: آخر تحديث
بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار

299 احتجاجًا عمّاليًا في مصر خلال عام

66
71
67

تزامنًا مع احتفال العمّال في مختلف أنحاء العالم بعيدهم غدًا الثلاثاء 1 مايو، رصد تقرير حقوقي عن تنظيم العمال في مصر 299 احتجاجًا خلال الفترة من أول مايو 2017 وحتى نهاية أبريل 2018.

إيلاف من القاهرة: قال تقرير حقوقي صادر من مؤشر الديمقراطية إن العمّال في مصر نظموا 299 احتجاجًا خلال الفترة من أول مايو 2017 حتى نهاية أبريل 2018، رغم كل ما واجهه العمال من قيود غير مسبوقة عمدت للحؤول دون خروجهم للاحتجاج أو التعبير عن مطالبهم بالسبل الاحتجاجية، لكن قاطرة الاحتجاجات العمالية استطاعت المضي قدمًا متخطية كعادتها القيود المفروضة كافة، ومنفذة ما متوسطه 25 احتجاجًا عماليًا شهريًا.

10 قطاعات محركة
وحسب التقرير الذي حصلت "إيلاف" على نسخة منه، فإن الاحتجاجات امتدت لتغطي كل أشهر التقرير، حيث تصدرها شهر يوليو 2017، الذي شهد 51 احتجاجًا، تلاه يونيو من العام نفسه محققًا 41 احتجاجًا، وجاء نوفمبر 2017 كثالث أكثر الشهور التي شهدت حراكًا احتجاجيًا عماليًا بنصيب 35 احتجاجًا، تلاه أغسطس من العام نفسه بـ 33 احتجاجًا عماليًا. 

ووفق الترتيب التنازلي لأكثر الشهور التي شهدت حراكًا احتجاجيًا عماليًا فقد شهد ديسمبر 2017، تنظيم 23 احتجاجًا، تلاه فبراير 2018 بـ 22 احتجاجًا، أعقبهم أكتوبر 2017 الذي شهد 21 احتجاجًا، ثم أبريل 2018 الذي شهد 19 احتجاجًا، ومايو 2017 بـ 17 احتجاجًا، في حين شهد يناير 2018 عدد 15 احتجاجًا عماليًا، في حين نظم العمال 12 احتجاجًا خلال مارس 2018، إضافة إلى 10 احتجاجات خلال سبتمبر من العام 2017.

أشكال الاحتجاجات العمالية

نفذ الاحتجاجات العمالية خلال فترة التقرير 10 قطاعات عمالية في مصر، جاء على رأسهم العمال بمختلف المصانع والشركات بعدما نظموا 89 احتجاجًا بمتوسط 30% من الحراك الاحتجاجي العمالي، جاء على رأسهم العاملون في قطاع الغزل والنسيج والقطاعات الصناعية المملوكة للدولة، مثل الحديد والصلب والقومية للأسمنت.

النقل متصدرًا
وكأحد تبعات قرارات رفع أسعار المحروقات، إضافة إلى إخفاقات هيئات الحكم المحلي في تنظيم عملية نقل الركاب، تصدر قطاع النقل والمواصلات ثاني أكبر القطاعات التي شهدت حراكًا احتجاجيًا، بعدما نظم العديد من الفئات العاملة فيه 45 احتجاجًا مثلوا 15 % من إجمالي الحراك الاحتجاجي العمالي خلال فترة التقرير.

استمرارًا لسوء إدارة منظومة التعليم، والتي تتسبب في العديد من الانتهاكات التي تواجه العاملين في هذا القطاع الذين نفذوا 40احتجاجًا خلال عام، وتصدروا ثالث أكثر الفئات العمالية احتجاجًا بعد تنفيذهم 13% من الحراك الاحتجاجي العمالي.

تصدر العاملون في القطاع الصحي رابع أكبر الفئات العمالية المحتجة، بعدما نظموا 35 احتجاجًا للمطالبة بحقوق تتعلق بمناخ العمل، وحصدوا نسبة 12% من الاحتجاجات العمالية خلال العام، في حين نظم الموظفون في باقي الهيئات والوزارت الحكومية 33 احتجاجًا مثلوا 11% من الحراك الاحتجاجي العمالي، ومثل أصحاب الأعمال الحرة، مثل أصحاب المخابز والورش، سادس أكثر الفئات احتجاجًا، بعدما نظموا 23 احتجاجًا مثلت 8% من الحراك العمالي.

الزراعة وشح المياه
وقال التقرير إن الانتهاكات غير المسبوقة التي طالت المؤسسات الإعلامية والصحافيين خصوصًا، دفعتهم إلى القيام برد فعل احتجاجي ضد ما يتعرّضون له من انتهاكات فجة، أهمها اقتحام نقابة الصحافيين وسجن ومحاكمة الصحافيين والاعتداء عليهم،  وهو ما عكسه 15 احتجاجًا نظمتها تلك الفئة التي استحوذت على 5% من الحراك الاحتجاجي العمالي.

كما دفعت قرارات نقيب المحامين وشروط القيد الجديدة في النقابة المحامين إلى تنظيم 10 احتجاجات مثلت 3% من الحراك الاحتجاجي العمالي، في حين نظم العاملون في قطاع الشباب والرياضة والمؤسسات التابعة لها 5 احتجاجات. أما مشكلات شح المياه وإخفاقات السياسات الزراعية للدولة فقد دفعت العاملين في قطاع الزراعة إلى تنظيم 4 احتجاجات، والتي يتوقع المؤشر أن تتنامى بشكل كبير خلال العام الحالي والمقبل، خاصة بعد قرارات منع زراعة بعض المحاصيل، مثل الأرز، وكذلك استمرار أزمة شح المياه في الأيام المقبلة.

أضاف التقرير أن المطالب والأسباب الاحتجاجية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية حركت 282 احتجاجًا عماليًا، واستحوذت تلك المطالب على 94 % من الحراك الاحتجاجي العمالي، بشكل صبغ هذا الحراك بصبغة اقتصادية واجتماعية بالأساس، ونفى عنه كل ما أثير ضده من اتهامات بالتسييس أو التحزب، واستطاع مؤشر الديمقراطية حصر أهم تلك المطالب وفق التصنيفات الآتية:

مطالب بالمساواة
خرج 150 احتجاجًا من كل قطاعات القوى العاملة المحتجة للمطالبة بأجور ومستحقات أو متعلقات وحوافز مالية، بشكل جعل قضية الأجور تستحوذ على 50% من مطالب الحراك الاحتجاجي العمالي، حيث مثلت أزمة تعويم الجنيه المصري وانخفاض القيمة الشرائية له بمقدار النصف تقريبًا؛ الوقود المحرك لتلك الأزمة في ظل افتقار السياسات الحالية لأية مسارات أو حلول تستطيع التخفيف من حدة تلك الأزمة، بل الأكثر من ذلك أن بعض القرارات قد زادت من حجم المشكلة، مثل قرار علاوة الـ10% الخاصة بمواجهة الغلاء، والتي استفادت منها بعض الشرائح العمالية دون غيرها، مما خلق أزمة جديدة دفعت العمال إلى المطالبة بالمساواة كمطالب عمال الغزل والنسيج.

القطاعات العمالية المحتجة

قرارات أخرى أثارت العاملين في قطاع النقل، وذلك بعد عدم السماح برفع تعريفة المواصلات، عقب ارتفاع أسعار المحروقات وانخفاض قيمة الجنيه، وهو ما ساهم في خلق المزيد من الأزمات.

أخيرًا فإن عنصر الرواتب والأجور والمستحقات المالية كان ولا يزال المطلب الأول على أجندة أولويات المحتجين الذين تعصف بهم انقطاع الأجور والرواتب وغياب تشريعات وسياسات عادلة لضبط الأجور والمرتبات في مصر، وغياب حلول بديلة لمصلحة القوى العاملة المصرية.

ضد كبت الحريات
خرج العمال في 78 احتجاجًا مثلت 26% من المطالب الاحتجاجية العمالية ضد القرارات والسياسات والإجراءات التعسفية سواء من قبل أصحاب الأعمال أو مسؤولين في السلطة التنفيذبة بشكل أثر سلبًا أو انتهك حق العمال، تتمثل أهم تلك القرارات في القبض على العمال والتحقيق معهم أو مهاجمة أماكن أعمالهم، مثلما حدث مع نقابة الصحافيين أو القبض على العمال المحتجين في شركات ميدكوم أسوان للأسمنت والمصرية للاتصالات أو أسمنت طرة، إضافة إلى العديد من القرارات التي أثرت سلبًا على عمال الحرف والصناعات المتنوعة الأخرى.

انتهج العمال 19 أسلوبًا احتجاجيًا متنوعًا، إضافة إلى انتهاجهم السلمية في 288 احتجاج بنسبة 96.3%، في حين تصدرت الوقفات الاحتجاجية كأول أساليب الاحتجاج العمالي بعدما شهد عام 2017 ما عددها 108 وقفات احتجاجية مثلت 36% من الأساليب الاحتجاجية، في حين رصد المؤشر 80 إضرابًا عماليًا عن العمل مثلت 27% من الوسائل الاحتجاجية، في حين جاء الاعتصام كثالث الطرق الاحتجاجية التي انتهجها العمال، بعدما نظموا 29 اعتصامًا، تلاه التجمهر الذي انتهج في 27 احتجاجًا ومثل 9% من أدوات الاحتجاج العمالي.

كما رصد المؤشر 12 حالة إضراب عن الطعام، شملت واحدة من أطول الإضرابات العمالية عن الطعام، والتي نفذها العامل ناجي رشاد، كما استخدم العمال تقديم الشكاوى الاحتجاجية في 9 حالات، والتظاهرات في 7 احتجاجات، لكن أخطر الوسائل الاحتجاجية التي انتهجها العمال كانت الانتحار أو التهديد بالانتحار، حيث رصد المؤشر 7 محاولات للانتحار الاحتجاجي كنتيجة للضائقات المالية التي يمر بها العمال والتعسف في العمل، والتي أودت بحياة 4 عاملين بالفعل.

لا مركزية عمالية
شهدت الاحتجاجات العمالية حالتين لقطع طريق، وحالتين لعقد اجتماع جمعية عمومية طارئة كشكل احتجاجي، إضافة إلى مؤتمر صحافي احتجاجي وحالة لاحتجاز شخص، وأخرى للامتناع عن استلام الراتب، وثالثة لرفض استلام حصة دقيق، كثلاثة أشكال احتجاجية مختلفة.

وحسب التقرير، فإن الاحتجاجات العمالية عمّت 25 محافظة في الجمهورية، ورغم تصدر القاهرة كعادتها لخريطة الحراك الاحتجاجي العمالي، بعدما شهدت 77 احتجاجًا مثلوا 26% من جملة الاحتجاجات العمالية، إلا أن لا مركزية الاحتجاجات العمالية كانت السمة الطاغية على حراكهم الاحتجاجي، حيث تصدرت محافظة الغربية ثاني أكثر المحافظات التي شهدت احتجاجات عمالية بعدما شهدت 22 احتجاجًا، تلتها كفر الشيخ في المركز الثالث بـ 20 احتجاجًا، وفي المركز الرابع جاءت الإسكندرية بـ17 احتجاجًا، في حين تساوت محافظات الشرقية والمنوفية وبني سويف بعدما شهدوا 14 احتجاجًا لكل منهم.

المعدل الشهري للاحتجاجات العمالية خلال عام

ورصد المؤشر انتهاج الحكومة وأصحاب الأعمال لمجموعة من السياسات تجاه الحراك العمالي بشكل خاص وتجاه إدارة دولاب العمل المصري بشكل عام، مثلت في مجملها انعكاسًا لوضعها على القائمة السوداء لمنظمة العمل الدولية، فقد تعرّض العمال المحتجون لـ 11 حالة فض لاحتجاجاتهم بالقوة الأمنية التي استهدفت الإضرابات في معظمها، كما قبضت قوات الأمن على أكثر من 95 عاملًا ونقابيًا، بينما تعرّض العمال والنقابيون للعديد من التهديدات الأمنية وكذلك شاركت مختلف الجهات الأمنية في القبض عليهم والتحقيق معهم.

تحقيقات ومحاكمات
رصد المؤشر القبض على 5 عمال من سكر الفيو، 16 عاملًا من المصرية للاتصالات، إضافة إلى 22 عاملًا من شركة أسمنت طرة، فيما تم القبض على 10 عمال من مصنع ميدكوم أسوان للأسمنت، و21 سائقًا من محافظات سوهاح ودمنهور والمنوفية،     و11 عاملًا ونقابيًا بالضرائب العقارية، إضافة إلى 6 عمال في شركة بسكو مصر، واختفى محصل في شركة شبكات غاز مصر من قبل جهات أمنية.

رصد المؤشر مواجهة 186 عاملًا للمحاكمات والتحقيقات لأسباب تتعلق باحتجاجاتهم أو حتى محاولتهم الاحتجاج، بشكل عكس سياسة العداء التي انتهجها أصحاب الأعمال والمؤسسات التنفيذية ضد الحراك العمالي، فيما حكم على العشرات من العمال بأحكام تتراوح من شهر إلى 3 سنوات إضافة إلى العزل الوظيفي والغرامة.

رصد التقرير تعرّض 36 ممرضة في مستشفيات جامعة الزقازيق، و50 أمين شرطة، و12 سائقًا بالمنوفية، و8 عمال بميدكوم أسوان، و9 محامين بالشرقية، و38 فني تمريض بمستشفى شبين الكوم التعليمية، و20 عاملًا بمجموعة سيراميكا لابوتية بالعاشر من رمضان و6 عمال بشركة مسكو مصر، إضافة إلى رئيس النقابة العامة للضرائب العقارية، للتحقيقات والمحاكمات خلال فترة التقرير.

ولا يزال عشرات العمال يحاكمون منذ سنوات في المحاكم المدنية والعسكرية، وعلى رأسهم 27 من عمال الترسانة البحرية بالإسكندرية والذين يواجهون المحاكمات العسكرية منذ 2016.

فصل ونقل
رصد التقرير تعرض 147 عاملًا للفصل والنقل والوقف من أعمالهم لأسباب تتعلق بالاحتجاج والتظاهر السلمي، حيث تم فصل 4 عمال بإتحاد عمال مصر، و40 أمين شرطة، وعاملًا بالنصر للغزل والنسيج، و26 عاملًا بشركة بست تشيز، وممرضة بمستشفى عين شمس التخصصي.

بينما رصد المؤشر حالات وقف عن العمل ضد 15 ممرضة بمستشفيات جامعة الزقازيق و5 عاملات بشركة مصر للغزل والنسيج و10 عمال بأسمنت طره إضافة إلى 36 محصلًا بشركة شبكات غاز الاسكندرية، فيما تم منع 6 عمال بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة، و4 محصلين لشبكات الغاز الطبيعي.

ورصد المؤشر خسارة الدولة للمليارات سنويًا نتيجة الفساد والإهمال الذي تعاني منه شركات القطاع العام من دون وجود أي تدخل حقيقي من الدولة لإصلاح تلك المنظومة، في حين ربما تتورط السياسات التنفيذية في المزيد من التوجه لخصخصة وتدمير هذا القطاع، ففي الوقت الذي تخسر فيه صناعة النسيج حوالى 2 مليار جنيه سنويًا من دون أي تدخل واضح من الدولة سوى بالتضييق على عمالها، تأثر 1200 مصنعًا وورشة للصناعات التكميلية للغزل والنسيج بهذا الإهمال، مما أدى إلى تصفية وإغلاق تلك المصانع والورش أو خسارة نحو 20000 عاملً بتلك الورش أعمالهم.

ارتفاع سعر الأدوية
بينما في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار الدواء، تنهار حاليًا الشركة المصرية لتجارة الأدوية بعد تكبدها خسارات تتجاوز الـ600 مليون جنيه، فيما سحبت الشركة قروضًا من البنوك على المكشوف تقدر بـ4 مليارات جنيهًا مصريًا.

وكمثيلاتها حققت القومية للأسمنت 582 مليون جنيهًا مصريًا كخسائر خلال الموازنة المالية 2017، لتطرح هي الأخرى تساؤلًا مهمًا عن قطاع الصناعة المصري الذي أصبح يكبد الدولة المليارات من الخسائر السنوية عوضًا من الربح، ويطرح التساؤل المستمر عن من هو المتسبب والمتورط ومن هو المسؤول عن تلك الخسارات التي لا تعبّر سوى عن فساد وسوء الإدارة.

الأمر الأكثر تعقيدًا هو عشرات الآلاف من العمل المهددين بخسارة أعمالهم ووظائفهم كنتاج لسياسات الخصخصة وهدم القطاع العام.

مطالب الاحتجاجات العمالية

وخسرت شركة مصر للغزل والنسيج حوالى 50 إلى 70 مليون جنيهًا وفق تصريحات مسؤولين بالشركة القابضة للغزل والنسيج، كنتيجة لإضراب العمال بالشركة عن العمل مده 14 يومًا، للمطالبة بتطبيق علاوة الغلاء المقدرة بـ10% عليهم، الأمر بدا في جملته نموذجًا حيًا على الإخفاق التام في سياسات التفاوض مع العمال، والتي بدأت بالتجاهل التام لمطالبهم من قبل القوى العاملة، ثم تهدئتهم تحت وعود كاذبة، ثم تهديدهم بالتسريح والسجن، ثم تشويه صورة إضرابهم وتسييسه، وأخيرًا الامتثال إلى مطالبهم، ثم بعد التهدئة يتم القبض على 6 من العمال بتهمة التحريض على الإضراب، في نموذج مكرر من حقبة القبضة الأمنية، بشكل جعل الدولة تخسر عشرات الملايين، بسبب إما إخفاقها أو مجابهتها للعمال عوضًا من تحقيق مطالبهم.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد