: آخر تحديث
زيارة ولي العهد السعودي رفعت فرص بريطانيا

أرامكو تفضل لندن لطرح عام أولي تاريخي

79
81
91

إيلاف من لندن: في الوقت الذي تمر فيه بريطانيا بحالة من الترقب والقلق والمجهولية بسبب الخروج من الاتحاد الأوروبي (البريكسيت) وتداعياته، أتت زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والوفد الرفيع المستوى المرافق له إلى لندن لتبعث نوعا من الدعم المعنوي والمادي لبريطانيا. 

وأشارت الصحف باسهاب للاستثمارات السعودية البالغة 65 مليار استرليني أي نحو 95 مليار دولار خلال الأعوام القليلة المقبلة.  

ولكن الجائزة الكبرى التي تريدها اسواق المال والأعمال في العاصمة البريطانية هو ان تختار السعودية بورصة لندن لطرح ما يقارب 5% من قيمة أرامكو كبديل لنيويورك وهونغ وكونغ وطوكيو.

وفي نوفمبر الماضي، قال متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إن بورصة لندن قدمت مسوغات قوية جدا لشركة أرامكو السعودية لإدراج أسهمها في بريطانيا، بعدما عبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن تقديره لأهمية إدراج أسهم أرامكو في بورصة نيويورك.

وقال المتحدث البريطاني إن "من الواضح أن هناك الكثير من أسواق الأسهم الكبرى المهتمة بأرامكو بما في ذلك بورصة لندن التي نعتقد أنها قدمت مسوغات قوية جدا" لطرح أسهم الشركة السعودية.

أرامكو عملاق طاقة عالمي

عملاق الطاقة أرامكو لاعب ضخم على الساحة النفطية. من كل 10 براميل نفط يستهلكها العالم اكثر من واحد منها تنتجه أرامكو أي اكثر من 10% من الانتاج العالمي يأتي من أرامكو، وغالبية الانتاج السعودي تأتي من أكبر حقل نفطي في العالم وهو حقل الغوار. 

أضف إلى ذلك أن ارامكو تقوم بتشغيل مصافي نفط تكريرية تمتد من اليابان مرورا بالصين وإلى الولايات المتحدة. أرامكو التي تم تأسيسها عام 1933 تعتبر من ناحية الانتاج أكبر من اكسون-موبيل ورويال دويتش شل وبريتيش بيتروليوم مجتمعة.

وتتوقع السعودية أن تجني 100 مليار دولار مقابل 5% من قيمتها مما يجعل قيمتها الكلية حوالي 2 ترليون دولار وهذا يعني ان القيمة الاجمالية المالية لأرامكو تزيد 10 مرات عن القيمة الاجمالية لرويال دوتيش شل وبريتيش بيتروليوم بي بي. 

العنصر المجهول في معادلة الطرح الأولي لأسهم أرامكو في البورصات العالمية هو ماذا سيكون سعر النفط عند طرح الأسهم في البورصة عام 2019. تتأرجح الأسعار الآن حول 65 دولاراً للبرميل.

وهناك اهتمام في الغرب خاصة في الولايات المتحدة بدقة المعلومات المتعلقة بمقدار الاحتياطات السعودية من النفط الخام. الرقم الرسمي حاليا هو 260 مليار برميل وهو أكبر احتياطي في العالم. وفي هذا السياق تقول صحيفة "الديلي تلغراف" البريطانية إن قيمة أرامكو السوقية تعتمد على مصداقية وشفافية المعلومات المتعلقة بالاحتياط.

عدم جاذبية بورصة نيويورك

ويتحدث وزير الطاقة السعودي خالد الفالح بصراحة عن عدم جاذبية بورصة نيويورك.

ويبدو أن نيويورك ستكون أشد صعوبة من لندن كمركز لطرح أسهم  أرامكو. العقبات في نيويورك ترتبط بمسائل تتعلق بقانون "جاستا" او العدالة من اجل ضحايا ارهاب 11 سبتمبر 2001 وأيضا التحقيق بعمق في مسألة الاحتياط النفطي والتوقعات لأسعار النفط خلال عام 2019. 

