: آخر تحديث

ارتياح لخروج اليونان من خطط المساعدات

66
91
53

أثينا: تخرج اليونان الإثنين من آخر خطط المساعدات المطبّقة منذ 2010 وهي أفضل حالًا، لكنها لا تزال تعاني من تبعات ثماني سنوات من التقشّف، فيما الأكثر شبابًا فيها لا يذكرون كيف كانت الأوضاع "من قبل".

وبعد البرتغال وإيرلندا وإسبانيا وقبرص، كانت اليونان آخر دول منطقة اليورو التي لا تزال قيد المساعدة الأوروبية منذ الأزمة الإقتصادية التي عرفتها هذه المنطقة.

تلقّت على مدى ثلاث خطط متتالية في 2010 و2012 و2015 قروضًا بقيمة 289 مليار يورو، غير أن الإصلاحات التي طالب بها صندوق النقد الدولي والسلطات الأوروبية في المقابل أنهكتها، مع تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة الربع خلال ثماني سنوات، ولم يستأنف النمو إلا عام 2017، فيما تدّنت نسبة البطالة للتو عن 20 في المئة، بعد تسجيل ذروة قدرها 27,5 في المئة في 2013.

أقرّ المدير العام لـ"آلية الإستقرار الأوروبية" التي تُدير البرنامج الحالي كلاوس ريغلينغ بأنه سيكون "من غير الصحيح القول إن كل شيء أُنجز على ما يرام"، في مقابلة أجرتها معه نشرة "شبيغل أونلاين" الإلكترونية الألمانية.

وأعرب ريغلينغ عن "إحترامه الهائل" لليونانيين الذين خسر معظمهم ثلث رواتبهم ومعاشاتهم التقاعدية خلال الأزمة. ويرى العديد من الخبراء على غرار الإقتصادي لدى مصرف "يوروبنك" تيودوروس ستاماتيو أن خطط المساعدة كان "لا بدّ منها" في بلد تأخرت فيه الإصلاحات كثيرًا، غير أن تبعاتها كانت في غاية القسوة.

لا انهيار جديدًا 
حاول رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس من حزب سيريزا اليساري الراديكالي مع وزير ماليته آنذاك يانيس فاروفاكيس تليين شروط البرنامج الثاني عند وصوله إلى السلطة في يناير 2015.

لكن بالرغم من "لا" حازم من اليونانيين للدائنين في إستفتاء شعبي، إضطر تسيبراس في نهاية الأمر إلى التوقيع على خطّة المساعدة الثالثة في يوليو التالي لتفادي خروج اليونان من اليورو.

تبدو جميع الأحزاب الكبرى ومنها سيريزا نفسه، على قناعة الآن بصوابية التشدّد المالي، وهو ما يعتبره أستاذ الإقتصاد نيكوس فيتاس أمرًا جيدًا، مشيرا إلى أنه "لم يعد هناك من يتكهن بانهيار جديد في اليونان".

وهو رأي سائد بصورة عامة، ولو أن أستاذ العلوم الإقتصادية في جامعة تولوز الأولى غابريال كولوتي المعارض بشدّة لخطط المساعدة، ما زال يتوقّع "إشتعالًا إجتماعيًا محتومًا" في اليونان.

يبقى أن البلد الذي حقق في 2016 و2017 فائضًا في الميزانية خارج خدمة الدين بحوالى 4 بالمئة، يتخطّى بكثير مطالب الجهات الدائنة، لم يتحرر بالكامل من قيود دائنيه، واضطر إلى إقرار إصلاحات مسبقًا للعامين 2019 و2020  وسيبقى قيد المراقبة سنوات عدّة.

قَبل بهذه الشروط لقاء إعادة جدولة ديونه من خلال منحه مهل سداد أطول بصورة خاصة، وهي ليونة إعتبرتها وكالة "فيتش" للتصنيف الإئتماني "جوهريا".

ورفعت الوكالة أخيرًا تصنيفها للدين السيادي اليوناني إلى "بي بي سلبي"، بفارق ثلاث درجات فقط عن تصنيف "بي بي بي" الذي تبدأ عنده بإعتبار الإقراض للبلد "جيد النوعية".

"الكابوس مستمر" 
يبقى السؤال مطروحًا عمّا إذا كان من الممكن احتمال خدمة هذا الدين الذي لا يزال يمثل 180 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي اليوناني على المدى البعيد.

ويشكّك صندوق النقد الدولي في أن يكون بإمكان أثينا الإيفاء بأعباء ديونها، وقرّر عدم المشاركة في خطّة المساعدات الثالثة بعدما عجز عن إقناع الدول الأوروبية بتخفيف ديون اليونان.

وتفضّل الحكومة اليونانية التركيز على إحتياجات التمويل السنوية التي ستبقى بفضل إدارة الدين أقل من 15 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي على الأمد المتوسط، ثم عشرين بالمئة بعد ذلك وهي نسبة تعتبرها أوروبا كبيرة. وقال مسؤول إن "الدين اليوناني ليس فقط لا يمكن تحمله، بل سيستمر طويلًا".

وترى الحكومة أنها قادرة على الإيفاء بإلتزاماتها حتى نهاية 2022، ويمكن أن تسمح لنفسها باختيار الأوقات المناسبة للجوء إلى أسواق المال.

وقال ريغلينغ لمجلة "دير شبيغل اونلاين" إن "أزمة اليورو انتهت (...) والعشرون من اغسطس هو خاتمتها". لكن تحسّن الأرقام الإقتصادية لا ينعكس فعليًا على اليونانيين.

ويشدّد فيتاس على "الضرورة الملّحة" لتسجيل "نمو قوي جدًا" في السنوات المقبلة يتجاوز ال2 بالمئة المتوقعة بشكل عام "وإلا ستتواصل معاناة العائلات".

في هذا الإطار من الصعب على اليونانيين الإشادة بنجاح لتسيبراس خصوصًا بعد الحريق الذي أودى بحياة 96 شخصًا بالقرب من أثينا مع إدارة سيئة للعمليات. وتقول وسائل الإعلام إن رئيس الوزراء سيكتفي بإلقاء كلمة متلفزة الثلاثاء.

ولخصت صحيفة "تا نيا" القريبة من المعارضة الشعور السائد قائلة "في الساعة صفر من 21 أغسطس تنتهي خطّة المساعدة ويستمر الكابوس".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد