: آخر تحديث
دول عدة أبدت مخاوف من تحويله إلى مسجد

تلاوة القرآن في متحف آيا صوفيا تقلق العلمانيين

147
301
309

اسطنبول: سجد الشيخ على سجادة الصلاة، وراح يتلو آيات من القرآن عند الفجر على عادته في شهر رمضان، لكن الأمر مختلف هذه المرة، فتلاوة الذكر الحكيم لا تجري في مسجد، بل في صرح آيا صوفيا المصنّف رسميًا على أنه متحف.

خلاف تاريخي
من موقعه على مدخل مضيق البوسفور والقرن الذهبي ينتصب صرح آيا صوفيا بهندسته المعمارية المذهلة، لا سيما أنه يعتبر شاهدًا على ثراء الحضارة البشرية، فيما ما زال المسلمون والمسيحيون مختلفين بشأنه.

في ظل الإمبراطورية البيزنطية المسيحية في القرن السادس، بنيت كاتدرائية آيا صوفيا، وشهدت تتويج الأباطرة البيزنطيين، قبل تحويلها مع الفتح العثماني للقسطنطينية في 1453 إلى مسجد وإضافة مآذن حول قبتها البيزنطية.

في الثلاثينيات قرر النظام العلماني، الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك في تركيا، وقف الاستخدام الديني لهذا البناء، وتحويله إلى متحف، فبات مكانًا للزيارة والذكرى لجميع الديانات.

محاولات أسلمة
لكن منذ وصول حزب الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان، "العدالة والتنمية" الإسلامي المحافظ في 2002 ، إلى السلطة بدأت المخاوف لدى مناصري العلمانية من احتمال إعادة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، ليكون رمزًا لتركيا الساعية إلى ترسيخ صورتها كدولة مسلمة.

في العام الفائت، تلا شيخ آيات قرآنية للمرة الأولى في آيا صوفيا منذ تحويله إلى متحف قبل 85 عامًا، بمناسبة افتتاح معرض. لكن بمناسبة رمضان الجاري ذهبت السلطات إلى أبعد من ذلك. فقناة "ديانة" العامة تبث بشكل مباشر كل يوم آيات من الذكر يتلوها كل يوم شيخ مختلف. ولم تستخدم آيا صوفيا بشكل مكثف بهذا الشكل منذ تحويلها إلى متحف. وتجري تلاوة القرآن وقت السحور، أي قبل ساعات على بدء توافد طوابير السياح لزيارة المبنى.

قلة احترام 
أثارت هذه المبادرة رد فعل غاضبًا في اليونان الأرثوذكسية، التي تعرب منذ سنوات عن القلق من تزايد أسلمة آيا صوفيا. وأصدرت الخارجية اليونانية بيانًا قالت فيه إن "هذا النوع من الهوس - الذي يصل إلى حد التعصب - بإقامة شعائر إسلامية في صرح يعود إلى تراث البشرية غير مفهوم، وينمّ عن قلة تقدير وقلة اتصال مع الواقع". أضافت أن "المبادرات المماثلة لا تتلاءم مع الديموقراطيات الحديثة والمجتمعات العلمانية".

كما أكد وزير الخارجية اليوناني نيكوس كوتزياس أنه توجه إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) المكلفة حماية التراث الثقافي العالمي لرفع شكوى حول كيفية استخدام آيا صوفيا.

واشنطن أيضًا انضمت إلى الجدل مع تصريح المتحدث باسم الخارجية مارك تونر أن بلاده "تحث الحكومة التركية على الحفاظ على آيا صوفيا بطريقة تحترم تقاليدها وتاريخها المتشعب".

غضب اليونان
لكن القضية اتخذت صورة خلاف دبلوماسي عندما وصف المتحدث باسم الخارجية التركية تانجو بيلغيتش التصريحات اليونانية بأنها "غير مقبولة"، ونصح أثينا بأن تهتم بحل مشكلاتها الخاصة بالحريات الدينية. كما أضاف أن اليونان لم تصدر أي ترخيص منذ سنوات لبناء مسجد في أثينا، وهي تنتهك الحريات الدينية لأقليتها المسلمة التي تعد حوالى 100 ألف نسمة.

أخيرًا عبّر عدد من المسؤولين الأتراك، بينهم وزير للثقافة، عن رغبتهم في إعادة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد. لكن تركيا واليونان تبديان رغم هذا الجدل حرصًا على تجنب الإضرار بعلاقاتهما الجيدة بشكل عام، خصوصًا في ما يترتب على حكومتي البلدين التعاون بشكل وثيق في ملف الهجرة. حتى إن أنقرة قامت بمبادرة حسن نية إزاء أثينا، عبر إجازة إحياء مراسم عيد الغطاس الأرثوذكسي في يناير من هذا العام في مدينة أزمير على ضفاف بحر إيجه للمرة الأولى منذ 1922.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار