: آخر تحديث
إيلاف تُضيء على سيرة حياتها بعد رحيلها (2)

زواجٌ وانفصال وحزن في شباب مديحة يسري

82
102
75

"إيلاف" من القاهرة: فقد الفن المصري والعربي واحدة من أهم نجماته وأكثرهن إنتاجاً. وهي الفنانة القديرة مديحة يسري التي رحلت عن عمرٍ يناهز97 عاماً بعد صراع مع آلام المفاصل والعظام. "إيلاف" تلقي الضوء عبر عدة حلقات على سيرة حياتها الشخصية والفنية.

انفصال وزواج
خلال تصوير فيلمها الأول "أحلام الشباب" تعرفت "يسري" على يوسف بك وهبي الذي كان مشاركاً في العمل. فنشأت بينهما صداقة قوية، وتعلمت منه الكثير، وكان لها الصديق والأب الفني. وهي ظلت تنسب له دائماً مهارة حفظ الحوارات الطويلة التي كانت تجد صعوبة فيها بالبداية. ولطالما أشادت بقدرته على التعامل معها واحتوائها ببدايتها وتشجيعها وإزالة رهبة الخوف منها.

ولقد كان هذا الفيلم بمثابة نقطة الانطلاق التي استغلتها مديحة جيداً. فقبل أن تنتهي من تصويره وقع اختيار حسين صدقي عليها لتشاركه في بطولة فيلمه "العامل"، بينما وقعت تعاقد لتقديم ثلاث أفلام مع يوسف وهبي وتوجو مزراحي من خلال شركتيهما. لكن سوء الحظ لاحق فيلم "العامل" الذي أغضب الملك واعتبرته الحكومة تحريضياً. فرفُعَِ من الصالات قبل أن يكمل أسبوع عرضه الأول. إلا أنها كانت على موعد مع النجومية والحب أيضاً. فخلال تصوير "أحلام الشباب" توطدت علاقاتها بالفنان محمد أمين الذي كان يحرص على إهدائها اسطوانته قبل صدورها، ويتحدث معها ويتواجد معها في مواقع التصوير ليكون إلى جانبها. جيث كان يعرف مواعيد التصوير الخاصة بها وينتظرها.
 


لكن، في تلك الفترة، أُعجِبَ إثنان بمديحة يسري التي كانت تتحدث الصحافة عن النجومية التي تنتظرها. الأول هو محمد أمين والثاني هو عباس محمود العقاد الذي ذهبت إليه في صالونه الثقافي فخطفه جمالها لدرجة أنه كتب روايته الوحيدة سارة من وحي علاقاتهما التي قررت مديحة قطعها في لحظة فارقة بعدما أدركت حبه ورغبته في إبعادها عن المجال الفني. ففقي لقاءاته الأسبوعية التي كان ينظمها بمنزله كانت تتردد عليه من أجل توسيع خلفيتها الثقافية. تصمت لتسمع أحاديث الكبار، وكان العقاد في عمر والدها، وعندما اكتشفت أنه تعلق بها، قررت الرحيل عن المجلس والتوقف عن الذهاب إليه.
أما أمين فقد قرر التقدم لها والإرتباط بها، وهي الفتاة التي كان يرغب والدها في تزويجها بعدما بدأ يخشى عليها من أضواء الشهرة. فوافقت بعدما أحبته وتعلقت به ووجدت فيه الرجل الذي يدعم موهبتها ويساندها في عملها بعد والدها الذي اقتنع بأهمية الفن والدور الذي تقوم به ابنته بعدما شاهد كتابات النقاد عنها وإشادات الجمهور بها.

تزوجت من محمد أمين بعد قصة حب تتطورت في مواقع التصوير بمعرفة والدتها التي كانت ترافقتها خلال التصوير. وهو الشرط الذي وضعه والدها أمامها لكي تستمر في العمل بالتمثيل مشدداً على أن تكون والدتها مرافقة لها كظلها. فرغم النجومية التي حققتها وبلوغها سن الرشد إلا أن والدتها كانت مثل ظلها لا تفارقها إلا في جلسات صديقاتها فحسب.

