: آخر تحديث
بلغت أدنى مستوياتها منذ بداية العام الحالي

من سيؤثر على تحركات أسعار النفط عام 2019؟

85
92
81

تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ بداية 2018 أثناء تعاملات آخر الأسبوع، وتتجه إلى تسجيل أكبر هبوط لشهر واحد، منذ أواخر 2014، بعد طلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من السعودية زيادة الإنتاج وخفض الأسعار.

إيلاف من لندن: دعا الرئيس الأميركي ترمب مرارًا المملكة العربية السعودية ومنظمة "أوبك" إلى زيادة الإنتاج من أجل خفض الأسعار، وقام بتوجيه الشكر إلى السعودية لدورها في خفض الأسعار، بل وطالبها بالمزيد.

وكان ترمب تفاخر بالأمر في وقت سابق، إذ قال في تغريدة على حسابه في موقع "تويتر": "أسعار النفط تتراجع.. عظيم.. مثل تخفيض ضريبي كبير لأميركا والعالم. 54 دولارًا .. كانت 82 دولارًا. شكرًا للسعودية، لكن دعونا نذهب إلى أسعار أقل". أضاف ترمب، في تغريدة أخرى: "لنجعل أميركا عظيمة مجددًا".

مخاوف من تخمة المعروض
تتركز المخاوف من عودة تخمة المعروض إلى الأسواق، حيث هبطت الأسعار إلى ما دون 60 دولار للبرميل في تعاملات الجمعة لمزيج برنت القياسي، وتراجع خام غرب تكساس الوسيط المرجعي إلى 51 دولار تقريبًا. 

ولا يزال الجدل قائمًا حول قيام "أوبك" وشركائها من خارج المنظمة، مثل روسيا وكازخستان، بوضع خطط جديدة لتخفيض الإنتاج. ومن المقرر أن تجتمع منظمة "أوبك" رسميًا في السادس من ديسمبر لمناقشة سياسة الإنتاج، فيما توقعت شركة "إيني" الإيطالية، الجمعة لأسعار "برنت" أن تراوح بين 60 و70 دولارًا في الأشهر الستة المقبلة، إذا لم يُتخذ قرار بتخفيضات كبيرة للإنتاج. 

هذا التوقع يبدو متفائلًا، حيث هناك توقعات تشاؤمية بهبوط الأسعار إلى ما دون الخمسين دولار للبرميل إذا لم يتم كبح الجماح.
ورغم العقوبات على إيران ومشاكل الإنتاج في فنزويلا والتوترات الجيو سياسية، إلا أن السوق بدأت تتشبع، والتخمة بدأت تعود إلى الأسواق، بفضل الإنتاج الروسي والأميركي.

وهبطت أسعار النفط بنسبة 30% من أعلى المستويات في أوائل أكتوبر من هذا العام، حيث بدأ الإنتاج العالمي يتجاوز الاستهلاك في الربع الأخير من العام الجاري، بسبب نقص في المعروض بدأت في الربع الأول من عام 2017.

ارتفاع استيراد الهند
من جهة أخرى، وحسب تقديرات "ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس"، التي ترصد أسواق الطاقة، ارتفعت واردات الهند من النفط في أكتوبر 17% على أساس شهري، وباتت المصافي تنوع مشترياتها في ظل العقوبات على إيران.

وأوضحت أن واردات الهند من الخام زادت إلى 5 ملايين برميل يوميًا في أكتوبر، لتسجل أعلى تدفق استيراد شهري منذ 2011.

دول تنتج أكثر من ثلث إنتاج العالم
التغيير الكبير في أسعار النفط عام 2019 ستقرره 3 دول رئيسة في العالم، وهي الولايات المتحدة وروسيا والمملكة العربية السعودية.

الدول الثلاث قادرة على إنتاج ثلث النفط العالمي، حيث تنتج الولايات المتحدة 11.5 مليون برميل يوميًا، وكذلك روسيا تنتج أكثر من 11 مليون برميل يوميًا. ورغم أن السعودية تنتج بحدود 11 مليون برميل يوميًا، لكن لديها القدرة على رفع ذلك إلى 12.5 مليون برميل يوميًا إذا استدعى الأمر. لكن هناك اختلافات بين الثلاث في المواقف والأهداف واتجاه الأسعار.

الموقف السعودي
المملكة العربية السعودية تريد أسعارًا أعلى بعدما انخفضت 30% منذ بداية شهر أكتوبر الماضي إلى أقل من 60 دولار للبرميل، وأعلنت المملكة عن رغبتها في تخفيض الإنتاج لدعم الأسعار. السعودية تحتاج 80 دولار للبرميل كأدنى حد لتحقيق نقطة التوازن في الدخل، مقابل الإنفاق، ناهيك عن المشاريع الضخمة، مثل رؤية 2030، التي تحتاج أسعارًا عالية لتنفيذها وتحقيق الأهداف المنشودة.

يبقى السعر فوق 80 دولار مهمًا للمملكة لتنفيذ برامج التحديث والإصلاح والتحول الوطني وتنويع الاقتصاد لتقليل الاعتماد على النفط وتنويع ومصادر الدخل.

موقف واشنطن
أما واشنطن، الحليف الغربي الأكبر للسعودية، فتريد عكس ذلك تمامًا، أي تريد أسعارًا أقل، لأسباب سياسية ولأسباب انتخابية، والرئيس ترمب يحب أن يثبت للشعب الأميركي أنه يخدم مصلحة المستهلك الأميركي بتخفيض الأسعار في محطات البنزين، ولهذا يضغط على الرياض لرفع الإنتاج، كي تنخفض الأسعار في الأسواق العالمية. 

وأعلن ترمب في أكثر من مناسبة أن أسعار نفط منخفضة هي من أولويات إدارته. وهذا يفسر تخفيف وطأة العقوبات على إيران من خلال الإعفاءات والاستثناءات، لكي لا تصعد الأسعار. التناقض الكبير هو أن ترمب مارس ضغوطًا كبيرة على الرياض في الشهور السابقة، لكي  تغرق السوق بالنفط، لتعويض النقص الناتج من العقوبات، التي كان يخطط لفرضها على إيران.

هذه السياسة دفعت المحللين إلى الاعتقاد بأن أسواق النفط ستشهد تخمة في المعروض عام 2019. رغم أن هذا ليس في مصلحة أوبك، إلا أن الرئيس ترمب لا يكترث، وما تهمّه هي أسعار منخفضة في محطات الوقود في الولايات المتحدة نفسها. وهذه هي أولوية ترمب، وليس مصلحة الدول الأخرى المنتجة للنفط.

مما زاد الصورة تعقيدًا وتناقضًا أن الطفرة في إنتاج زيت الصخري الأميركي لم تعد أمرًا إيجابيًا للاقتصاد الأميركي، حسب الفايننشال تايمز. بينما تستطيع الحكومة السعودية التحكم بسياسة الإنتاج، وروسيا تلعب دورًا في رسم سياسة الإنتاج والتصدير، إلا أن الوضع في الولايات المتحدة مختلف تمامًا. فالرئيس ترمب لا يستطيع السيطرة والتأثير على مئات المنتجين المستقلين في الولايات المتحدة. 

موقف موسكو
أما روسيا تحت رئاسة فلاديمير بوتين فتقف في المنتصف بين الرياض وواشنطن من حيث موقفها من أسعار النفط. فرغم أن موسكو ترحّب بأسعار أعلى للنفط، فإن اعتمادها على النفط أقل من اعتماد السعودية، لتواجد وفرة من الثروات الطبيعية فيها، لكن موسكو تدرك أن أسعارًا عالية قد تجذب منتجين جددًا للسوق، لا سيما من منتجي الزيت الصخري الأميركي.

لكن اتفاق موسكو مع الرياض لتخفيض الإنتاج جلب فوائد واستقرارًا إلى السوق خلال 2017 و2018. واستفاد قطاع النفط الكبير من الأسعار المرتفعة نسبيًا، وشجّع المنتجين على رفع وتيرة الإنتاج في حوض بيرميان في تكساس، مما ساهم في تخمة المعروض وتراجع الأسعار. والأسواق تنتظر ما سيحدث في اجتماع فيينا المقبل في 6 ديسمبر.
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد