: آخر تحديث
يؤثر في 3 أنواع من الخلايا الدماغية

العلاج الكيميائي يوقف نضوج الخلايا الدبقية!

70
81
56

يعرف العلم أن للعلاج الكيميائي ضد السرطان مضاعفات خطيرة عدة، وأنه يضعف عمل الدماغ الذهني، إلا أن الباحثين من جامعة ستانفورد كشفوا الطريقة التي يؤثر فيها العلاج الكيميائي على الدماغ.

إيلاف من برلين: أصبح العلاج الكيميائي ضد السرطان علاجًا أساسيًا في بعض الأحيان، وعلاج تكميلي في الكثير من الحالات السرطانية بعد استئصال الجسم السرطاني. 

عوارض أخرى
يعتبر سقوط الشعر من أكثر الأعراض الجانبية للعلاج الكيميائي شيوعًا، لكنه ليس الأسوأ بالطبع. فالعلاج الكيميائي لا يمكن أن يفرّق بين الخلايا الطبيعية والخلايا السرطانية. لهذا السبب تتضرر الخلايا سريعة النمو الأخرى في الجسم، مثل خلايا الشعر.

ثم إن العلاج الكيميائي يضعف نظام المناعة الجسدية، ويجعل المريض أكثر عرضة لالتقاط العدوى أو الفيروسات. عليه ينبغي تجنب الاختلاط بالأشخاص المرضى أو في الأماكن العامة المزدحمة، لأنه سيكون من السهل جدًا التقاط العدوى في مثل هذه البيئة.

كما يعتبر الإرهاق والغثيان والقيء وفقر الدم والأسهال، أو الإمساك، ونقص الوزن وحصول النزف الداخلي من الأعراض الشائعة الأخرى للعلاج الكيميائي. الملاحظ أن المرضى يعانون من ضعف التركيز وضعف الذاكرة، بل من اضطراب في حركة الجسم أحيانًا، ويستمر ذلك أشهرًا أو سنوات تلي العلاج الكيميائي. ويطلق العلماء على المضاعفات الدماغية اسم كيموبرين Chemobrain".

تأثير في خلايا المادة البيضاء
كتب العلماء الأميركيون في مجلة "سيل" (الخلية) إنهم توصلوا إلى أن العقاقير الكيميائية المستخدمة ضد السرطان (الزيتوستاتيكا) تؤثر في عمل ثلاثة أنواع من الخلايا في المادة البيضاء للدماغ. 

تسبب هذه العقاقير اضطراب عمل هذه الخلايا، ويؤدي هذا الوضع بدوره إلى وقف نضوج الخلايا الدبقية واضطراب الاتصالات بين مختلف الخلايا العصبية. فضلًا عن ذلك تترقق طبقة الخلايا الأوقية التي تكسو الألياف العصبية، وهو ما يقود في النهاية إلى ضعف النشاط الذهني للمريض.

معروف أن دماغ الإنسان يحتوي على نوعين رئيسين من الخلايا، وهي الخلايا العصبية أو العصبونات، التي تشكل عشرة بالمائة من عدد خلايا الدماغ، والخلايا الدبقية، وتشكل 90 بالمائة منه، وهي تعمل كمادة داعمة للعصبونات، وتقوم بتزويدها بالغذاء والأوكسجين، وتخليصها من الفضلات. 

وعلى الرغم من أن عدد الخلايا الدبقية يبلغ عشرة أضعاف الخلايا العصبية، إلا أنها تحتل الحيز نفسه الذي تحتله الخلايا العصبية في الدماغ، لأن حجمها يبلغ عشر حجم الأخرى تقريبًا. 

ذكر آرين جبسون، من جامعة ستانورد في بالوالتو، أن المريض يتحسن مع العلاج الكيميائي، لكنه يعاني كثيرًا من الأعراض الجانبية. أضاف إنه وفريق عمله ركزوا أبحاثهم على أسباب "الكيموبرين" كي يتمكنوا من مساعدة المرضى على التخلص من الأعراض الجانبية للعلاج الكيميائي.

العثور على السبب في أدمغة الأطفال
بهدف معرفة كيفية تأثير المواد الكيميائية على الأنسجة الدماغية، قارن جبسون وزملاؤه عينات من أدمغة أطفال نالوا العلاج الكيميائي بعينات دماغية من أطفال سليمين لم يتلقوا مثل هذا العلاج.

كانت النتيجة واضحة، ومفادها أن أدمغة الكيموبرين احتوت في المادة البيضاء، في التلافيف الأمامية، على خلايا دبقية من النوع القليل التغصن أقل من أدمغة السليمين. هذه الخلايا تغلف الأعصاب بطبقة المايلين، التي تحميها وتعزلها، وتعتبر من أهم المواد التي تدخل في وظيفة الخلية العصبية.

وفي خطوة لاحقة أجرى جبسون تجاربه على فئران، بعد منحها العلاج الكيميائي "ميثوتركسات" مرة في الأسبوع طوال ثلاثة أسابيع. ورصد الأطباء بعد ذلك تغيرات ظاهرة في أنسجة أدمغة الفئران المختبرية. تركزت هذه التغيرات على الخلايا الدبقية قليلة التغصن، فأخلّ العلاج الكيميائي بوظائف هذه الخلايا. تنقسم هذه الخلايا الدماغية عادة بسرعة، كما إنها تنضج بسرعة أيضًا، كي تعوّض الخلايا الميتة، إلا أن سرعة الانقسام والنضوج تلكأت في الفئران.

توقف نمو الخلايا قليلة التغصن
لاحظ الباحثون أن عملية نضوج الخلايا الدبقية قليلة التغصن توقفت في مرحلة وسطية من النمو، ولم تنضج أكثر. كما قلّت سماكة طبقة المايلين العازلة التي تغطي الألياف العصبية، وتزامن ذلك مع تغير في سلوك الفئران.

صارت حركة أقدامها أبطأ، وأظهرت نوعًا من الخوف، وضعف تركيزها أيضًاً، بحسب تقرير جبسون. واستمرت هذه الأعراض الجانبية أكثر من 6 أشهر تلت زرق المواد الكيميائية في الفئران.

ويبدو أن معالجة الفئران بالعقار الكيميائي "ميثوتركسات" أدى إلى تنشيط الخلايا المناعية المسماة الميكروغاليا في الدماغ. وأثر نشاط هذه الخلايا بشكل سلبي على عمل خلايا الأستروسايت، التي تغذي الخلايا العصبية بالمواد الضرورية.

البحث عن عقار بديل
كتبت ميشيل مونج، زميلة جبسون في فريق العمل، إن الأبحاث السريرية باستخدام عقار جديد نجحت في وقف هذا النشاط المناعي الزائد لخلايا الميكروغاليا. المهم أيضًا أن الخلايا البقية قليلة التغصن عاودت نشاطها، وتمكنت من النضوج مرة أخرى. علاوة على ذلك، تراجعت أيضًا أعراض ضعف التركيز والذاكرة والحركة التي ظهرت على الفئران.

أضافت مونج إن نتائج الدراسة تثبت أهمية تفاهم مختلف الخلايا العصبية مع بعضها بعضًا. وفي تجارب مقبلة سيحرص فريق العمل على كشف كيف يمنع "ميثوتركسات" اتصالات الخلايا الدماغية مع بعضها البعض. ومن طبيعي أن يقود الكشف عن هذه الطريقة إلى البحث عن عقار جديد يوقف هذه الآلية ويخلص العلاج الكيميائي من أهم مضاعفاته.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في لايف ستايل