والمفارقة أن محمد أمين جمعته قبلة مع مديحة يسري في فيلم "تحيا الستات". وهي أول قبلة تقوم بتقديمها في السينما. وكانت تخشاها بشدة وظلت تفكر فيها منذ موافقتها على العمل. فكان تصوير مشهد القبلة بمثابة إعلان الإستسلام لحبها له بالرغم من أنه استغرق في التصوير أكثر من 3 ساعات بسبب شدة خوفها منه وتوترها الذي جعلها تطلب إخراج غالبية العاملين من الاستوديو لشعورها بالإحراج.
تزوجت مديحة من "أمين" لنحو 3 سنوات قدما خلالها سوياً مجموعة من الأفلام السينمائية من خلال الشركة التي قاما بتأسيسها وكانت بفكرة من مديحة التي كرست حياتها لفنها وزوجها. لكن السعادة لا تستمر دائماً، فكانت خيانة محمد أمين لها وكثرة سهره وعودته للمنزل مخموراً قبل الفجر وعدم تركيزه في عمله أسباباً كافياً لها لتطلب الطلاق من زوجها الذي لم ترزق منه بأبناء.
كانت مراهنات أمين على الخيول وخسارته أمواله وعدم تركيزه في عمله أسباب أخرى عززت طلب الطلاق بعدما يئست من محاولاتها المستمرة لاقناعه بالعدول عن المسار الخاطئ الذي يسير فيه، فهي حاولت مراراً وتكراراً إصلاح حياته لكن هذا الإصلاح لم يكن ممكناً.
 


حب كبير مع أحمد سالم
وكان فيلمهما "غرام بدوية" آخر فيلم يجمعهما سوياً خاصةً بعدما فشلت بإقناعه بالتوقف عن المراهنات. فانفصلت عنه بهدوء، وقامت باستئجار شقة لتقيم فيها بمفردها، لكن هذه الاقامة لم تدم طويلاً بعدما نشأت قصة حب بينها وبين دنجوان السينما آنذاك الراحل أحمد سالم الذي تعرّفت عليه للمرةِ الأولى خلال مرافقتها لزوجها في إحدى سهراته. وكان سالم آنذاك متزوجاً من الفنانة تحية كاريوكا التي انفصل عنها أيضاً في نفس توقيت انفصال مديحة وأمين ليكون بطل ثاني زيجاتها.
وتوطدت علاقة مديحة وسالم قبل الزواج خلال الفترة التي سافرت فيها إلى الاسكندرية لقضاء إجازة تحاول فيها التخلص من أحزانها. وهي إجازة دامت أكثر من 3 أسابيع وعادت فيها ببطل قصة حبها الجديد أحمد سالم الذي عملت معه أيضا وكان أول أفلامهما سوياً من إخراجه وإنتاجه.
ولقد تغيرت وتطبعت بطباع "سالم". فهي أصبحت ضيفة على حفلات السمر الفنية المختلفة، كما كانت دائمة السفر برفقته ما بين الإسكندرية والفيوم وأوروبا وغيرها من المدن فكان السفر والسمر هما الهوايتان التي جمعتهما حتى رحل سالم بعد صراعٍ مع المرض. فكانت صدمة إنسانية صعبة عليها لم تستطع الخروج منها إلا بالعمل المكثف والتنقل بين الاستوديوهات في محاولة للتغلب على أحزانها.
وفي جميع أحاديثها اللاحقة عن علاقاتها بأحمد سالم اختارت مديحة يسري أن تتحدث عنه بحب. فهو الوحيد من بين أزواجها الذي أكدت أنه لم يقم بخيانتها، وهو الوحيد الذي ربما أحبته بإخلاص فبقيت إلى جواره في أصعب أيام حياته قبل وفاته حيث عاني من مشكلات صحية لم يستطع الأطباء التعامل معها.
 



وعاشت"يسري" حالة حزن استمرت شهور، كأرملة لم تكمل عامها الثلاثين خسرت الرجل الذي أحبته بصدق، ولم يخنها ولمس بأسلوبه وطريقته قلبها، حتى في تعامله مع طليقته الفنانة تحية كاريوكا التي احتفظ بصداقة معها حتى رحيلها. علما أنها بقيت بعد رحيله في منزلها نحو عام هجرت خلاله الشهرة والأضواء وعاشت بحزنٍ كبير قبل أن تخرج منه بمساعدة زميلها محمد فوزي الذي تعرفت عليه لتبدأ معه قصة حب جديدة كانت أشهر قصة حب بين نجمين في خمسينات القرن الماضي.
المزيد في الحلقة المقبلة
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ترفيه