ولا بد من الإشارة لما قاله وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، في مقابلة مع قناة سي.إن.إن التلفزيونية الإخبارية، "إن السعودية لديها بواعث قلق بشأن المخاطر التي قد تواجهها شركة أرامكو النفطية العملاقة إذا اختارت بورصة نيويورك كموقع لطرح عام أولي. 

ونقلت سي.إن.إن عن الفالح قوله: "يمكنني القول بأن التقاضي والمسؤولية القانونية هما مصدر قلق كبير في الولايات المتحدة... بمنتهى الصراحة، أرامكو السعودية كبيرة جدا ومهمة جدا، بحيث يجب ألّا تكون المملكة عرضة لذلك النوع من المخاطر".

ونقلت سي.إن.إن عن الفالح قوله: "بورصة لندن واحدة من أفضل أسواق الأسهم في العالم، إنها محكومة بقواعد تنظيمية جيدة، ونحن نحترمها... إن لديها عددا كبيرا جدا من الشركات، بما في ذلك في قطاعي النفط والغاز".

وأضاف قائلا: "في ما يتعلق بالإعلان عن الإدراج الثاني، فإنه سيصدر في الوقت المناسب. لكن نيويورك ما زالت قيد الدراسة، ولندن ما زالت قيد الدراسة، وهناك بورصات أخرى قيد الدراسة.

بورصة لندن تذلل العقبات الاجرائية والقانونية

وبعكس نيويورك تحظى بورصة لندن بمزايا هامة مثل الدعم القانوني الحكومي حيث تم تذليل الكثير من العقبات والعراقيل الاجرائية والقانونية لتسهيل عملية الطرح الأولي وحتى أن هيئة السلوك المالي تضغط من أجل وضع التسهيلات اللازمة والتنازل عن بعض الشروط الأساسية. 

على سبيل المثال لا تقبل بورصة لندن طرح اقل من 25% من قمية الشركة التي ترغب الادراج في فئة ما يدعى "طرح المستوى الرفيع"، وهو الادراج الذي يخضع لشروط وأحكام قاسية.  وقد يتم قبول أرامكو كحالة استثنائية. 

وتدرس الجهات المنظمة للأسواق المالية في بريطانيا تخفيف القواعد بما يتيح للشركات التي تسيطر عليها الحكومات مثل أرامكو الإدراج في بورصة لندن دون عوائق. ومن مزايا لندن الهامة كونها مركزا ماليا دوليا، ولها باع طويل وخبرة طويلة في معاملات بيع وشراء السلع الدولية وتعويم أسهم الشركات الكبرى في بورصة لندن.

ولا يمكن تجاهل اهمية السعودية كمستورد كبير للأسلحة والتقنيات الدفاعية البريطانية ومستثمر كبير في الاقتصاد البريطاني.

والمنافس الآخر لبورصة لندن هي بورصة هونغ كونغ والتي تتمتع بمزايا مثل قربها من الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والتي تستورد حاليا 1.1 مليون برميل يوميا من النفط السعودي.

ومما هو واضح أن زيارة ولي العهد السعودي إلى بريطانيا والولايات المتحدة ستلعب دوراً حاسماً في تشكيل القرار بخصوص موقع إدراج شركة النفط العملاقة أرامكو.

وبالتأكيد، فإن لندن ونيويورك لا تزالان في المنافسة، لكن مصادر قالت إن بعض المسؤولين والمستشارين السعوديين يعتبرون أن اشتراط البورصتين الإفصاح عن قدر من المعلومات الحساسة بخصوص أرامكو، أكبر مما تطلبه بورصة هونج كونج بمثابة عقبة أمام الإدراج فيهما.

وكما يبدو الآن بورصة لندن ستكون الأكثر حظاً من المنافسة في جذب أرامكو. وزادت فرص لندن للفوز بالصفقة الضخمة بعد زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى المملكة المتحدة.

وتقول مصادر إعلامية من صحف المال والأعمال إن هناك دلائل واضحة أن لندن ترحب بأرامكو وتحتاج إلى طرحها العام الأولي لجذب المزيد من الكيانات الحكومية وإثبات أنها لا تزال مكاناً جيداً لأنشطة الأعمال بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد