: آخر تحديث

أزمة الليرة التركية تضع القبارصة الأتراك في موقف صعب

103
107
92

نيقوسيا: يواجه الشطر الشمالي المحتل من قبرص، والذي يعتمد بقاؤه الاقتصادي على أنقرة، معضلة في تجنب الأزمة الناجمة من تدهور الليرة التركية التي تراجعت بمعدل النصف تقريباً مقابل الدولار منذ بداية السنة.

لقد وضع ضعف الليرة التي تأثرت بمخاوف السوق إزاء أداء الاقتصاد التركي وكذلك الخلاف الدبلوماسي مع الولايات المتحدة "جمهورية شمال قبرص التركية" التي لا تعترف بها سوى أنقرة في وضع صعب وفق "وزير" اقتصادها اوزديل نامي.

قال نامي لفرانس برس إنه نظراً الى عدم القدرة على التحكم بقيمة العملة أو بأسعار الفائدة، فإنه "من الصعب جداً بالنسبة الى اقتصاد مثل اقتصادنا" التعامل مع الانخفاض المفاجئ في قيمة الليرة المتداولة في شمال قبرص المحتل منذ 1974، في حين تتعامل جمهورية قبرص المعترف بها باليورو. وقال نامي "ليست لنا أي يد في هذه الأزمة".

عدا عن صلته بتركيا عبر البحر والجو، ظل القسم الشمالي معزولاً عن الجنوب إلى حين إقامة نقاط عبور في الاتجاهين عبر الخط الأخضر الفاصل الذي تشرف عليه الأمم المتحدة في الجزيرة في 2003. واليوم يتدفق القبارصة اليونانيون لملء سياراتهم بالبنزين الرخيص عبر المعابر، ما يتسبب في طوابير طويلة من الانتظار، لا سيما في نيقوسيا، آخر عاصمة مقسومة في العالم.

لكن محمد، الذي يمتلك مقهى في الجزء المحتل من العاصمة، لا يعتبر هذا الإقبال كافيا. يقول "لقد ارتفعت مصاريفي 50 بالمئة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتراجعت مدخراتي، وفقدت نصف قيمتها عملياً". في هذه الأثناء، تضاعفت تقريبا بالليرة التركية رسوم جامعة ابنه في بريطانيا.

قال محمد الذي فضل عدم الكشف عن اسمه الحقيقي "ما زلت قادراً على التعامل مع الوضع، لكن بمرور الوقت لن تكون لدى الناس الوسيلة لذلك".

جزيرة معزولة
وقال نامي إن سلطات الجيب الشمالي، حيث يعيش نحو 300 ألف شخص، نفذت سلسلة من الخطوات الرامية إلى "الحفاظ على التدفق النقدي في الاقتصاد". وإلى جانب إجراءات التقشف، تشمل الخطط المتبعة دعم أسعار البنزين وتخفيضات كبيرة في الضرائب على السلع الاستهلاكية والضرائب العقارية، وتقديم حوافز الى المستثمرين العقاريين الأجانب.

وقال نامي إن الوزراء والمشرعين وافقوا على خفض رواتبهم بنسبة 20 في المائة لمدة ستة أشهر، ووافقت نقابات القطاع العام على خفض بنسبة 15 في المائة في أجور ساعات العمل الإضافية.

لكن الأسعار في المتاجر ترتفع باطراد والمشتريات التي تحتاج ميزانيات كبيرة مثل الممتلكات العقارية والسيارات والسلع الإلكترونية - وكلها مسعرة بالعملة الأجنبية - باتت فوق قدرة معظم القبارصة الأتراك.

وقال اردال غوراي أستاذ الاقتصاد المساعد في جامعة خاصة في شمال قبرص والعضو السابق في مجلس إدارة البنك المركزي "من المستحيل بالنسبة لنا مواجهة هذه الازمة". وأضاف "ليست لدينا أدوات وليس لدينا مكان آخر نذهب إليه لأننا دولة غير معترف بها ... إن آثار الأزمة علينا أكبر بكثير مما هي عليه في تركيا. نحن جزيرة صغيرة معزولة. وليست لدينا موارد طبيعية ونعتمد على الواردات. كل شيء تقريبا يأتي من الخارج". ولا تنظم رحلات جوية أو بحرية من الشمال سوى إلى تركيا.

وقال محمد بينلي وهو صاحب سلسلة متاجر كبرى إن مبيعاته انخفضت بنسبة 30 في المئة وهو اتجاه "يُتوقع أن يزداد سوءا".أضاف أن الاجراءات الجديدة التي اتخذتها "الحكومة" تعتبر "محدودة جدا".

جانب إيجابي
لكن وفي حين يعاني القبارصة الأتراك من الوضع، يتدفق القبارصة اليونانيون عبر الحدود للاستفادة من السلع المدعومة وملء سياراتهم. وقال غوراي، "قبل الأزمة، لم يكن القبارصة اليونانيون يشترون أي شيء من هنا. كانوا يأتون لزيارة المواقع التاريخية، لكنهم الآن يتسوقون".

وتكتظ محطات الوقود في شمال الجزيرة بسيارات تحمل لوحات أرقام مسجلة في جمهورية قبرص. وقال مصطفى ديمدلين الذي يدير محطة بنزين بالقرب من المعبر البري الرئيس في نيقوسيا "زبائني القبارصة اليونانيون أكثر من القبارصة الأتراك... بعضهم يأتي للمرة الأولى".

يضيف إن "سعر البنزين هنا حوالي نصف سعره لديهم"، وفق صاحب المحطة البالغ من العمر 66 عاماً والذي ساهم زبائنه الجدد في رفع إجمالي مبيعاته بنسبة 50 إلى 60% منذ بداية الأزمة. ويقول بينلي إنه في نهاية الأسبوع يحقق 80 في المائة من الأرباح في متجره الأقرب إلى المعبر من القبارصة اليونانيين.

وقال غوراي "هذا هو الجانب الايجابي من الأزمة. ولكن إذا استمرت، وهو ما أتوقعه، ستستمر الأسعار في الارتفاع وسيتوقف القبارصة اليونانيون عن المجيء".
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد