شخصين بعد اعلانه الولاء لداعش في مطلع 2015.  إذ كان الحسين أحد افراد عصابة من المراهقين يسرقون البيوت ويرتكبون جرائم صغيرة ويتعاطون المخدرات قبل ان يُسجن لطعنه احد الأشخاص في عام 2013.  وفي السجن تطرف وبدأ يعبر عن رغبته في الذهاب الى سوريا للقتال.  

السجن مدرسة
كما يستدرج داعش الشباب المتأزم نفسيًا من خلال وعد الشهادة وغسل الذنوب، وكثيرًا ما يحدث الانتماء الى الجهاد في سجون في عموم اوروبا، حيث شهدت ظواهر موثقة تطرف نزلاء، وحتى تشكيل خلايا ارهابية داخل السجون. 

وقال هاري سارفو، وهو جهادي الماني في داعش، نشأ في بريطانيا، لموقع اندبندنت، انه "تعلم عقيدة التوحيد والجهاد في السجن" حيث اودع لمشاركتة في السطو على سوبرماركت.  

وأوضح نيومان ان الدراسة التي اجراها المركز الدولي لدراسة التطرف سجلت حالات عدة لم تكن سلطات السجن على علم فيها وبما يحدث من تطرف أو ان اجهزة مكافحة الارهاب تجاهلت تنبيهاتها، ودعا المركز الى اصلاح السجون في عموم اوروبا بتدريب كوادر على رصد البوادر الأولى للتطرف وتنبيه الأجهزة الأمنية ومنع بناء شبكات متطرفة في السجون.  

من الاجراءات بالغة الأهمية في مكافحة تحالف الجريمة مع الارهاب توفير أئمة مساجد معتدلين للسجناء المسلمين، بدلا من السماح لمتطرفين بالتطوع لإمامة الصلاة. 

ومن الخطوات التي يوصي بها المركز في دراسته زيادة تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية، ومنها الشرطة والجمارك والاستخبارات، مع الانتباه الى العلاقة بين الجريمة والارهاب. وأعلنت وزارة العدل البريطانية خططاً لوضع السجناء المتطرفين في وحدات خاصة فيما تدرس مقترحات اخرى لمكافحة التطرف. 

أعدت ايلاف المادة عن موقع الاندبندنت 

المادة الأصل هنا

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار